379
ميزان الحکمه المجلد الثامن

ثمّ حدث نحو هذا الوقت أ نّه دخل البيت ليعمل عمله - ولم يكن إنسان من أهل البيت هناك في البيت - فأمسكته بثوبه قائلة : اضطجِعْ معي ، فترك ثوبه في يدها ، وهرب وخرج إلى خارج . وكان لمّا رأت أ نّه ترك ثوبه في يدها وهرب إلى‏ خارج أ نّها نادت أهل بيتها وكلّمتهم قائلة : انظروا ! قد جاء إلينا برجل عبرانيّ ليداعبنا ، دخل إليّ ليضطجع معي فصرختُ بصوت عظيم ، وكان لمّا سمع أ نّي رفعت صوتي وصرخت أ نّه ترك ثوبه بجانبي وهرب وخرج إلى‏ خارج !
فوضعت ثوبه بجانبها حتّى‏ جاء سيّده إلى‏ بيته، فكلّمته بمثل هذا الكلام قائلة : دخل إليّ العبد العبرانيّ الذي جئت به إلينا ليداعبني ، وكان لمّا رفعت صوتي وصرخت أ نّه ترك ثوبه بجانبي وهرب إلى‏ خارج !
فكان لمّا سمع سيّده كلام امرأته الذي كلّمته به - قائلة بحسب هذا الكلام صنع بي عبدك - أنّ غضبه حَمِي ، فأخذ يوسفَ سيّده ووضعه في بيت السجن ، المكان الذي كان أسرَى الملك محبوسين فيه ، وكان هناك في بيت السجن .
ولكنّ الربّ كان مع يوسف ، وبسط إليه لطفاً وجعل نعمة له في عينَي رئيس بيت السجن ، فدفع رئيس بيت السجن إلى‏ يد يوسف جميع الأسرَى الذين في بيت السجن ، وكلّ ما كانوا يعملون هناك كان هو العامل ، ولم يكن رئيس بيت السجن ينظر شيئاً البتّة ممّا في يده ؛ لأنّ الربّ كان معه ، ومهما صنع كان الربّ ينجحه .
ثمّ ساقت التوراة۱ قصّة صاحبَي السجن ورؤياهما ورؤيا فرعون مصر ، وملخّصه : أ نّهما كانا رئيس سُقاة فرعون ورئيس الخبّازين أذنبا فحبسهما فرعون في سجن رئيس الشرط عند يوسف ، فرأى رئيس السُّقاة في منامه أ نّه يعصر خمراً ،

1.الإصحاح ۴۱ من سفر التكوين . (كما في هامش المصدر).


ميزان الحکمه المجلد الثامن
378

فأخذوا قميص يوسف وذبحوا تيساً من المعزى‏ وغمسوا القميص في الدم ، وأرسلوا القميص الملوّن وأحضروه إلى‏ أبيهم وقالوا : وجدنا هذا ، حقِّقْ أقميص ابنك هو أم لا ؟ فتحقّقه وقال : قميص ابني ؛ وحش رديّ أكله ، افترس يوسف افتراساً . فمزّق يعقوب ثيابه ووضع مِسْحاً على‏ حَقْوَيه وناح على ابنه أيّاماً كثيرة ، فقام جميع بنيه وجميع بناته ليعزّوه فأبى‏ أن يتعزّى وقال : إنّي أنزل إلى‏ ابني نائحاً إلَى الهاوية، وبكى‏ عليه أبوه .
قالت التوراة۱ : وأمّا يوسف فاُنزل إلى‏ مصر، واشتراه فوطيفار خصيّ فرعون رئيس الشرط، رجل مصريّ من يد الإسماعيليّين الذين أنزلوه إلى‏ هناك . وكان الربّ مع يوسف ، فكان رجلاً ناجحاً ، وكان في بيت سيّده المصريّ .
ورأى سيّده أنّ الربّ معه ، وأنّ كلّ ما يصنع كان الربّ ينجحه بيده ، فوجد يوسف نعمة في عينيه وخدمه فوكله إلى‏ بيته ودفع إلى‏ يده كلّ ما كان له . وكان من حين وكله على‏ بيته وعلى‏ كلّ ماكان له أنّ الربّ بارك بيت المصريّ بسبب يوسف ، وكانت بركة الربّ على‏ كلّ ماكان له في البيت وفي الحفل ، فترك كلّ ما كان له في يد يوسف ولم يكن معه يعرف شيئاً إلّا الخبز الذي يأكل، وكان يوسف حسن الصورة وحسن المنظر .
وحدث بعد هذه الاُمور أنّ امرأة سيّده رفعت عينيها إلى‏ يوسف ، وقالت : اضطجِعْ معي فأبى‏ ، وقال لامرأة سيّده : هوذا سيّدي لا يعرف معي ما في البيت ، وكلّ ماله قد دفعه إلى‏ يدي ليس هو في هذا البيت ، ولم يمسك عنّي شيئاً غيرك لأ نّك امرأته فكيف أصنع هذا الشرّ العظيم ، واُخطئ إلَى اللَّه ؟ ! وكان إذ كلّمت يوسف يوماً فيوماً أ نّه لم يسمع لها أن يضطجع بجانبها ليكون معها .

1.الإصحاح ۳۹ من سفر التكوين . (كما في هامش المصدر).

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 182818
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي