131
ميزان الحکمه المجلد الثامن


الخَنازيرُ على‏ لِسانِ داوودَ ، والقِرَدَةُ على‏ لسانِ عيسَى بنِ مَريمَ عليهما السلام .1

بيان :

قال العلّامة الطباطبائيُّ بعد تفسير الآيات 63 - 74 من سورة البقرة تحت عنوان «بحث فلسفيّ»:
السورة كما ترى‏ مشتملة على‏ عدّة من الآيات المعجِزة في قصص بني إسرائيل وغيرهم ، كفَرق البحر وإغراق آل فرعون في قوله تعالى‏ : (وإذْ فَرَقْنا بِكُمُ البَحْرَ فأنجيناكم وأغْرَقْنا آلَ فِرعَونَ ...)۲ الآية ، وأخذ الصّاعقة بني إسرائيل وإحيائهم بعد الموت في قوله تعالى‏ : (وإذ قُلتُم يا مُوسى‏ لَن نُؤمِنَ لَكَ...)۳ الآية، وتظليل الغمام وإنزال المَنّ والسّلوى‏ عليهم في قوله تعالى‏ : (وظَلّلْنا علَيكُمُ الغَمامَ ...)۴ الآية ، وانفجار العيون من الحجر في قوله تعالى‏ : (وإذِ اسْتَسْقى‏ مُوسى‏ لِقَومِهِ...)۵الآية، ورفع الطّور فوقهم في قوله تعالى‏ : (ورَفَعنا فَوقَكُمُ الطّورَ...)۶الآية ، ومسخ قومٍ منهم في قوله تعالى‏ : (فقُلنا لَهُمْ كُونوا قِرَدَةً...)۷الآية ، وإحياء القتيل ببعض البقرة المذبوحة في قوله : (فَقُلْنا اضْرِبوهُ بِبَعضِها...)۸ الآية، وكإحياء قومٍ آخرين في قوله : (ألَمْ تَرَ إلَى الّذينَ خَرَجوا مِن دِيارِهِم...)۹الآية ، وكإحياء الّذي مرّ على‏ قريةٍ خربةٍ في قوله: (أو كالّذي مَرَّ على‏ قَرْيَةٍ وهِيَ خاوِيَةٌ على‏ عُروشِها...)۱۰ الآية ، وكإحياء الطّير بيد إبراهيم في قوله تعالى‏ : (وإذْ قالَ إبراهيمُ رَبِّ أرِني كيفَ تُحيي المَوْتى‏...)۱۱ الآية ، فهذه اثنتا عشرة آيةً معجزةً خارقةً للعادة جرت أكثرها في بني إسرائيل ذكرها القرآن . وقد بيّنا فيما مرّ إمكان وقوع المعجزة وأنّ خوارق العادات جائزة الوقوع في الوجود ، وهي مع ذلك ليست ناقضةً لقانون العلّيّة والمعلوليّة الكلّيّ ، وتبيّن به أن لا دليل

1.الكافي : ۸/۲۰۰/۲۴۰ .

2.البقرة : ۵۰ .

3.البقرة : ۵۵ .

4.البقرة : ۵۷ .

5.البقرة : ۶۰ .

6.البقرة : ۶۳ .

7.البقرة : ۶۵ .

8.البقرة : ۷۳ .

9.البقرة : ۲۴۳ .

10.البقرة : ۲۵۹ .

11.البقرة : ۲۶۰ .


ميزان الحکمه المجلد الثامن
130

أن تَتَعرَّضوا لخِلافِ أمرِهِ ، واعتَزَلَتْ طائفةٌ مِنهُم ذاتَ اليَسارِ فسَكتَت فلَم تَعِظْهُم ، فقالَت للطّائفةِ الّتي وَعَظتهُم : (لِمَ تَعِظُونَ قَوماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أو مُعَذِّبُهُم عَذاباً شَديداً)۱، فقالَتِ الطّائفةُ الّتي وَعَظتهُم : (مَعْذِرَةً إلى‏ رَبِّكُم ولَعَلَّهُم يَتَّقونَ)۲قالَ: فقالَ اللَّهُ جلّ‏وعزّ: (فلَمّا نَسُوا ما ذُكِّروا بهِ)۳ يَعني لَمّا تَرَكوا ما وُعِظوا بهِ مَضَوا على‏ الخَطيئةِ ، فقالَتِ الطّائفةُ الّتي وَعَظتهُم : لا واللَّهِ، لا نُجامِعُكُم ولا نُبايِتُكُم اللّيلةَ في مَدينَتِكُم هذهِ الّتي عَصَيتُمُ اللَّهَ فيها ؛ مَخافَةَ أن يَنزِلَ بكُمُ البَلاءُ فيَعُمَّنا مَعَكُم . قالَ : فخَرَجوا عَنهُم مِن المَدينَةِ مَخافَةَ أن يُصيبَهُمُ البَلاءُ ، فنَزَلوا قَريباً مِن المَدينَةِ فباتُوا تَحتَ السَّماءِ ، فلَمّا أصبَحَ أولياءُ اللَّهِ المُطيعونَ لأمرِ اللَّهِ غَدَوا ليَنظُروا ما حالُ أهلِ المَعصيَةِ ، فأتَوا بابَ المَدينَةِ فإذا هُو مُصمَتٌ ، فدَقُّوهُ فلَم يُجابوا ولم يَسمَعوا مِنها خَبرَ واحِدٍ ، فَوَضَعوا سُلَّماً على‏ سُورِ المَدينَةِ ثُمَّ أصعَدوا رجُلاً مِنهُم ، فأشَرَفَ علَى المدينَةِ فنَظرَ فإذا هُو بالقَومِ قِرَدَةٌ يَتَعاوُونَ ، فقالَ الرّجُلُ لأصحابِهِ : ياقومِ، أرى‏ واللَّهِ عَجَباً ! قالوا : وما تَرى‏ ؟ قالَ : أرى‏ القَومَ قد صاروا قِرَدَةً يَتَعاوُونَ ولَها أذنابٌ ، فكَسَروا البابَ ، قالَ : فعَرَفَتِ القِردَةُ أنسابَها مِن الإنسِ ، ولَم تَعرِفِ الإنسُ أنسابَها مِن القِردَةِ ، فقالَ القومُ للقِردَةِ : ألَم نَنهَكُم ؟!
فقالَ عليٌّ عليه السلام : والّذي فَلَقَ الحَبَّةَ وبَرأَ النَّسَمةَ إنّي لَأعرِفُ أنسابَها مِن هذهِ الاُمّةِ لا يُنكِرونَ ولا يُغَيَّرونَ بَل تَرَكوا ما اُمِروا بهِ فتَفَرَّقوا ، وقَد قالَ اللَّهُ عَزَّوجلَّ : (فَبُعْداً لِلقَومِ الظّالِمينَ)۴ فقالَ اللَّهُ : (أنْجَيْنا الّذينَ يَنْهَونَ عَنِ السُّوءِ وأخَذْنا الّذينَ ظَلَموا بِعَذابٍ بَئيسٍ بِما كانوا يَفْسُقونَ)۵.۶

18998.الإمامُ الصّادقُ عليه السلام - في قولِ اللَّهِ عَزَّوجلَّ: (لُعِنَ الّذينَ كَفَروا مِن بَني إسرائيلَ على‏ لِسانِ داوودَ وعيسى‏ بنِ مَريمَ)7قالَ - :

1.الأعراف : ۱۶۴ .

2.الأعراف : ۱۶۵ .

3.المؤمنون : ۴۱ .

4.تفسير القمّي : ۱/۲۴۴ .

5.المائدة : ۷۸ .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 182806
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي