309
ميزان الحکمه المجلد الثامن

تناسلت بالازدواج ، فأولدت بنين وبنات إخوة وأخوات ، فهل نسل هؤلاء بالازدواج بينهم وهم إخوة وأخوات أو بطريق غير ذلك ؟ ظاهر إطلاق قوله تعالى‏ : (وبَثَّ مِنهُما رِجالاً كثيراً ونِساءً ...) الآية - على‏ ماتقدّم من التقريب - أنّ النسل الموجود من الإنسان إنّما ينتهي إلى‏ آدم وزوجته من غير أن يشاركهما في ذلك غيرهما من ذكر أو اُنثى‏ ، ولم يذكر القرآن لِلبَثِّ إلّا إيّاهما. ولو كان لغيرهما شركة في ذلك لقال : وبثّ منهما ومن غيرهما ، أو ذكر ذلك بما يناسبه من اللفظ . ومن المعلوم أنّ انحصار مبدأ النسل في آدم وزوجته يقضي بازدواج بنيهما من بناتهما .
وأمَّا الحكم بحرمته في الإسلام وكذا في الشرائع السابقة عليه على‏ ما يحكى‏ فإنّما هو حكم تشريعيّ يتبع المصالح والمفاسد لاتكوينيّ غير قابل للتغيير ، وزمامه بيد اللَّه سبحانه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، فمِن الجائز أن يبيحه يوماً لاستدعاء الضرورة ذلك ، ثمّ يحرّمه بعد ذلك لارتفاع الحاجة واستيجابه انتشار الفحشاء في المجتمع .
والقول بأنّه على‏ خلاف الفطرة وما شرّعه اللَّه لأنبيائه دين فطريّ - قال تعالى‏ :(فأقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الّتي فَطَرَ النّاسَ عَلَيها لاتَبْديلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلكَ الدِّينُ القَيِّمُ)۱ - فاسد ؛ فإنّ الفطرة لاتنفيه ولاتدعو إلى‏ خلافه من جهة تنفّرها عن هذا النوع من المباشره - مباشرة الأخ الاُخت - وإنّما تبغضه وتنفيه من جهة تأديته إلى‏ شيوع الفحشاء والمنكر وبطلان غريزة العفّة بذلك وارتفاعها عن المجتمع الإنسانيّ ، ومن المعلوم أنّ هذا النوع من التماسّ والمباشرة إنّما ينطبق عليه عنوان الفجور والفحشاء في المجتمع العالميّ اليوم ، وأمّا المجتمع يوم ليس هناك بحسب ما خلق اللَّه سبحانه إلّا الإخوة والأخوات - والمشيّة الإلهيّة

1.الروم : ۳۰ .


ميزان الحکمه المجلد الثامن
308

هذه الأنواع من حيث خواصّها ولوازمها وأعراضها .
واستقصاء هذا البحث يطلب من غير هذا الموضع ، وإنّما المقصود الإشارة إلى‏ أ نّه فرض افترضوه لتوجيه ما يرتبط به من المسائل من غير أن يقوم عليه دليل قاطع ، فالحقيقة التي يشير إليها القرآن الكريم من كون الإنسان نوعاً مفصولاً عن سائر الأنواع غير معارضة بشي‏ء علميّ.۱

3724 - زَواجُ بَني آدَمَ‏

۱۹۶۴۹.الاحتجاج عن أبي حَمزَةِ الثّماليِّ : سمِعتُ عليَّ بنَ الحُسين عليه السلام يحدِّثُ رجُلاً من قُرَيشٍ، قال : ... وُلِدَ لآدمَ من حواءَ عِشرونَ ذكَراً وعِشرونَ اُنثى‏ ... فلمّا أدرَكوا خافَ عَلَيهِم آدمُ الفِتنةَ فَدَعاهُم إليهِ فقالَ : اُريدُ أن اُنكِحَك يا هابيلُ لوزا ، واُنكِحَكَ يا قابيلُ إقليما ... .
فقالَ لَهُ القُرَشيُّ : فأولَداهُما ؟! قالَ : نَعَم . فقالَ لَهُ القُرَشيُّ: فهذا فِعلُ المَجوسِ اليومَ! فقالَ عليُّ بنُ الحسينِ عليهما السلام: إنّ المَجوسَ إنّما فَعَلوا ذلكَ بعدَ التَّحريمِ مِن اللَّهِ .
ثُمّ قالَ لَهُ عليُّ بنُ الحسينِ عليهما السلام : لاتُنكِرْ هذا إنّما هِيَ شَرايعُ جَرَت ، ألَيسَ اللَّهُ قد خَلقَ زَوجَةَ آدمَ مِنهُ ثُمّ أحَلَّها لَهُ ؟ ! فكانَ ذلكَ شَريعَةً مِن شَرايعِهِم ، ثُمّ أنَزَلَ اللَّهُ التَّحريمَ بعدَ ذلكَ .۲

۱۹۶۵۰.الإمامُ الرِّضا عليه السلام- وقد سألَهُ البَزَنطيُّ عن كيفيَّةِ تَناسُلِ النّاسِ مِن آدمَ -: حَمَلَت حَوّاءُ هابِيلَ واُختاً لَهُ في بَطنٍ ، ثمّ حَمَلَت في البَطنِ الثّاني قابِيلَ واُختاً له في بَطنٍ ، فزُوّجَ هابِيلُ الّتي معَ قابِيلَ ، وتَزوَّجَ قابِيلُ الّتي مَع هابِيلَ ، ثُمّ حَدَثَ التَّحريمُ بعدَ ذلكَ .۳

كلام في تناسل الطّبقة الثّانية من الإنسان :

يقول العلّامة الطباطبائيّ قدّس سرّه : «الطبقة الاُولى‏ من الإنسان وهي آدم وزوجته

1.الميزان في تفسير القرآن : ۴/۱۴۳ .

2.الاحتجاج : ۲/۱۴۳/۱۸۰ .

3.قرب الإسناد : ۳۶۶/۱۳۱۱ .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 154953
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي