157
ميزان الحکمه المجلد السابع

ميزان الحکمه المجلد السابع
156

۱۶۳۲۳.الإمامُ الصّادقُ عليه السلام : لايكونُ الرجُلُ فَقيهاً حتّى‏ لايُبالِيَ أيَّ ثَوبَيهِ ابتَذَلَ ، وبما سَدَّ فَورَةَ الجُوعِ .۱

۱۶۳۲۴.الإمامُ الرِّضا عليه السلام- عن آبائهِ عليهم السلام -: رُفِعَ إلى‏ رسولِ اللَّهِ قَومٌ في بَعضِ غَزَواتِهِ ، فقالَ : مَنِ القَومُ ؟ فَقالوا : مُؤمنونَ يارسولَ اللَّهِ . قالَ : وما بَلَغَ مِن إيمانِكُم ؟ قالوا : الصَّبرُ عندَ البَلاءِ ، والشُّكرُ عندَ الرَّخاءِ ، والرِّضا بالقَضاءِ ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله : حُلَماءُ عُلَماءُ كادُوا مِن الفِقهِ‏۲ أن يَكونوا أنبياءَ ۳ . ۴

1.الخصال : ۴۰/۲۷.

2.قال أبو حامد في بيان مابدِّل من ألفاظ العلوم : اعلم أنَّ منشأ التباس العلوم المذمومة بالعلوم الشرعيَّة تحريف الأسامي المحمودة وتبديلها ونقلها بالأغراض الفاسدة إلى‏ معانٍ غير ما أراده السلف الصالح والقرن الأوّل ، وهي خمسة ألفاظ : الفقه ، والعلم ، والتوحيد ، والتذكير ، والحكمة ؛ فهذه أسامي محمودة ، والمتَّصفون بها أرباب المناصب في الدِّين ، ولكنَّها نُقلت الآن إلى‏ معانٍ مذمومة فصارت القلوب تنفر عن مذمَّة من يتَّصف بمعانيها لشيوع إطلاق هذه الأسامي عليهم . اللفظ الأوّل : الفقه ، فقد تصرَّفوا فيه بالتخصيص لا بالنقل والتحويل ؛ إذ خصَّصوه بمعرفة الفروع الغريبة في الفتاوى‏ ، والوقوف على دقائق عللها ، واستكثار الكلام فيها ، وحفظِ المقالات المتعلَّقة بها ، فمن كان أشدَّ تعمُّقاً فيها وأكثر اشتغالا بها يقال : هو الأفقَه ! ولقد كان اسم الفقه في العصر آفات النفوس ، ومفسدات‏الأوّل مُطلَقاً على‏ عِلم طريق الآخرة ، ومعرفة دقائق الأعمال ، وقوَّة الإحاطة بحقارة الدنيا ، وشدّة التطلُّع إلى‏ نعيم الآخرة ، واستيلاء الخوف على القلب . ويدلُّك على‏ ذلك قول اللَّه تبارك وتعالى‏ : (لِيَتَفَقَّهوا في الدِّينِ وليُنْذِرُوا قَومَهُم إذا رَجَعُوا إلَيهِم) التوبة : ۱۲۲ . وما به الإنذار والتخويف هو هذا العلم وهذا الفقه دون تفريعات الطَّلاق واللِّعان والسلم والإجارة ، فذلك لايحصل به إنذار ولاتخويف ، بل التجرُّد له على الدوام يقسي القلب وينزع الخشية منه كما يشاهد من المتجرِّدين له ، قالَ اللَّه تعالى‏ : (لَهُم قُلُوبٌ لايَفْقَهُونَ بِها) الأعراف : ۱۷۹. وأراد به معاني الإيمان دون الفتاوى‏ . ولَعَمري الفقه والفهم في اللغة اسمان لمعنىً واحد ، وإنّما يتكلَّم في عادة الاستعمال قديماً وحديثاً ، وقال تعالى‏ : (لأَنتُم أشَدُّ رَهْبَةً في صُدُورِهِم مِنَ اللَّهِ ذلكَ بأ نّهُم قَومٌ لايَفْقَهونَ) الحشر : ۱۳ . فأحال قلَّة خوفهم من اللَّه عَزَّوجلّ واستعظامهم سطوةَ الخلق على قلَّة الفقه ، فانظر أكان ذلك نتيجة عدم الحفظ لتفريعات الفتاوى‏ والأقضيَة ، أو هو نتيجة عدم ما ذكرناه من العلوم ؟ وقد قال صلى اللَّه عليه وآله : «عُلَماءُ حُكَماءُ فُقَهاءُ». للذين وفَدوا عليه . وقالَ صلى اللَّه عليه وآله : «ألا اُنبِّئكُم بالفَقيهِ كُلِّ الفَقيهِ ؟ قالوا : بلى‏ ، قالَ صلى اللَّه عليه وآله : مَن لم يُقَنِّطِ الناسَ مِن رَحمَةِ اللَّهِ - سبحانَهُ - ولم يُؤمِنْهُم مِن مَكرِ اللَّهِ - عَزَّوجلَّ - ولم يُؤيِسْهُم مِن رَوحِ اللَّهِ - عَزَّوجلَّ - ولم يَدَعِ القرآنَ رَغبَةً عَنهُ إلى‏ ما سِواهُ» . وقالَ صلى اللَّه عليه وآله : «لايَفقَهُ العَبدُ كلَّ الفِقهِ حتّى‏ يَمقُتَ الناسَ في ذاتِ اللَّهِ عَزَّوجلَّ ، وحتّى‏ يَرى لِلقرآنِ وُجوهاً كثيرَةً» . وروي أيضاً موقوفاً على‏ أبي الدَّرداء مع قوله صلى اللَّه عليه وآله «ثُمّ يُقبِلَ على‏ نفسِهِ فيَكونَ لَها أشَدَّ مَقتاً» . وقال بعض السلف : إنّما الفقيه الزاهد في الدنيا ، الراغب في الآخرة ، البصير بدينه ، المداوم على‏ عبادة ربِّه ، الوَرِع الكافُّ نفسَه عن أعراض المسلمين ، العفيف عن أموالهم ، الناصح لجماعتهم . ولم يَقُل في جميع ذلك ، الحافظ لفروع الفتاوى‏ . ولست أقول : إنّ اسم الفقه لم يكن متناولا للفتاوى‏ في الأحكام الظاهرة ، ولكن كان بطريق العموم والشمول أو بطريق الاستتباع ، وكان إطلاقهم له على‏ علم الآخرة وأحكام القلب أكثر ، فثار من هذا التخصيص تلبيس بعض الناس علَى التجرُّد له والإعراض عن علم الآخرة وأحكام القلب ووجدوا على‏ ذلك معيناً من الطبع ؛ فإنَّ علم الباطن غامض والعمل به عسير والتوصُّل به إلى‏ طلب الولاية والقضاء والجاه والمال متعذِّر ، فوجد الشيطان مجالا لتحسين ذلك في القلوب بواسطة تخصيص اسم الفقه الذي هو اسم محمود في الشرع. (المحجّة البيضاء : ۱/۸۱ - ۸۳) . وقال الشهيد الثاني رضوان اللَّه تعالى‏ عليه في «مُنية المُريد » : ... إنَّ مجرَّد تعلُّم هذه المسائل المدوَّنة ليس هو الفقه عند اللَّه تعالى‏ ، وإنّما الفقه عند اللَّه تعالى‏ بإدراك جلاله وعظمته ، وهو العلم الذي يورث الخوف والهيبة والخشوع ويحمل علَى التقوى ومعرفة الصفات المَخوفة فيجتنبها والمحمودة فيرتكبها ، ويستشعر الخوف ويستثير الحزن كما نبَّه اللَّه تعالى عليه في كتابه بقوله : (فلَولا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرقَةٍ مِنهُم طائفَةٌ ليتَفقَّهوا في الدِّينِ ولِيُنذِروا قَومَهُم إذا رَجَعوا إلَيهِم). والذي يحصل به الإنذار غير هذا العلم المدوَّن ، فإنَّ مقصود هذا العلم حفظ الأموال بشروط المعاملات ، وحفظ الأبدان بالأموال ، وبدفع القتل والجراحات ... وإنّما العلم المهمُّ هو معرفة سلوك الطريق إلَى اللَّه تعالى‏ وقطع عَقَبات القلب التي هي الصفات المذمومة وهي الحجاب بين العبدوبين اللَّه تعالى‏، فإذا مات‏ملوَّثاً بتلك الصفات كان محجوباً عن اللَّه تعالى‏ ، ومن ثمَّ كان العلم موجباً للخشية. (منية المريد:۱۵۷).

3.مشكاة الأنوار : ۷۵/۱۴۳ .

4.(انظر) الإيمان : باب ۲۶۹ حديث ۱۳۸۸.

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد السابع
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 237396
الصفحه من 640
طباعه  ارسل الي