341
ميزان الحکمه المجلد الثامن

اللَّه كيف شاءت ولا تمسّوها بسوء فيأخذكم عذاب قريب (الأعراف : 72 ، هود : 64 ، الشعراء : 156) .
وكان الأمر على‏ ذلك حيناً ، ثمّ إنّهم طغوا ومكروا ، وبعثوا أشقاهم لقتل الناقة فعقرها ، وقالوا لصالح : ائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين ! قال صالح عليه السلام : تمتّعوا في داركم ثلاثة أيّام ، ذلك وعد غير مكذوب (هود : 65) .
ثمّ مكرت شعوب المدينة وأرهاطها بصالح، وتقاسموا بينهم : لنُبيّتنّه وأهله ثمّ نقولنّ لوليّه : ما شهدنا مَهلِك أهله وإنّا لصادقون ، ومكروا مكراً ومكراللَّه مكراً وهم‏لايشعرون (النمل:50) فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون (الذاريات : 44) والرجفة والصيحة فأصبحوا في دارهم جاثمين ، فتولّى‏ عنهم وقال : يا قومِ لقد أبلغتكم رسالة ربّي ونصحت‏لكم ، ولكن لاتحبّون الناصحين (الأعراف: 79 ، هود : 67) وأنجَى اللَّه الذين آمنوا وكانوا يتّقون (فصّلت : 18) ونادى بعدهم المنادي الإلهيّ : ألا إنّ ثمود كفروا ربَّهم ألا بُعداً لثمود !

3 - شخصيّة صالح عليه السلام:

لم يَرد لهذا النبيّ الصالح في التوراة الحاضرة ذِكر ، كان عليه السلام من قوم ثمود ثالث الأنبياء المذكورين في القرآن بالقيام بأمر اللَّه والنهضة للتوحيد علَى الوثنيّة ، يذكره اللَّه تعالى‏ بعد نوح وهود ، ويحمده ويثني عليه بما أثنى به على‏ أنبيائه ورسله ، وقد اختاره وفضّله كسائرهم علَى العالمين عليه وعليهم السلام .۱

1.الميزان في تفسير القرآن : ۱۰/۳۱۷ .


ميزان الحکمه المجلد الثامن
340

ولهم حضارة ومدنيّة يعمرون الأرض ويتّخذون من سهولها قصوراً وينحِتون من الجبال بيوتاً آمنين (الأعراف : 74) ، ومن شُغلهم الفلاحة بإجراء العيون وإنشاء الجنّات والنخيل والحرث (الشعراء : 148) .
كانت ثمود تعيش على‏ سنّة الشعوب والقبائل ؛ يحكم فيهم سادتهم وشيوخهم . وقد كانت في المدينة التي بعث فيها صالح تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون (النمل : 48) فطغوا في الأرض وعبدوا الأصنام وأفرطوا عتوّاً وظلماً .

2 - بعثة صالح عليه السلام:

لمّا نسيت ثمود ربّها وأسرفوا في أمرهم أرسل اللَّه إليهم صالحاً النبيّ عليه السلام ، وكان من بيت الشرف والفَخار معروفاً بالعقل والكفاية (هود : 62 ، النمل : 49) فدعاهم إلى‏ توحيد اللَّه سبحانه ، وأن يتركوا عبادة الأصنام ، وأن يسيروا في مجتمعهم بالعدل والإحسان ، ولا يعلوا في الأرض ولا يسرفوا ولا يطغوا ، وأنذرهم بالعذاب (هود ، الشعراء ، الشمس وغيرها) .
فقام عليه السلام بالدعوة إلى‏ دين اللَّه بالحكمة والموعظة الحسنة ، وصبر على الأذى‏ في جنب اللَّه ، فلم يؤمن به إلّا جماعة قليلة من ضعفائهم (الأعراف : 75) وأمّا الطغاة المستكبرون وعامّة من تَبِعهم فأصرّوا على‏ كفرهم ، واستذلّوا الذين آمنوا به ، ورمَوه بالسَّفاهة والسِّحر (الأعراف : 66 ، الشعراء : 153 ، النمل : 47) . وطلبوا منه البيّنة على‏ مقاله ، وسألوه آية معجزة تدل على‏ صدقه في دعوَى الرسالة ، واقترحوا له أن يخرج لهم من صخر الجبل ناقة ، فأتاهم بناقة على‏ ما وصفوها به ، وقال لهم : إنّ اللَّه يأمركم أن تشربوا من عين مائكم يوماً وتكفّوا عنها يوماً فتشربها الناقة ، فلها شِرب يوم ولكم شِرب يوم معلوم ، وأن تذروها تأكل في أرض

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 154994
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي