إلّا عِبادَكَ مِنهُمُ المُخْلَصينَ)1 حيث أبدل ما ذكره مفرداً أوّلاً من الجمع ثانياً .
ويردّه - مضافاً إلى كونه على خلاف ظاهر ما نقلناه من الآيات - ظاهرُ قوله تعالى - بعد سرد قصّة آدم وسجدة الملائكة وإباء إبليس - في سورة الأعراف : (يا بَني آدمَ لايَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيطانُ كَما أخْرَجَ أبَوَيْكُم مِنَ الجَنّةِ يَنزِعُ عَنهُما لِباسَهُما لِيُريَهُما سَوْآتِهِما)2 فظهور الآية في شخصيّة آدم ممّا لاينبغي أن يُرتاب فيه .
وكذا قوله تعالى : (وإذ قُلنا لِلمَلائكةِ اسْجُدوا لآدَمَ فَسَجَدوا إلّا إبليسَ قالَ أأسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً * قالَ أرأيتَكَ هذا الّذي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أخَّرْتَنِ إلى يَومِ القِيامَةِ لأحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إلّا قَليلاً)3 وكذا الآية المبحوث عنها : (يا أيُّها النّاسُ اتَّقوا ربَّكُمُ الّذي خَلَقَكُم مِن نَفْسٍ واحِدَةٍ وخَلَقَ مِنها زَوْجَها وبَثَّ مِنهُما رِجالاً كثيراً ونِساءً...) الآية بالتقريب الذي مرّ بيانه .
فالآيات - كما ترى - تأبى أن يسمَّى الإنسان آدم باعتبار وابن آدم باعتبار آخر ، وكذا تأبى أن تنسب الخلقة إلَى التراب باعتبار وإلَى النطفة باعتبار آخر ، وخاصّة في مثل قوله تعالى :(إنّ مَثَلَ عيسى عِندَاللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكونُ...) الآية ؛ وإلّا لم يستقم استدلال الآية على كون خلقة عيسى خلقة استثنائيّة ناقضة للعادة الجارية . فالقول بآدم النوعيّ في حدّ التفريط ، والإفراط الذي يقابله قول بعضهم : إنّ القول بخلق أزيد من آدم واحد كفر . ذهب إليه زين العرب من علماء أهل السنّة .4
كلام في أنّ الإنسان نوع مستقلّ غير متحوّل من نوع آخر :
الآيات السابقة تكفي مؤونة هذا البحث ؛ فإنّها تنهي هذا النسل الجاري بالنطفة إلى آدم وزوجته وتبيّن أ نّهما خلقا من تراب ، فالإنسانيّة تنتهي إليهما وهما لايتّصلان بآخر يماثلهما