وليراجع في تفسير كلّ من مقاماته المذكورة إلى ما شرحناه في الموضع المختصّ به فيما تقدّم أو سنشرحه إن شاء اللَّه تعالى ؛ فالاشتغال به هاهنا يخرجنا عن الغرض المعقود له هذه الأبحاث .
وقد حفظ اللَّه سبحانه حياته الكريمة وشخصيّته الدينيّة بما سمّى هذا الدِّين القويم بالإسلام كما سمّاه عليه السلام ونسبه إليه ، قال تعالى : (مِلّةَ أبيكُمْ إبراهِيمَ هُوَ سَمّاكُمُ المُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ)۱ وقال : (قُل إنَّنِي هَدانِي رَبِّي إلى صِراطٍ مُسْتَقيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إبْراهِيمَ حَنِيفاً وما كانَ مِنَ المُشرِكينَ) .۲
وجعل الكعبة البيت الحرام الذي بناها قِبلةً للعالمين ، وشرّع مناسك الحجّ وهي في حقيقة أعمال ممثّلة لقصّة إسكانه ابنَه واُمّ ولده وتضحية ابنه إسماعيل وما سعى به إلى ربّه والتوجّه له وتحمّل الأذى والمحنة في ذاته ، كما تقدّمت الإشارة إليه في تفسير قوله تعالى : (وإذْ جَعَلْنا البَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ ...)۳ الآية في الجزء الأوّل من الكتاب .
أثره المبارك في المجتمع البشريّ :
ومن مِننه عليه السلام السابغة أنّ دين التوحيد ينتهي إليه أينما كان وعند من كان ؛ فإنّ الدين المنعوت بالتوحيد اليوم هو دين اليهود ، وينتهي إلَى الكليم موسَى بن عمران عليه السلام وينتهي نسبه إلى إسرائيل يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام ، ودين النصرانيّة وينتهي إلَى المسيح عيسَى بن مريم عليهما السلام وهو من ذرّيّة إبراهيم عليه السلام ، ودين الإسلام والصادع به هو محمّد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وينتهي نسبه إلى إسماعيل الذبيح ابن إبراهيم الخليل عليهما السلام ؛ فدين التوحيد في الدنيا أثره الطيّب المبارك ، ويشاهد في الإسلام من شرائعه الصلاة والزكاة والحجّ ، وإباحة لحوم الأنعام ، والتبرّي من أعداء اللَّه ، والسلام ، والطهارات العشر الحنيفيّة البيضاء ؛ خمس۴ منها