437
ميزان الحکمه المجلد الثامن

فطوّلت أعمارهم فلا يموتون إلّا إذا شاؤوا ، فكن كفيلاً لهم منّي بذلك ، فبلّغهم بشر رسالة اللَّه فسمّي ذا الكفل .
ثمّ إنّهم توالدوا وكثروا ونمَوا حتّى‏ ضاقت بهم بلادهم ، وتنغّصت عليهم معيشتهم ، وتأذّوا بكثرتهم ، فسألوا بشراً أن يدعو اللَّه تعالى‏ أن يردّهم إلى‏ آجالهم ، فأوحَى اللَّه تعالى‏ إلى‏ بشر : أمَا عَلِم قومك أنّ اختياري لهم خير من اختيارهم لأنفسهم ؟ ! ثمّ ردّهم إلى‏ أعمارهم فماتوا بآجالهم ، قال : فلذلك كثرت الروم حتّى‏ يقال : إنّ الدنيا خمسة أسداسها الروم ، وسمّوا روماً لأنّهم نسبوا إلى‏ جدّهم روم بن عيص بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام . قال وهب : وكان بشر بن أيّوب مقيماً بالشام عمره حتّى مات ، وكان عمره خمساً وتسعين سنة .۱
وقال السيّد ابن طاووس في سعد السعود : قيل : إنّه تكفّل للَّه تعالى‏ جلّ جلاله أن لا يغضبه قومه ، فسمّي ذو الكفل . وقيل : تكفّل لنبيّ من الأنبياء أن لا يغضب فاجتهد إبليس أن يغضبه بكلّ طريق فلم يقدر ، فسمّي ذو الكفل لوفائه لنبيّ زمانه أنّه لا يغضب» .۲

1.ذيل الخبر لايلائم ماتقدّم ممّا أعطاهم اللَّه من طول العمر حتّى‏ضاقت عليهم الأرض من كثرة الأولاد.(كما في هامش بحار الأنوار).

2.بحار الأنوار : ۱۳/۴۰۶.


ميزان الحکمه المجلد الثامن
436

دخل الجنّة ، ودفع إليه كتاباً بذلك ، فتاب الملك وكان اسمه كنعان ، فسمّي ذا الكفل ، والكفل في اللغة : الخطّ .
وفي كتاب النبوّة بالإسناد عن عبدالعظيم بن عبد اللَّه الحسنيّ وذكر نحواً ممّا مرّ . انتهى‏ .
وقال البيضاويّ : «وذا الكفل» يعني إلياس ، وقيل : يُوشَع ، وقيل : زكريّا .
قال المجلسيّ قدّس سرّه بعد نقل ما ذكر : «أقول : وقال بعض المؤرّخين : إنّه بشر بن أيّوب الصابر ، وذهب أكثرهم إلى‏ أنّه كان وصيّ اليَسَع . وقد مرّ في الباب الأوّل أنّه يوشع ، وقد مرّ منّا فيه كلام ، وإنّما أوردناه في تلك المرتبة تبعاً لأكثر المؤرّخين ، وإن كان يظهر من الخبر أنّه كان بعد سليمان عليه السلام . وذكر المسعوديّ أنّ حِزقيل وإلياس وذا الكِفل وأيّوب كانوا بعد سليمان عليه السلام وقبل المسيح عليه السلام .
وقال الثعلبيّ في كتاب العرائس : وقال بعضهم : ذو الكفل بشر بن أيّوب الصابر ، بعثه اللَّه بعد أبيه رسولاً إلى‏ أرض الروم ، فآمنوا به وصدّقوه واتّبعوه ، ثمّ إنّ اللَّه تعالى‏ أمره بالجهاد فكاعوا عن ذلك وضعُفوا ، وقالوا : يا بشر ، إنّا قوم نحبّ الحياة ونكره الموت ، ومع ذلك نكره أن نعصي اللَّه ورسوله ، فإن سألت اللَّه تعالى‏ أن يطيل أعمارنا ولا يميتنا إلّا إذا شئنا لنعبده ونجاهد أعداءه ! فقال لهم بشر بن أيّوب : لقد سألتموني عظيماً وكلّفتموني شططاً .
ثمّ إنّه قام وصلّى‏ ودعا وقال : إلهي أمرتني أن نجاهد۱ أعداءك ، وأنت تعلم أنّي لا أملك إلّا نفسي ، وإنّ قومي قد سألوني ما أنت أعلم به منّي ، فلا تأخذني‏۲ بجريرة غيري ، فإنّي أعوذ برضاك من سخطك ، وبعفوك من عقوبتك . قال : وأوحَى اللَّه تعالى‏ إليه : يا بشر ، إنّي سمعت مقالة قومك ، وإنّي قد أعطيتهم ماسألوني ،

1.في المصدر : قال : إلهي أمرتني بتبليغ الرسالة فبلّغتها ، وأمرتني أن اُجاهد . (كما في هامش بحار الأنوار) .

2.في المصدر : فلا تؤاخذني . (كما في هامش بحار الأنوار) .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 155014
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي