255
ميزان الحکمه المجلد الثامن

ظنّه بهم إصرارهم عند كتابة مصحف عثمان أن يحذفوا الواو من قوله : (والّذينَ يكنِزونَ الذّهبَ ...)إلخ حتّى‏ هدّدهم اُبيّ بالقتال إن لم يلحقوا الواو فألحقوها ، وقد مرّت الرواية .
فالقصّة في حديث الطبريّ عن سيف عن شعيب وإن سيقت بحيث تقضي على‏ أبي ذرّ بأنّه كان مخطئاً فيما اجتهد به - كما اعترف به الطبريّ في أوّل كلامه - غير أنّ أطراف القصّة تقضي بإصابته .
وبالجملة : فالآية تدلّ على‏ حرمة كنز الذهب والفضّة فيما كان هناك سبيل للَّه يجب إنفاقه فيه ، وضرورة داعية إليه لمستحقّي الزكاة مع الامتناع من تأديتها ، والدفاع الواجب مع عدم النفقة وانقطاع سبيل البرّ والإحسان بين الناس .
ولا فرق في تعلّق وجوب الإنفاق بين المال الظاهر الجاري في الأسواق وبين الكنز المدفون في الأرض ، غير أنّ الكنز يختصّ بشي‏ءٍ زائد وهو خيانة وليّ الأمر في ستر المال وغروره ، كما تقدّم ذكره في البيان المتقدّم» .۱

3697 - النَّهيُ عَن عُبودِيَّةِ المالِ‏

۱۹۴۴۶.الإمامُ الحسينُ عليه السلام : مالُكَ إن لَم يَكُنْ لَكَ كُنتَ لَهُ ، فلا تُبقِ علَيهِ فإنّهُ لا يُبقي علَيكَ ، وكُلْهُ قَبلَ أن يَأكُلَكَ ۲ ! ۳

3698 - حَقُّ المالِ عَلى‏ صاحِبِهِ‏

۱۹۴۴۷.الإمامُ زينُ العابدينَ عليه السلام : أمّا حَقُّ مالِكَ فأن لا تأخُذَهُ إلّا مِن حِلِّهِ ، ولا تُنفِقَهُ إلّا في وَجهِهِ، ولا تُؤثِرَ على‏ نفسِكَ مَن لا يَحمَدُكَ ، فاعمَلْ فيهِ بطاعَةِ ربِّكَ ، ولا تَبخَلْ بهِ فتَبوءَ بالحَسرَةِ والنَّدامَةِ مَع التَّبِعَةِ .۴

(انظر) المال: باب 3701 ، 3702 .

1.الميزان في تفسير القرآن : ۹/۲۶۱ - ۲۶۶ .

2.الدرّة الباهرة : ۲۴ .

3.ولنعم ما قيل في تفسير الزّهد أ نّه «ليس الزُّهدُ أن لا تَملِكَ شيئاً ، بلِ الزُّهدُ أن لا يَملِكَكَ شي‏ءٌ» .

4.الأمالي للصدوق : ۴۵۵/۶۱۰ .


ميزان الحکمه المجلد الثامن
254

قالَ : يَرحَمُكَ اللَّهُ يا أبا ذرٍّ، ألَسنا عِبادَ اللَّهِ والمالُ مالُهُ والخَلقُ خَلقُهُ والأمرُ أمرُهُ ؟ قالَ : «فلا تَقُلهُ» .
فإنّ الكلمة التي كان يقولها معاوية وعمّاله ومن بعده من خلفاء بني اُميّة وإن كانت كلمة حقّ وقد رويت عن النبيّ صلى اللَّه عليه وآله ويدلّ عليها كتاب اللَّه ، لكنّهم كانوا يستنتجون منه خلاف ما يريده اللَّه سبحانه ، فإنّ المراد به أنّ المال لا يختصّ به أحد بعزّة أو قوّة أو سيطرة وإنّما هو للَّه ينفق في سبيله على‏ حسب ما عيّنه من موارد إنفاقه ، فإن كان ممّا اقتناه الفرد بكسب أو إرث أو نحوهما فله حكمه ، وإن كان ممّا حصّلته الحكومة الإسلاميّة من غنيمة أو جزية أو خراج أو صدقات أو نحو ذلك فله أيضاً موارد إنفاق معيّنة في الدين ، وليس في شي‏ء من ذلك لوالي الأمر أن يخصّ نفسه أو واحداً من أهل بيته بشي‏ء يزيد على‏ لازم مؤنته فضلاً أن يكنز الكنوز ويرفع به القصور ويتّخذ الحجّاب ويعيش عيشة قيصر وكسرى‏ .
وأمّا هؤلاء فإنّما كانوا يقولونه دفعاً لاعتراض الناس عليهم - في صرف مال المسلمين في سبيل شهواتهم وبذله فيما لا يرضَى اللَّه ، ومنعه أهليه ومستحقّيه - أنّ المال للمسلمين تصرفونه في غير سبيلهم ! فيقولون : إنّ المال مال اللَّه ونحن اُمناؤه نعمل فيه بما نراه ، فيستبيحون بذلك اللعب بمال اللَّه كيف شاؤوا ، ويستنتجون به صحّة عملهم فيه بما أرادوا، وهو لا ينتج إلّا خلافه، ومال اللَّه ومال المسلمين بمعنىً واحد ، وقد أخذوهما لمعنيين اثنين يدفع أحدهما الآخر.
ولو كان مراد معاوية بقوله : «المالُ مالُ اللَّهِ» هو الصحيح من معناه لم يكن معنىً لخروج أبي‏ذرّ من عنده وندائه في الملأ من الناس : «بَشِّرِ الكانِزينَ بكَيٍّ في الجِباهِ وكَيٍّ في الجُنوبِ وكيٍّ في الظُّهورِ» .
على‏ أنّ معاوية قد قال لأبي‏ذرّ : إنّه يرى‏ أنّ آية الكنز خاصّة بأهل الكتاب ، وربّما كان من أسباب سوء

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 154911
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي