بإسماعيل وبإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ، وقد شاخ وبلغه كبر السنّ فولد له إسماعيل ثمّ ولد له إسحاق ، وبارك اللَّه سبحانه فيه وفي ولدَيه وأولادهما .
ثمّ إنّه عليه السلام بأمر من ربّه ذهب إلى أرض مكّة - وهي وادٍ غير ذي زرع - فأسكن فيه ولده إسماعيل وهو صبيّ ورجع إلَى الأرض المقدّسة ، فنشأ إسماعيل هناك ، واجتمع عليه قوم من العرب القاطنين هناك ، وبُنيت بذلك بلدة مكّة .
وكان عليه السلام ربّما يزور إسماعيل في أرض مكّة ، قبل بناء مكّة والبيت وبعد ذلك (البقرة : 126 ، إبراهيم : 35 - 41) . ثمّ بنى بها الكعبة البيت الحرام ، بمشاركة من إسماعيل . وهي أوّل بيت وُضع للناس من جانب اللَّه مباركاً وهُدىً للعالمين، فيه آيات بيّنات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمناً (البقرة : 127 - 129 ، آل عمران : 96، 97) وأذّنَ في الناس بالحجّ ، وشرّع نسك الحجّ (الحجّ : 26 - 30) .
ثمّ أمره اللَّه بذبح ولده إسماعيل عليه السلام فخرج معه للنُّسك، فلمّا بلغ معه السعي قال : يا بُنيّ إنّي أرى في المنام أ نّي أذبحك ، قال : يا أبتِ افعلْ ما تُؤمر ستجدني إن شاء اللَّه من الصابرين ، فلمّا أسلما وتَلَّه للجبين نودي أن : يا إبراهيم ، قد صدّقتَ الرؤيا ، وفداه اللَّه سبحانه بذِبح عظيم (الصافّات : 101 - 107) .
وآخِر ما قصّ القرآن الكريم من قصصه عليه السلام أدعيته في بعض أيّام حضوره بمكّة ، المنقولة في سورة إبراهيم (آية 35 - 41) وآخِر ما ذكر فيها قوله عليه السلام : (ربَّنا اغْفِرْ لِي ولِوالِدَيَّ ولِلمُؤمِنينَ يَومَ يَقُومُ الحِسابُ) .
منزلة إبراهيم عليه السلام عند اللَّهِ سبحانه وموقفه العبوديّ :
أثنَى اللَّه تعالى على إبراهيم عليه السلام في كلامه أجمل ثناء ، وحمد محنته في جنبه أبلغ الحمد ، وكرّر ذكره باسمه