479
ميزان الحکمه المجلد السابع

لأنَّ كُلَّ شي‏ءٍ مِن جِهَةِ المَعونَةِ مَعصيَةٌ كبيرَةٌ مِن الكبائرِ ، وذلكَ أنّ في ولايةِ الوالي الجائرِ دَوْسَ الحَقِّ كُلِّهِ وإحياءَ الباطِلِ كُلِّهِ وإظهارَ الظُّلمِ والجَورِ والفَسادِ وإبطالَ الكُتبِ وقَتلَ الأنبياءِ والمؤمنينَ وهَدْمَ المَساجِدِ وتَبديلَ سُنَّةِ اللَّهِ وشَرائعِهِ ، فلذلكَ حَرَّمَ العَمَلَ مَعَهُم وَمعونَتَهُم والكَسبَ مَعهُم إلّا بجِهَةِ الضَّرورَةِ نَظيرِ الضَّرورَةِ إلَى الدَّمِ والمِيتَةِ .
وأمّا تفسيرُ التِّجاراتِ في جَميعِ البُيوعِ ووجُوهِ الحَلالِ مِن وَجهِ التِّجاراتِ التي يَجوزُ لِلبائعِ أن يَبيعَ مِمّا لا يَجوزُ لَهُ ، وكذلكَ المُشتَري الذي يَجوزُ لَهُ شِراؤهُ مِمّا لا يَجوزُ لَهُ ، فكُلُّ مَأمورٍ بهِ مِمّا هُو غِذاءٌ للعِبادِ وقِوامُهُم بهِ في اُمورِهِم في وُجوهِ الصَّلاحِ الذي لا يُقيمُهُم غيرُهُ مِمّا يَأكُلُونَ ويَشرَبونَ ويَلبَسونَ ويَنكِحُونَ ويَملِكُونَ ويَستَعمِلونَ مِن جِهَةِ مِلكِهِم ، ويَجوزُ لَهُم الاستِعمالُ لَهُ مِن جَميعِ جِهاتِ المَنافِعِ التي لا يُقيمُهُم غيرُها مِن كلِّ شي‏ءٍ يكونُ لَهُم فيهِ الصَّلاحُ مِن جِهَةٍ مِن الجِهاتِ ، فهذا كُلُّهُ حَلالٌ بَيعُهُ وشِراؤهُ وإمساكُهُ واستِعمالُه وهِبَتُهُ وعاريَتُهُ .
وأمّا وُجوهُ الحَرامِ مِن البَيعِ والشِّراءِ فكُلُّ أمرٍ يكونُ فيهِ الفَسادُ مِمّا هُو مَنهيٌّ عَنهُ مِن جِهَةِ أكلِهِ وشُربِهِ أو كَسبِهِ أو نِكاحِهِ أو مِلكِهِ أو إمساكِهِ أو هِبَتِهِ أو عاريتِهِ ، أو شي‏ءٍ يكونُ فيهِ وَجهٌ مِن وُجوهِ الفَسادِ نَظيرُ البَيعِ بالرِّبا لِما في ذلكَ مِن الفَسادِ ، أو البَيعِ لِلمِيتةِ أو الدَّمِ أو لَحمِ الخِنزيرِ أو لُحومِ السِّباعِ مِن صُنوفِ سِباعِ الوَحشِ أوِ الطِّيرِ أو جُلودِها أو الخَمرِ أو شي‏ءٍ مِن وُجوهِ النَّجسِ ، فهذا كُلُّهُ حَرامٌ ومُحرَّمٌ ؛ لأنّ ذلكَ كُلَّهُ مَنهيٌّ عن أكلِهِ وشُربِهِ ولُبسِهِ ومِلكِهِ وإمساكِهِ والتَّقلُّبِ فيهِ بوَجهٍ مِن الوُجوهِ لِما فيه مِن الفَسادِ ، فجَميعُ تَقَلُّبِهِ في ذلكَ حَرامٌ .
وكذلكَ كلُّ بَيعٍ مَلْهوٍّ بهِ وكُلُّ مَنهيٍّ عَنهُ مِمّا يُتَقرَّبُ بهِ لغيرِ اللَّهِ أو يَقوى‏ بهِ الكُفرُ والشِّركُ مِن جَميعِ وُجوهِ


ميزان الحکمه المجلد السابع
478

أدناهُم باباً مِن أبوابِ الولايَةِ على‏ مَن هو والٍ علَيهِ ، ثُمّ التِّجارَةُ في جَميعِ البَيعِ والشِّراءِ بَعضِهِم مِن بَعضٍ ، ثُمّ الصّناعاتُ في جَميعِ صُنوفِها ، ثُمّ الإجاراتُ في كُلِّ ما يُحتاجُ إلَيهِ مِن الإجاراتِ ، وكُلُّ هذهِ الصُّنوفُ تكونُ حَلالاً مِن جِهَةٍ وحَراماً مِن جِهَةٍ . والفَرضُ مِن اللَّهِ علَى العِبادِ في هذهِ المُعامَلاتِ الدُّخولُ في جِهاتِ الحَلالِ مِنها والعَمَلُ بذلكَ الحَلالِ ، واجتِنابُ جِهاتِ الحَرامِ مِنها .
تَفسيرُ معنَى الولاياتِ ، وهِيَ جِهَتانِ :
فَإحدَى الجِهَتَينِ مِن الولايَةِ ولايَةُ وُلاةِ العَدلِ الذينَ أمَرَ اللَّهُ بولايَتِهِم وتَولِيَتِهِم علَى النّاسِ ، وولايَةُ وُلاتِهِ ووُلاةِ وُلاتِهِ إلى‏ أدناهُم باباً مِن أبوابِ الولايَةِ على‏ مَن هُو والٍ علَيهِ .
والجِهَةُ الاُخرى‏ مِن الولايةِ ولايةُ وُلاةِ الجَورِ ووُلاةِ وُلاتِهِ إلى‏ أدناهُم باباً مِن الأبوابِ التي هُو والٍ علَيهِ ، فوَجهُ الحَلالِ مِن الولايةِ ولايةُ الوالي العادِلِ الذي أمَرَ اللَّهُ بمَعرِفَتِهِ وولايَتِهِ والعَمَلُ لَهُ في ولايتِهِ وولايةِ وُلاتِهِ ووُلاةِ ولاتِهِ بجِهَةِ ما أمَرَ اللَّهُ بهِ الوالي العادِلُ بلا زِيادَةٍ فيما أنزَلَ اللَّهُ بهِ ولا نُقصانٍ مِنهُ ولا تَحريفٍ لِقَولِهِ ولا تَعَدٍّ لأمرِهِ إلى‏ غَيرِهِ ، فإذا صارَ الوالي واليَ عَدلٍ بهذهِ الجِهَةِ فالولايةُ لَهُ والعَمَلُ مَعهُ ومَعونَتُهُ في ولايَتِهِ وتَقويَتُهُ حَلالٌ مُحَلَّلٌ وحَلالٌ الكَسبُ مَعهُم ؛ وذلكَ أنَّ في ولايةِ والي العَدلِ ووُلاتِهِ إحياءَ كُلِّ حَقٍّ وكُلِّ عَدلٍ وإماتَةَ كُلِّ ظُلمٍ وجَورٍ وفَسادٍ ، فلذلكَ كانَ الساعي في تَقويَةِ سُلطانِهِ والمُعينُ لَهُ على‏ ولايَتِهِ ساعياً إلى‏ طاعَةِ اللَّهِ مُقوِّياً لِدينِهِ .
وأمّا وَجهُ الحَرامِ مِن الولايَةِ فولايةُ الوالي الجائرِ وولايةُ وُلاتِهِ الرئيسِ مِنهُم وأتباعِ الوالي فَمَن دونَهُ مِن وُلاةِ الوُلاةِ إلى‏ أدناهُم باباً مِن أبوابِ الولايةِ على‏ مَن هُو والٍ علَيهِ ، والعَمَلُ لَهُم والكَسبُ مَعَهُم بجِهَةِ الولايةِ لَهُم حَرامٌ ومُحَرَّمٌ مُعَذَّبٌ مَن فَعَلَ ذلكَ على‏ قَليلٍ مِن فِعلِهِ أو كثيرٍ ؛

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد السابع
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 237245
الصفحه من 640
طباعه  ارسل الي