199
ميزان الحکمه المجلد السابع

السبعة المعظّمة۱ ، وربّما قيل : إنّه بيت زُحَل ؛ لقدم عهده وطول بقائه .
وكانت‏الفرس يحترمون الكعبة أيضاً، زاعمين أنّ روح هُرمُز حلّت فيها ، وربّما حجّوا إليها زائرين .
وكانت اليهود يعظّمونها ويعبدون اللَّه فيها على‏ دين إبراهيم ، وكان بها صُوَر وتماثيل ، منها تمثال إبراهيم وإسماعيل ، وبأيديهما الأزلام ، ومنها صُورَتا العذراء والمسيح ، ويشهد ذلك على‏ تعظيم النصارى‏ لأمرها أيضاً كاليهود .
وكانت العرب أيضاً تعظّمها كلّ التعظيم ، وتعدّها بيتاً للَّه تعالى‏ ، وكانوا يحجّون إليها من كلّ جهة ، وهم يعدّون البيت بناء لإبراهيم ، والحجّ من دينه الباقي بينهم بالتوارث .

ولاية الكعبة :

كانت الولاية على الكعبة لإسماعيل ثمّ لولده من بعده ، حتّى‏ تغلّبت عليهم جُرهُم فقبضوا بولايتها ، ثمّ ملكتها العماليق ، وهم طائفة من بني كركر بعد حروب وقعت بينهم ، وقد كانوا ينزلون أسفل مكّة كما أنّ جُرهُم كانت تنزل أعلى‏ مكّة ، وفيهم ملوكهم .
ثم كانت الدائرة لجُرهم على العماليق ، فعادت الولاية إليهم ، فتولّوها نحواً من ثلاثمائة سنة ، وزادوا في بناء البيت ورفعته على‏ ما كان في بناء إبراهيم .
ثمّ لمّا نشأت ولد إسماعيل وكثروا وصاروا ذوي قوّة ومَنَعة وضاقت بهم الدار حاربوا جُرهُم فغلبوهم وأخرجوهم من مكّة . ومقدّم الإسماعيليّين يومئذ عمرو بن لحيّ ، وهو كبير خُزاعة ، فاستولى على‏ مكّة وتولّى‏ أمر البيت ، وهو الذي وضع الأصنام على الكعبة ودعا الناس إلى‏ عبادتها . وأوّل صنم وضعه عليها هو

1.البيوت المعظّمة هي : ۱ - الكعبة . ۲ - مارس على رأس جبل بأصفهان . ۳ - مندوسان ببلاد الهند . ۴ - نوبهار بمدينة بلخ. ۵ - بيت غمدان بمدينة صنعاء . ۶ - كاوسان بمدينة فرغانة من خراسان. ۷ - بيت بأعالي بلاد الصين. (كما في هامش المصدر).


ميزان الحکمه المجلد السابع
198

إبراهيم ، والباقي كان زريبة لغنمِ هاجرَ وولدها ، ويقال : إنّ هاجر وإسماعيل مدفونان في الحِجْر .
وأمّا تفصيل ما وقع في داخل البيت من تغيير وترميم وما للبيت من السُّنن والتشريفات فلا يهمّنا التعرّض له.

كسوة الكعبة :

قد تقدّم في ما نقلناه من الروايات في سورة البقرة في قصّة هاجرَ وإسماعيلَ ونزولهما أرض مكّة أنّ هاجرَ عَلِق كساؤها على‏ باب الكعبة بعد تمام بنائها .
وأمّا كسوة البيت نفسه فيقال : إنّ أوّل من كساها تُبَّع أبو بكر أسعد ، كساها بالبُرود المطرّزة بأسلاك الفضّة ، وتَبِعه خلفاؤه . ثمّ أخذ الناس يكسونها بأردية مختلفة فيضعونها بعضها على‏ بعض ، وكلّما بَلي منها ثوب وضع عليها آخر إلى‏ زمن قُصَيّ . ووضع قُصيّ على العرب رِفادة لكسوتها سنويّاً ، واستمرّ ذلك في بنيه . وكان أبو ربيعة ابن المغيرة يكسوها سنةً وقبائل قريش سنةً.
وقد كساها النبيّ صلى اللَّه عليه وآله بالثياب اليمانيّة ، وكان على‏ ذلك حتّى‏ إذا حجّ الخليفة العباسيّ المهديّ شكا إليه سدنةُ الكعبة من تراكم الأكسية على‏ سطح الكعبة ، وذكروا أنّه يخشى سقوطه ، فأمر برفع تلك الأكسية وإبدالها بكسوة واحدة كلّ سنة ، وجرى العمل على‏ ذلك حتّى اليوم . وللكعبة كسوة من داخل . وأوّل من كساها مِن داخل اُمّ العبّاس بن عبد المطّلب ؛ لنذر نذرته في ابنها العبّاس .

منزلة الكعبة :

كانت الكعبة مقدّسة معظّمة عند الاُمم المختلفة ، فكانت الهنود يعظّمونها ويقولون : إنّ روح «سيفا» - وهو الاُقنُوم الثالث عندهم - حلّت في الحَجَر الأسوَد ، حين زار مع زوجته بلادَ الحجاز .
وكانت الصابئة من الفُرس والكلدانيّين يعدّونها أحد البيوت

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد السابع
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 237187
الصفحه من 640
طباعه  ارسل الي