161
ميزان الحکمه المجلد الثامن

ويشهد به ما نشاهده من تنازع الحيوان فيما حازه من عشّ أو كنّ أو وكر أو ما اصطاده أو وجده ممّا يتغذّى‏ به أو ما ألفه من زوج ونحو ذلك ، وما نشاهده من تشاجر الأطفال فيما حازوه من غذاء ونحوه ، حتَّى الرّضيع يشاجر الرّضيع على‏ الثّدي . ثمّ إنّ ورود الإنسان في ساحة الاجتماع بحكم فطرته وقضاء غريزته لا يستحكم به إلّا ما أدركه بأصل الفطرة إجمالاً ، ولا يوجب إلّا إصلاح ما كان وضعه أوّلاً وترتيبه وتعظيمه في صورة النّواميس الاجتماعيّة الدّائرة ، وعند ذلك يتنوّع الاختصاص الإجماليّ المذكور أنواعاً متفرّقة ذوات أسامٍ مختلفة ؛ فيسمَّى الاختصاص الماليّ بالملك وغيره بالحقّ وغير ذلك .
وهم وإن أمكن أن يختلفوا في تحقّق الملك من جهة أسبابه كالوراثة والبيع والشّراء والغصب بقوّة السلطان وغير ذلك ، أو من جهة الموضوع الّذي هو المالك كالإنسان الذي هو بالغ أو صغير أو عاقل أو سفيه أو فرد أو جماعة إلى‏ غير ذلك من الجهات ، فيزيدوا في بعض وينقصوا من بعض ، ويُثبتوا لبعض وينفوا عن بعض ، لكنّ أصل الملك في الجملة ممّا لا مناص لهم عن اعتباره ، ولذلك نرى‏ أنّ المخالفين للملك يسلبونه عن الفرد وينقلونه إلَى المجتمع أو الدّولة الحاكمة عليهم ، وهم مع ذلك غير قادرين على‏ سلبه عن الفرد من أصله ولن يقدروا على‏ ذلك ، فالحكم فطريّ ، وفي بطلان الفطرة فناء الإنسان .
وسنبحث فيما يتعلّق بهذا الأصل الثّابت من حيث أسبابه كالتّجارة والرّبح والإرث والغنيمة والحيازة ، ومن حيث الموضوع كالبالغ والصّغير وغيرهما في موارد يناسب ذلك إن شاء اللَّه العزيز .۱

1.الميزان في تفسير القرآن : ۲/۵۳ .


ميزان الحکمه المجلد الثامن
160

۱۹۰۵۹.الإمامُ عليٌّ عليه السلام: كلُّ مالِكٍ غَيرَهُ مَملوكٌ .۱

۱۹۰۶۰.عنه عليه السلام- في تفسيرِ : لا حَولَ ولا قوّةَ إلّا باللَّهِ -: إنّا لا نَملِكُ مَعَ اللَّهِ شيئاً ، ولانَملِكُ إلّا ما مَلَّكَنا ، فمَتى‏ مَلَّكَنا ماهُو أملَكُ بهِ مِنّا كَلَّفَنا ، ومَتى‏ أخَذهُ مِنّا وَضَعَ تَكليفَهُ عنّا .۲

بيان :

قال العلّامة الطباطبائيّ بعد تفسير قوله تعالى‏: (ولَا تأكُلوا أموالَكُمْ بَينَكُمْ بِالباطِلِ ...)۳في أنّ المالكيّة من الاُصول الثابتة الاجتماعيّة ما نصّه :

بحث علميّ اجتماعيّ :

كلّ ما بين أيدينا من الموجودات المكوَّنة ، ومنها النّبات والحيوان والإنسان ، فإنّه يتصرّف في الخارج عن دائرة وجوده ممّا يمكن أن ينتفع به في إبقاء وجوده لحفظ وجوده وبقائه ، فلا خبر في الوجود عن موجودٍ غير فعّالٍ ، ولا خبر عن فعلٍ يفعله فاعله لا لنفعٍ يعود إليه ؛ فهذه أنواع النّبات تفعل ما تفعل لتنتفع به لبقائها ونشوئها وتوليد مثلها ، وكذلك أقسام الحيوان والإنسان تفعل ما تفعل لتنتفع به بوجهٍ ولو انتفاعاً خياليّاً أو عقليّاً ، فهذا ممّا لا شبهة فيه .
وهذه الفواعل التكوينيّة تدرك بالغريزة الطبيعيّة والحيوان والإنسان بالشعور الغريزيّ أنّ التصرّف في المادّة لرفع الحاجة الطبيعيّة والانتفاع في حفظ الوجود والبقاء لا يتمّ للواحد منها إلّا مع الاختصاص ، بمعنى‏ أنّ الفعل الواحد لا يقوم بفاعلين ، فهذا حاصل الأمر وملاكه ؛ ولذلك فالفاعل من الإنسان أو ماندرك ملاك أفعاله فإنّه يمنع عن المداخلة في أمره والتصرّف فيما يريد هو التصرّف فيه ، وهذا أصل الاختصاص الّذي لا يتوقّف في اعتباره إنسان ، وهو معنى‏ اللّام الذي في قولنا : لي هذا ولك ذلك ، ولي أن أفعل كذا ولك أن تفعل كذا .

1.نهج البلاغة : الخطبة ۶۵ .

2.نهج البلاغة : الحكمة ۴۰۴ .

3.البقرة : ۱۸۸ .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 182838
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي