505
ميزان الحکمه المجلد السابع

والوَجهُ الرّابعُ مِن الكُفرِ تَركُ ما أمَرَ اللَّهُ عَزَّوجلَّ بهِ ، وهُو قولُ اللَّهِ عَزَّوجلَّ : (وإذْ أخَذْنا مِيثاقَكُم لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُم ولا تُخْرِجُونَ أنفُسَكم مِن دِيارِكُم ثُمّ أقْرَرْتُم وأنتُم تَشْهَدُونَ * ثُمَّ أنتُمْ هَؤلاءِ تَقتُلُونَ أنفُسَكم وتُخْرِجُونَ فَريقاً مِنكُم مِن دِيارِهِم تَظاهَرُونَ علَيهِم بالإثمِ والعُدْوانِ وإن يَأْتُوكُم اُسارى‏ تُفادُوهُم وهُوَ مُحَرَّمٌ علَيكُم إخْراجُهُم أفَتُؤمِنُونَ بِبَعْضِ الكِتابِ وتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَن يَفْعَلُ ذلكَ مِنكُم)۱فَكَفَّرَهُم بتَركِ ما أمَرَ اللَّهُ عَزَّوجلَّ بهِ ونَسَبَهُم إلَى الإيمانِ ولم يَقبَلْهُ مِنهُم ولم يَنفَعْهُم عندَهُ فقالَ : (فما جَزاءُ مَن يَفعَلُ ذلكَ مِنكُم إلّا خِزْيٌ في الحَياةِ الدُّنيا ويَومَ القِيامَةِ يُرَدُّونَ إلى‏ أشَدِّ العَذابِ وما اللَّهُ بِغافِلٍ عَمّا تَعمَلُونَ) .۲
والوَجهُ الخامسُ مِن الكُفرِ كُفُر البَراءةِ ، وذلكَ قولُهُ عَزَّوجلَّ يَحكي قولَ إبراهيمَ عليه السلام: (كَفَرْنا بِكُم وبَدا بَينَنا وبَينَكُمُ العَداوَةُ والبَغْضاءُ أبَداً حَتّى‏ تُؤمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ)۳ يَعني تَبَرَّأنا مِنكُم ، وقالَ يَذكُرُ إبليسَ وتَبرِئَتَهُ مِن أوليائهِ مِن الإنسِ يَومَ القِيامَةِ : (إنّي كَفَرْتُ بما أشْرَكْتُمونِ مِن قَبْلُ)۴ وقالَ : (إنَّما اتَّخَذْتُم مِن دُونِ اللَّهِ أوْثاناً مَوَدَّةَ بَينِكُم في الحَياةِ الدُّنيا ثُمَّ يَومَ القِيامَةِ يَكْفُرُ بَعضُكُم بِبَعْضٍ ويَلْعَنُ بَعْضُكُم بَعْضاً)۵يَعني يَتَبَرَّأُ بَعضُكُم مِن بَعضٍ .۶

(انظر) بحار الأنوار : 93/60 ، 72/100 ،
مستدرك الوسائل : 1/76 باب 2 .

1.البقرة : ۸۴ ، ۸۵ . وقوله : «ثمّ أقررتم» أي بالميثاق. «تَظاهَرون» أي تعاونون . (كما في هامش المصدر) .

2.البقرة : ۸۵ .

3.الممتحنة : ۴ .

4.إبراهيم : ۲۲ .

5.العنكبوت : ۲۵ .

6.الكافي : ۲/۳۸۹ - ۳۹۱/۱ .


ميزان الحکمه المجلد السابع
504

3441 - وُجوهُ الكُفرِ في كِتابِ اللَّهِ

۱۷۸۳۵.الإمامُ الصّادقُ عليه السلام- لمّا سُئلَ عَن وُجوهِ الكُفرِ في كتابِ اللَّهِ عَزَّوجلَّ -: الكُفرُ في كتابِ اللَّهِ على‏ خَمسَةِ أوجُهٍ :
فمِنها كُفرُ الجُحودِ ، والجُحودُ على‏ وجهَينِ ، والكُفرُ بتَركِ ما أمَرَ اللَّهُ ، وكُفرُ البَراءةِ ، وكُفرُ النِّعَمِ .
فأمّا كُفرُ الجُحودِ فهُو الجُحودُ بالرُّبوبيَّةِ وهُو قَولُ مَن يَقولُ : لا رَبَّ ولا جَنَّةَ ولا نارَ ! وهُو قَولُ صِنفَينِ مِن الزَّنادِقَةِ يقالُ لَهُمُ : الدَّهريَّةُ ، وهُمُ الذينَ يَقولونَ : (وَما يُهلِكُنا إلّا الدَّهْرُ) وهُو دِينٌ وَضَعُوهُ لأنفُسِهِم بالاستِحسانِ على‏ غيرِ تَثَبُّتٍ مِنهُم ولا تَحقيقَ لِشي‏ءٍ مِمّا يقولونَ ، قالَ اللَّهُ عَزَّوجلَّ : (إنْ هُمْ إلّا يَظُنُّونَ)۱ أنَّ ذلكَ كما يقولونَ . وقالَ : (إنَّ الذينَ كَفَرُوا سَواءٌ علَيهِم ءَأنْذَرْتَهُم أمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)۲ يَعني بِتَوحيدِ اللَّهِ تعالى‏ ، فهذا أحَدُ وُجوهِ الكُفرِ .
وأمّا الوَجهُ الآخَرُ مِن الجُحودِ على‏ مَعرِفَةٍ۳ ، وهُو أن يَجحَدَ الجاحِدُ وهُو يَعلَمُ أنّهُ حَقٌّ ، قدِ استَقَرَّ عِندَهُ وقَد قالَ اللَّهُ عَزَّوجلَّ : (وَجَحَدُوا بها واستَيْقَنَتْها أنفُسُهُم ظُلْماً وعُلُوّاً)۴ وقالَ‏اللَّهُ عَزَّوجلَّ : (وكانُوا مِن قَبلُ يَستَفْتِحُونَ علَى الّذينَ كَفَرُوا فلَمّا جاءَهُم ما عَرَفُوا كَفَرُوا بهِ فَلَعنَةُ اللَّهِ علَى الكافِرِينَ)۵ فهذا تفسيرُ وَجهَيِ الجحودِ .
والوَجهُ الثالثُ مِن الكُفرِ كُفرُ النِّعَمِ ، وذلكَ قولُهُ تعالى‏ يَحكي قَولَ سُلَيمانَ عليه السلام: (هذا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي ءَأشْكُرُ أم أكْفُرُ ومَن شَكَرَ فإنّما يَشكُرُ لِنَفِسِهِ ومَن كَفَرَ فإنَّ رَبِّي غَنيٌّ كَريمٌ)۶ وقالَ : (لِئنْ شَكَرْتُم لَأزِيدَنَّكُم ولَئنْ كَفَرْتُم إنَّ عَذابِي لَشديدٌ)۷ وقالَ : (فاذْكُرُونِي أذكُرْكُم واشكُرُوا لِي ولا تَكْفُرُونِ) .۸

1.الجاثية : ۲۴ .

2.البقرة : ۶ . وخصّ نفي الإيمان في الآية بتوحيد اللَّه لأنّ سائر ما يكفرون به من توابع التوحيد. (كما في هامش المصدر) .

3.هكذا في النسخ التي رأيناها ، والصواب : «وأمّا الوجه الآخر من الجحود فهو الجحود على‏ معرفة» ولعلّه سقط من‏قلم النسّاخ . وهذا الكفر هو كفر التهوّد . (كما في هامش المصدر).

4.النمل : ۱۴ .

5.البقرة : ۸۹ .

6.النمل : ۴۰ .

7.إبراهيم : ۷ .

8.البقرة : ۱۵۲ .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد السابع
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1389
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 237093
الصفحه من 640
طباعه  ارسل الي