451
ميزان الحکمه المجلد الثامن

مكتوباً إلى يوآب وأرسله بيد اُوريا ، وكتب في المكتوب يقول : اجعلوا اُوريا في وجه الحرب الشديدة وارجعوا من ورائه فيضرب ويموت ، ففعل به ذلك فقتل ، واُخبر داوود بذلك .
فلمّا سمعت امرأة اُوريا أ نّه قد مات ندبت بعلها ، ولمّا مضت المناحة أرسل داوود وضمّها إلى بيته وصارت له امرأة وولدت له ابناً ، وأمّا الأمر الذي فعله داوود فقبُح في عينَي الربّ .
فأرسل الربّ ناثان النبيَّ إلى داوود ، فجاء إليه وقال له : كان رجلان في مدينة واحدة واحد منهما غنيّ والآخر فقير ، وكان للغنيّ غنم وبقر كثيرة جدّاً ؛ وأمّا الفقير فلم يكن له شي‏ء إلّا نعجة واحدة صغيرة قد اقتناها وربّاها ، فجاء ضيف إلى الرجل الغنيّ فعفا أن يأخذ من غنمه ومن بقره ليهيّئ للضيف الذي جاء إليه ، فأخذ نعجة الرجل الفقير وهيّأ لضيفه ، فحمي غضب داوود على الرجل جدّاً، وقال لناثان : حيّ هو الربّ ؛ إنّه يقتل الرجل الفاعل ذلك وتردّ النعجة أربعةَ أضعاف ؛ لأ نّه فعل هذا الأمر ولأ نّه لم يشفق .
فقال ناثان لداوود : أنت هو الرجل يعاتبك الربّ ويقول : ساُقيم عليك الشرّ من بيتك ، وآخذ نساءك أمام عينيك واُعطيهنّ لقريبك فيضطجع معهنّ قدّام جميع إسرائيل وقدّام الشمس ؛ جزاءً لما فعلت باُوريا وامرأته .
فقال داوود لناثان : قد أخطأت إلَى الربّ ، فقال ناثان لداوود : الربّ أيضاً قد نقل عنك خطيئتك ، لا تموت غير أ نّه من أجل أ نّك قد جعلت بهذا الأمر أعداء الربّ يشمتون فالابن المولود لك من المرأة يموت ، فأمرض اللَّه الصبيّ سبعة أيّام ثمّ قبضه ثمّ ولدت مرأة اُوريا بعده لداوود ابنه سليمان .۱
وفي العيون في باب مجلس الرّضا عند المأمون مع أصحاب الملل

1.ملخّص من الإصحاح الحادي عشر والثاني عشر من صموئيل الثاني (كما في هامش المصدر).


ميزان الحکمه المجلد الثامن
450

ليأخذها فاطّلع من الكوّة فإذا امرأة اُوريا بن حيّان تغتسل فهواها وهَمَّ بتزويجها ، فبعث باُوريا إلى بعض سراياه وأمر بتقديمه أمام التابوت الذي فيه السكينة ،۱ ففعل ذلك وقتل .
فلمّا انقضت عدّتها تزوّجها وبنى بها فولد له منها سليمانُ ، فبينا هو ذات يوم في محرابه إذ دخل عليه رجلان ففزع منهما ، فقالا : لا تَخفْ خصمان بغى بعضنا على بعض - إلى قوله : - وقليل ما هم ، فنظر أحد الرجلين إلى صاحبه ثمّ ضحك ، فتنبّه داوود على أنّهما ملكان بعثهما اللَّه إليه في صورة خصمَين ليُبَكِّتاه على خطيئته ، فتاب وبكى حتّى نبت الزرع من كثرة دموعه .
ثمّ قال في المجمع - ونعم ما قال - : إنّه ممّا لا شبهة في فساده ؛ فإنّ ذلك ممّا يقدح في العدالة ، فكيف يجوز أن يكون أنبياء اللَّه - الذين هم اُمناؤه على وحيه وسفراؤه بينه وبين خلقه - بصفة من لا تقبل شهادته وعلى حالة تنفر عن الاستماع إليه والقبول منه.
أقول : والقصّة مأخوذة من التوراة ، غير أ نّ التي فيها أشنع وأفظع ، فعُدِّلت بعض التعديل على ما سيلوح لك .
ففي التوراة ما ملخّصه : وكان في وقت المساء أ نّ داوود قام عن سريره وتمشّى على سطح بيت الملك ، فرأى من على السطح امرأة تستحمّ ، وكانت المرأة جميلة المنظر جدّاً ، فأرسل داوود وسأل عن المرأة فقيل : إنّها بتشبعُ امرأة اُوريا الحِثي ، فأرسل داوود رُسُلاً وأخذها ، فدخلت عليه فاضطجع معها وهي مطهّرة من طمثها ، ثمّ رجعت إلى بيتها وحبلت المرأة فأرسلت وأخبرت داوود أ نّها حُبلى .
وكان اُوريا في جيش لداوود يحاربون بني عمون ، فكتب داوود إلى يوآب أمير جيشه يأمره بإرسال اُوريا إليه ، و لمّا أتاه وأقام عنده أيّاماً كتب

1.انظر) : ۴۴۳ / ۱۹۷۴۱ .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 182790
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي