409
ميزان الحکمه المجلد الثامن

(مريم : 58) ، وأشركه مع من عدّهم من الأنبياء في سورة الأنعام في صفاتهم الجميلة من الإحسان والصلاح والفضل والاجتباء والهداية (الأنعام : 84 - 88) .
وفي دعاء موسى‏ ليلة الطّور : (واجْعَلْ لي وَزيراً مِن أهْلي * هارونَ أخِي * اشْدُدْ بهِ أزْري * وأشْرِكْهُ في أمْري * كي نُسَبِّحَكَ كثيراً * ونَذكُرَك كثيراً * إنّكَ كُنتَ بِنا بَصيراً) .۱
وكان عليه السلام ملازماً لأخيه في جميع مواقفه ، يشاركه في عامّة أمره ، ويعينه على‏ جميع مقاصده .
ولم يرد في القرآن الكريم ممّا يختصّ به من القصص إلّا خلافته لأخيه حين غاب عن القوم للميقات ، وقال لأخيه هارون : اخلفني في قومي وأصلح ولا تتّبع سبيل المفسدين ، ولمّا رجع موسى‏ إلى قومه غضبان أسفاً - وقد عبدوا العجل - ألقى‏ الألواح وأخذ برأس أخيه يجرّه إليه ، قال : ابن اُمّ ، إنّ القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء ولا تجعلني مع القوم الظالمين. قال : ربّ اغفر لي ولأخي وأدخلنا في رحمتك ، وأنت أرحم الراحمين .

4 . قصّة موسى‏ عليه السلام في التّوراة الحاضرة :

قصصه عليه السلام موضوعة فيما عدا السِّفر الأوّل من أسفار التوراة الخمسة ، وهي سفر الخروج وسفر اللاويّين وسفر العدد وسِفر التثنية ، تذكر فيها تفاصيل قصصه عليه السلام من حين ولادته إلى‏ حين وفاته وما اُوحي إليه من الشرائع والأحكام .
غير أنّ فيها اختلافات في سرد القصّة مع القرآن في اُمور غير يسيرة .
ومن أهمّها أنّها تذكر أنّ نداء موسى‏ وتكليمه من الشجرة كان في أرض مَديَن قبل أن يسير بأهله ؛ وذلك حين كان يرعى‏ غنم يثرون‏۲

1.طه : ۲۹ - ۳۵ .

2.تسمّي التوراة أبا زوجة موسى‏ يثرون كاهن مديان (كما في‏هامش المصدر) .


ميزان الحکمه المجلد الثامن
408

فيه ولا كلأ أكرمهم اللَّه فأنزل اللَّه عليهم المنّ والسّلوى‏ ، واُمر موسى‏ فضرب بعصاه الحجر فانبجست منه اثنتا عشرة عيناً قد علم كلّ اُناس مشربهم ، فشربوا منها وأكلوا منهما وظلّلهم الغمام .
ثمّ واعد اللَّه موسى‏ أربعين ليلةً لنزول التوراة بجبل الطور ، فاختار قومه سبعين رجلاً ليسمعوا تكليمه تعالى‏ إيّاه ، فسمعوا ثمّ قالوا : لن نؤمن لك حتّى‏ نرَى اللَّه جهرةً ، فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون ، ثمّ أحياهم اللَّه بدعوة موسى‏ ، ولمّا تمّ الميقات أنزل اللَّه عليه التوراة وأخبره أنّ السامريّ قد أضلّ قومه بعده فعبدوا العجل .
فرجع موسى‏ إلى‏ قومه غضبان أسفاً ، فأحرق العجل ونسفه في اليمّ وطرد السامريّ وقال له : اذهب فإنّ لك في الحياة أن تقول لا مساس . وأمّا القوم فاُمروا أن يتوبوا ويقتلوا أنفسهم ، فتيب عليهم بعد ذلك ، ثمّ استكبروا عن قبول شريعة التوراة حتّى‏ رفع اللَّه الطور فوقهم .
ثمّ إنّهم ملّوا المنّ والسّلوى‏ وقالوا : لن نصبر على‏ طعام واحد ، وسألوه أن يدعو ربّه أن يُخرج لهم ممّا تنبت الأرض من بقلها وقثّائها وفومها وعدسها وبصلها ، فاُمروا أن يدخلوا الأرض المقدّسة الّتي كتب اللَّه لهم فأبوا، فحرّمها اللَّه عليهم وابتلاهم بالتِّيه يتيهون في الأرض أربعين سنة .
ومن قصص موسى‏ عليه السلام ما ذكره اللَّه في سورة الكهف من مضيّه مع فتاه إلى‏ مجمع البحرين للقاء العبد الصالح وصحبته حتّى‏ فارقه .

3 . منزلة هارون عليه السلام عند اللَّهِ وموقفه العبوديّ :

أشركه اللَّه تعالى‏ مع موسى‏ عليهما السلام في سورة الصافّات في المنّ وإيتاء الكتاب والهداية إلَى الصراط المستقيم وفي التسليم وأنّه من المحسنين ومن عباده المؤمنين (الصافّات : 114 - 122) وعدّه مرسلاً (طه : 47) ونبيّاً (مريم : 53) وأنّه ممّن أنعم عليهم

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 152971
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي