361
ميزان الحکمه المجلد الثامن

ليعملوا بِرّاً وعدلاً ؛ لكي يأتي الربّ لإبراهيم بما تكلّم به .
فقال الربّ : إنّ صراخ سدوم وعمورة قد كثر وخطيئتهم قد عظمت جدّاً ، أنزل وأرى هل فعلوا بالتمام حسب صراخها الآتي إليّ وإلّا فأعلم . وانصرف الرجال من هناك وذهبوا نحو سدوم .
وأمّا إبراهيم فكان لم يزل قائماً أمام الربّ ، فتقدّم إبراهيم وقال : أفتهلك البارّ مع الأثيم ؟ عسى‏ أن يكون خمسون بَرّاً في المدينة ، أفتهلك المكان ولا تصفح عنه من أجل الخمسين بارّاً الذين فيه ؟! حاشا لك أن تفعل مثل هذا الأمر أن تميت البارّ مع الأثيم فيكون البارّ كالأثيم ، حاشاك . أديّان كلّ الأرض لا يصنع عدلاً ؟! فقال الربّ : إن وجدت في سدوم خمسين بارّاً في المدينة فإنّي أصفح عن المكان كلّه من أجلهم .
فأجاب إبراهيم وقال : إنّي قد شرعت اُكلّم المولى‏ وأنا تراب ورماد ، ربّما نقص الخمسون بارّاً خمسة ، أتهلك كلّ المدينة بالخمسة ؟ فقال الربّ : لا اُهلك إن وجدت هناك خمسة وأربعين . فعاد يكلّمه أيضاً ، وقال : عسى‏ أن يوجد هناك أربعون ، فقال : لا أفعل من أجل الأربعين . فقال : لا يسخط المولى‏ فأتكلّم عسى‏ أن يوجد هناك ثلاثون ، فقال : لا أفعل إن وجدت هناك ثلاثين ، فقال : إنّي قد شرعت اُكلّم المولى‏ عسى‏ أن يوجد هناك عشرون ، فقال : لا اُهلك من أجل العشرين .
فقال : لا يسخط المولى‏ فأتكلّم هذه المرّة فقط عسى‏ أن يوجد هناك عشرة ، فقال : لا اُهلك من أجل العشرة . وذهب الربّ عند ما فرغ من الكلام مع إبراهيم ، ورجع إبراهيم إلى‏ مكانه.
فجاء۱ المَلاكان الى‏ سدوم مساءً

1.الإصحاح التاسع عشر من سفر التكوين . (كما في هامش المصدر).


ميزان الحکمه المجلد الثامن
360

في باب الخيمة وقت حرّ النهار ، فرفع عينيه ونظر وإذا ثلاثة رجال واقفون لديه . فلمّا نظر ركض لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد إلى الارض . وقال : يا سيّد ، إن كنت قد وجدت نعمة في عينيك فلا تتجاوز عبدك ، ليؤخذ قليل ماء واغسلوا أرجلكم واتّكئوا تحت هذه الشجرة ، فآخذ كسرة خبز فتسندون قلوبكم ثمّ تجتازون لأ نّكم قد مررتم على‏ عبدكم ، فقالوا : هكذا نفعل كما تكلّمت .
فأسرع إبراهيم إلَى الخيمة إلى‏ سارة وقال : أسرِعي بثلاث كيلات دقيقاً سميداً اعجني واصنعي خبز ملّة . ثمّ ركض إبراهيم الَى البقر وأخذ عِجلاً رخصاً وجيّداً وأعطاه للغلام فأسرع ليعمله ، ثمّ أخذ زُبداً ولَبناً والعجل الذي عمله ووضعها قدّامهم . وإذ كان هو واقفاً لديهم تحت الشجرة أكلوا . وقالوا له : أين سارة امرأتك ؟ فقال : ها هي في الخيمة ، فقال : إنّي أرجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة امرأتك ابن . وكانت سارة سامعة في باب الخيمة وهو وراءه . وكان إبراهيم وسارة شيخَين متقدّمين في الأيّام . وقد انقطع أن يكون لسارة عادة كالنساء . فضحكت سارة في باطنها قائلة : أبعدَ فَنائي يكون لي تنعّم وسيّدي قد شاخ ؟! فقال الربّ لإبراهيم : لماذا ضحكت سارة قائلة : أفبِالحقيقة ألِد وأنا قد شختُ ؟! هل يستحيل علَى الربّ شي‏ء ؟! في الميعاد أرجع إليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة ابن ، فأنكرت سارة قائلة : لم أضحك ! لأ نّها خافت . فقال : لا ، بل ضحكتِ .
ثم قام الرجال من هناك وتطلّعوا نحو سَدوم ، وكان إبراهيم ماشياً معهم ليشيّعهم ، فقال الربّ : هل اُخفي عن إبراهيم ما أنا فاعله ؟ وإبراهيم يكون اُمّة كبيرة وقويّة ويتبارك به جميع اُمم الأرض . لأ نّي عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من بعده أن يحفظوا طريق الربّ

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 182814
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي