193
ميزان الحکمه المجلد السابع

من جهة أنّه اجتماع - لا يشكّ في أنّ هذا الاجتماع إنّما كوّنته ثمّ شعّبته وبَسَطته إلى‏ شُعَبه وأطرافه الطبيعة الإنسانية ، لِما استشعرت بإلهام من اللَّه سبحانه بجهات حاجتها في البقاء والاستكمال إلى‏ أفعال اجتماعيّة ، فتلتجئ إلى الاجتماع وتلزمها لتوفّق إلى‏ أفعالها وحركاتها وسكناتها في مهد تربية الاجتماع وبمعونته . ثمّ استشعرت وألهمت بعلوم (صور ذهنيّة) وإدراكات توقعها على المادّة ، وعلى‏ حوائجها فيها وعلى أفعالها ، وجهات أفعالها تكون هي الوصلة والرابطة بينها وبين أفعالها وحوائجها كاعتقاد الحُسن والقُبح ، وما يجب ، وما ينبغي، وسائر الاُصول الاجتماعيّة ، من الرئاسة والمرئوسيّة والملك والاختصاص، والمعاملات المشتركة والمختصّة ، وسائر القواعد والنواميس العموميّة والآداب والرسوم القوميّة التي لا تخلو عن التحوّل والاختلاف باختلاف الأقوام والمناطق والأعصار. فجميع هذه المعاني والقواعد المستقرّة عليها من صُنع الطبيعة الإنسانيّة بإلهام من اللَّه سبحانه ، تلطّفت بها طبيعة الإنسان لتمثّل بها ما تعتقدها وتريدها من المعاني في الخارج ، ثمّ تتحرّك إليها بالعمل والفعل والترك والاستكمال .
والتوجّه العباديّ إلى اللَّه سبحانه ، وهو المنزَّه عن شؤون المادّة ، والمقدَّس عن تعلّق الحسّ الماديّ إذا اُريد أن يتجاوز حدَّ القلب والضمير، وتنزل على‏ موطن الأفعال - وهي لا تدور إلّا بين المادّيات - لم يكن في ذلك بدّ ومَخلَص من أن يكون على‏ سبيل التمثيل بأن يلاحظ التوجّهات القلبيّة على اختلاف خصوصيّاتها ، ثمّ تمثّل في الفعل بما يناسبها من هيئات الأفعال وأشكالها ، كالسجدة يراد بها التذلّل ، والركوع يراد به التعظيم ، والطواف يراد به تفدية النفس ، والقيام يراد به التكبير ، والوضوء والغسل يراد بهما الطهارة للحضور ، ونحو ذلك . ولا شكّ أنّ التوجّه إلى المعبود ، واستقباله من العبد في عبوديّته روح عبادته ،


ميزان الحکمه المجلد السابع
192

57 دقيقة وطول 39 درجة [و ]59 دقيقة وانحراف صفر درجة 45 دقيقة تقريباً ، وانطبق على‏ ذلك قبلة المحراب أحسن الانطباق ، وبدت بذلك كرامة باهرة للنبيّ في قبلته التي وَجّه وجهَه إليها وهو في الصلاة ، وذكر أنّ جبرئيل أخذ بيده وحوّل وجهه إلى الكعبة ، صدق اللَّه ورسوله .
ثمّ استخرج بعده المهندس الفاضل الزعيم عبدالرزاق البغائريّ رحمة اللَّه عليه قبلة أكثر بقاع الأرض ، ونشر فيها رسالة في معرفة القبلة ، وهي جداول يذكر فيها ألف وخمسمائة بُقعة من بقاع الأرض ، وبذلك تمّت النعمة في تشخيص القبلة .
وأمّا الجهة الثانية - وهي الجهة المغناطيسيّة - : فإنّهم وجدوا أنّ القطبَين المغناطيسيَّين في الكرة الأرضية غير منطبقَين على القطبين الجغرافيّين منها ؛ فإنّ القطب المغناطيسيّ الشماليّ مثلاً على‏ أنّه متغيّر بمرور الزمان بينه وبين القطب الجغرافيائيّ الشماليّ ما يقرب من ألف ميل ، وعلى هذا فالحكّ لا يشخّص القطب الجنوبيّ الجغرافيّ بعينه ، بل ربما بلغ التفاوت إلى‏ ما لا يُتسامح فيه . وقد أنهض هذا المهندس الرياضيّ الفاضل الزعيم حسين علي رزم آرا في هذه الأيام وهي سنة 1332 هجريّة شمسيّة على‏ حلّ هذه المعضلة ، واستخراج مقدار التفاوت بين القطبَين الجغرافيّ والمغناطيسيّ بحسب النقاط المختلفة ، وتشخيص انحراف القبلة من القطب المغناطيسيّ فيما يقرب من ألف بقعة من بقاع الأرض ، واختراع حكّ يتضمّن التقريب القريب من التحقيق في تشخيص القبلة ، وها هو اليوم دائر معمول - شكر اللَّه سعيه - .۱

بحث اجتماعيّ :

المتأمِّل في شؤون الاجتماع الإنسانيّ والناظر في الخواصّ والآثار - التي يتعقّبها هذا الأمر المسمّى بالاجتماع

1.الميزان في تفسير القرآن : ۱/۳۳۵ - ۳۳۷ .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد السابع
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 237269
الصفحه من 640
طباعه  ارسل الي