قالَ : فأخبِرْني هَل يُعابُ شَيءٌ مِن خَلقِ اللَّهِ وتَدبيرِهِ ؟ قالَ : لا ، قالَ : فإنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلقَهُ غُرْلاً ، أذلكَ مِنهُ حِكمَةٌ أم عَبَثٌ ؟
قالَ : بَل حِكمَةٌ مِنهُ .
قالَ : غَيَّرتُم خَلقَ اللَّهِ وجَعَلتُم فِعلَكُم في قَطعِ الغُلْفَةِ أصوَبَ مِمّاخَلَقَ اللَّهُ لَها ، وعِبتُم الأغلَفَ واللَّهُ خَلَقَهُ ، ومَدَحتُمُ الخِتانَ وهُوَ فِعلُكُم ، أم تَقولونَ : إنَّ ذلكَ مِنَ اللَّهِ كانَ خَطَأً غَيرَ حِكمَةٍ ؟ !
قالَ عليه السلام: ذلِكَ مِنَ اللَّهِ حِكمَةٌ وصَوابٌ ، غَيرَ أ نَّهُ سَنَّ ذلكَ وأوجَبَهُ عَلى خَلقِهِ ، كما أنَّ المَولودَ إذا خَرَجَ مِن بَطنِ اُمِّهِ وَجَدنا سُرَّتَهُ مُتَّصِلَةً بِسُرَّةِاُمِّهِ ، كذلكَ خَلَقَها الحَكيمُ ، فأمَرَ العِبادَ بِقَطعِها ، وفي تَركِها فَسادٌ بَيِّنٌ لِلمَولودِ والاُمِّ ، وكذلكَ أظفارُ الإنسانِ أمَرَ إذا طالَتْ أن تُقلَمَ ، وكانَ قادِراً يَومَ دَبَّرَ خَلقَ الإنسانِ أن يَخلُقَها خِلقَةً لا تَطولُ ، كذلكَ الشَّعَرُ مِنَ الشّارِبِ والرَّأسِ يطَولُ فيُجَزُّ ، وكذلكَ الثِّيرانُ خَلَقَها اللَّهُ فُحولَةً وإخصاؤها أوفَقُ ، ولَيسَ في ذلكَ عَيبٌ في تَقديرِ اللَّهِ عَزَّوجلَّ .۱
(انظر) الدعاء : باب 1207 حديث 5847 .
بيان :
قال العلّامة الطباطبائيّ في «الميزان في تفسير القرآن» تحت عنوان «بحث في حكمته تعالى ومعنى كون فعله مقارناً للمصلحة» : الحركات المتنوّعة المختلفة التي تصدر منّا إنّما تُعدّ فعلاً لنا إذا تعلّقت نوعاً من التعلّق بإرادتنا ، فلا تعدّ الصحّة والمرض والحركة الاضطراريّة بالحركة اليوميّة أو السنويّة مثلاً أفعالاً لنا ، ومن الضروريّ أنّ إرادة الفعل تتبع العلم برجحانه والإذعان بكونه كمالاً لنا ، بمعنى كون فعله خيراً من تركه ونفعه غالباً على ضرره ، فما في الفعل من جهة الخير المترتّب عليه هو المرجّح له ، أي هو الذي يبعثنا نحو الفعل ، أي هو السبب في فاعليّة الفاعل منّا ،