377
ميزان الحکمه المجلد الثامن

تعال فاُرسلك إليهم ، فقال له : ها أناذا، فقال له : اذهب انظر سلامة إخوتك وسلامة الغنم وردّ لي خبراً . فأرسله من وطاء حبرون ، فأتى‏ إلى‏ شكيم ، فوجده رجل وإذا هو ضالّ في الحفل، فسأله الرجل قائلاً : ماذا تطلب ؟ فقال : أنا طالب إخوتي ، أخبرني أين يرعون ؟ فقال الرجل : قد ارتحلوا من هنا ؛ لأنّي سمعتهم يقولون : لنذهب إلى‏ دوثان . فذهب يوسف وراء إخوته فوجدهم في دوثان ، فلمّا أبصروه من بعيد قبل ما اقترب إليهم احتالوا له ليميتوه ، فقال بعضهم لبعض : هو ذا هذا صاحب الأحلام قادم ! فالآن هلمّ نقتله ونطرحه في إحدى‏ هذه الآبار ، ونقول : وحش رديّ أكله ، فنرى‏ ماذا يكون أحلامه ؟ !
فسمع رأُوبين وأنقذه من أيديهم ، وقال : لانقتله ، وقال لهم رأُوبين : لا تسفكوا دماً ، اطرحوه في هذه البئر التي في البرّيّة ولا تمدّوا إليه يداً ، لكي ينقذه من أيديهم ليردّه إلى‏ أبيه . فكان لمّا جاء يوسف إلى‏ إخوته أ نّهم خلعوا عن يوسف قميصه‏القميص‏الملوّن‏الذي عليه ، وأخذوه وطرحوه في البئر ، وأمّا البئر فكانت فارغة ليس فيها ماء .
ثمّ جلسوا ليأكلوا طعاماً ، فرفعوا عيونهم ونظروا ، وإذا قافلة إسماعيليّين مقبلة من جلعاد ، وجِمالهم حاملة كتيراء وبلساناً ولادناً ذاهبين لينزلوا بها إلى‏ مصر ، فقال يهوذا لإخوته : ما الفائدة أن نقتل أخانا ونخفي دمه ؟! تعالوا فنبيعه للإسماعيليّين ولاتكن أيدينا عليه لأ نّه أخونا ولحمنا ، فسمع له إخوته .
واجتاز رجال مديانيّون تجّار فسحبوا يوسف وأصعدوه من البئر ، وباعوا يوسف للإسماعيليّين بعشرين من الفضّة ، فأتوا بيوسف إلى‏ مصر . ورجع رأُوبين إلَى البئر ، وإذا يوسف ليس في البئر ، فمزّق ثيابه ثمّ رجع إلى‏ إخوته وقال : الولد ليس موجوداً ، وأنا إلى‏ أين أذهب ؟!


ميزان الحکمه المجلد الثامن
376

قصّته عليه السلام في التوراة الحاضرة :

قالت التوراة۱ : وكان بنو يعقوب اثنَي عشر : بنو ليئة : رأُوبين بِكر يعقوب ، وشمعون ، ولاوِي ، ويَهودا ، ويساكر ، وزنولون . وابنا راحِيل : يوسف ، وبنيامين . وابنا بلهة جارية راحيل: دان ، ونفتالي . وابنا زلفة جارية ليئة : جاد ، وأشير . هؤلاء بنو يعقوب الذين ولدوا في فدان أرام .
قالت‏۲ : يوسف إذ كان ابن سبع عشرة سنة كان يرعى‏ مع إخوته الغنم ، وهو غلام عند بني بلهة وبني زلفة امرأتَي أبيه . وأتى يوسف بنميمتهم الرديّة إلى‏ أبيهم ، وأمّا إسرائيل فأحبّ يوسف أكثر من‏سائر بنيه، لأ نّه ابن شيخوخته ، فصنع له قميصاً ملوّناً ، فلمّا رأى‏ إخوته أنّ أباهم أحبّه أكثر من جميع‏إخوته أبغضوه ولم يستطيعوا أن يكلّموه بسلام .
وحلم يوسف حلماً ، فأخبر إخوته ، فازدادوا أيضاً بغضاً له ، فقال لهم : اسمعوا هذا الحلم الذي حلمت : فها نحن حازمون حزماً في الحفل ، وإذا حزمتي قامت وانتصبت فاحتاطت حزمكم وسجدت لحزمتي . فقال له إخوته : ألعلّك تملك علينا ملكاً أم تتسلّط علينا تسلّطاً ، وازدادوا أيضاً بغضاً له من أجل أحلامه ومن أجل كلامه .
ثم حلم أيضاً حلماً آخر وقصّه على إخوته، فقال : إنّي قد حلمت حلماً أيضاً ، وإذا الشمس والقمر وأحد عشر كوكباً ساجدة لي . وقصّه على‏ أبيه وعلى‏ إخوته ، فانتهره أبوه وقال له : ما هذا الحلم الذي حلمت ؟! هل يأتي أنا واُمّك وإخوتك لنسجد لك إلَى الأرض ؟! فحسده إخوته، وأمّا أبوه فحفظ الأمر .
ومضى‏ إخوته ليرعوا غنم أبيهم عند شكيم ، فقال إسرائيل ليوسف : أليس إخوتك يرعون عند شكيم ؟

1.الإصحاح ۳۵ من سفر التكوين ، تذكر التوراة أنّ ليئة وراحيل‏امرأتَي يعقوب بنتا لابان الأراميّ وأنّ راحيل اُمّ يوسف ماتت‏حين وضعت بنيامين . (كما في هامش المصدر).

2.الإصحاح ۳۷ من سفر التكوين . (كما في هامش المصدر) .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 182861
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي