459
ميزان الحکمه المجلد الثامن

۱۹۷۶۲.بحار الأنوار : رُويَ أنّ سُلَيمانُ عليه السلام رأى‏ عُصفوراً يَقولُ لِعُصفورَةٍ : لِمَ تَمنَعينَ نَفسَكِ مِنّي ، ولو شِئتُ أخَذتُ قُبّةَ سُلَيمانَ بمِنقارِي فألقَيتُها في البَحرِ ؟! فتبسَّمَ سليمانُ وقالَ للعُصفور : أتُطيقُ أن تَفعَلَ ذلكَ ؟ ! فقالَ : لا يا رسولَ اللَّهِ ، ولكنَّ المَرءَ قد يُزَيِّنُ نَفسَهُ ويُعَظِّمُها عِندَ زَوجَتِهِ ، والمُحِبُّ لا يُلامُ على‏ ما يقولُ ، فقالَ سُلَيمانُ عليه السلام لِلعُصفورَةِ : لِمَ تَمنَعينَهُ مِن نَفسِكَ وهُو يُحِبُّكِ ؟ فقالت : يا نَبيَّ اللَّهِ ، إنّهُ لَيس مُحِبّاً ولكنّهُ مُدَّعٍ ؛ لأ نّهُ يُحِبُّ مَعي غَيري ! فأثَّرَ كلامُ العُصفورَةِ في قَلبِ سُلَيمانَ وبَكى‏ بُكاءً شَديداً واحتَجَبَ عنِ النّاسِ أربَعينَ يَوماً يَدعُو اللَّهَ أن يُفَرِّغَ قَلبَهُ لمَحَبّتِهِ وأن لا يُخالِطَها بمَحَبَّةِ غَيرِهِ .۱

كلام في قصّة سليمان عليه السلام:

1 . ما ورد من قصصه عليه السلام في القرآن:

لم يرد من قصصه عليه السلام في القرآن الكريم إلّا نبذة يسيرة ، غير أنّ التدبّر فيها يهدي إلى عامّة قصصه ومظاهر شخصيّته الشريفة .
منها : وراثته لأبيه داوود ، قال تعالى : (وَوَهبْنا لِداودَ سُلَيمان)۲، وقال : (ووَرِثَ سُلَيمانُ داودَ) .۳
ومنها : إيتاؤه الملك العظيم وتسخير الجنّ والطير والريح له وتعليمه منطق الطير ، وقد تكرّر ذكر هذه النعم في كلامه تعالى‏ كما في سورة البقرة الآية 102 ، والأنبياء الآية 81 ، والنمل الآية 16 - 18 ، وسبأ الآية 12 ، 13 ، و ص الآية 35 - 39 .
ومنها : الإشارة إلى قصّة إلقاء جسد على كرسيّه كما في سورة ص الآية 33 .
ومنها : الإشارة إلى عرض الصافنات الجياد عليه كما في سورة ص الآية 31 - 33 .
ومنها : الإشارة إلى تفهيمه الحكم في الغنم التي نفشت في الحرث كما في سورة الأنبياء الآية 78 ، 79 .
ومنها : الإشارة إلى حديث النملة كما في سورة النمل الآية 18 ، 19 .

1.بحار الأنوار : ۱۴/۹۵/۳ .

2.ص : ۳۰ .

3.النمل : ۱۶ .


ميزان الحکمه المجلد الثامن
458

۱۹۷۶۱.عنه عليه السلام: إنّ سُلَيمانَ بنَ داوودَ عليه السلام قالَ ذاتَ يَومٍ لأصحابِهِ : إنّ اللَّهَ تباركَ وتعالى‏ قد وَهَبَ لِي مُلكاً لا يَنبَغي لأحَدٍ مِن بَعدي ، سَخَّرَ لِي الرِّيحَ والإنسَ والجِنَّ والطَّيرَ والوُحوشَ ، وعَلَّمَني مَنطِقَ الطَّيرِ ، وآتاني مِن كلِّ شي‏ءٍ ، ومَعَ جَميعِ ما اُوتِيتُ مِن المُلكِ ماتَمَّ لِي سُروري يَوم إلَى اللّيلِ ، وقد أحبَبتُ أن أدخُلَ قَصري في غَدٍ فأصعَدَ أعلاهُ وأنظُرَ إلى‏ مَمالِكي ، فلا تَأذَنوا لأحَدٍ علَيَّ لِئلّا يَرِدَ علَيَّ ما يُنَغِّصُ علَيَّ يَومي ، فقالوا : نَعَم . فلَمّا كانَ مِن الغَدِ أخَذَ عَصاهُ بيَدِهِ وصَعِدَ إلى‏ أعلى‏ مَوضِعٍ مِن قَصرِهِ ، ووَقَفَ مُتَّكِئاً على‏ عَصاهُ يَنظُرُ إلى‏ مَمالِكِهِ مَسروراً بِما اُوتِيَ فَرِحاً بِما اُعطِيَ ، إذ نَظَرَ إلى‏ شابٍّ حَسَنِ الوَجهِ واللِّباسِ قَد خَرَجَ علَيهِ مِن بَعضِ زَوايا قَصرِهِ ، فلَمّا أبصَرَهُ سُلَيمانُ قالَ لَهُ : مَن أدخَلَكَ إلى‏ هذا القَصرِ ، وقد أرَدتُ أن أخلُوَ فيهِ اليَومَ ؟! وبإذنِ مَن دَخَلتَ ؟! فقالَ الشابُّ : أدخَلَني هذا القَصرَ رَبُّهُ وبإذنِهِ دَخَلتُ . فقالَ : ربُّهُ أحَقُّ بهِ مِنّي ، فمَن أنتَ ؟ قالَ : أنا مَلَكُ المَوتِ ، قالَ : وفيما جِئتَ ؟ قالَ : جِئتُ لأقبِضَ رُوحَكَ . قالَ : إمضِ لِما اُمِرتَ بهِ فهذا يَومُ سُروري ، وأبَى اللَّهُ عَزَّوجلَّ أن يكونَ لِي سُرورٌ دُونَ لِقائهِ . فقَبَضَ مَلَكُ المَوتِ رُوحَهُ وهُو مُتَّكئٌ على‏ عَصاهُ ، فبَقِيَ سُلَيمانُ مُتّكِئاً على‏ عَصاهُ وهُو مَيِّتٌ ما شاءَ اللَّهُ والنّاسُ يَنظُرونَ إلَيهِ وهُم يُقَدِّرونَ أنّهُ حَيٌّ ، فافتُتِنوا فيهِ واختَلَفوا ؛ فمِنهُم مَن قالَ : إنّ سُلَيمانَ قَد بَقِيَ مُتَّكِئاً على‏ عَصاهُ هذهِ الأيّامَ الكَثيرَةَ ولَم يَتعَبْ ولَم يَنَمْ ولَم يَشرَبْ ولَم يَأكُلْ، إنّهُ لَرَبُّنا الّذي يَجِبُ علَينا أن نَعبُدَهُ ! وقالَ قَومٌ : إنّ سُلَيمانَ ساحِرٌ وإنّهُ يُرِينا أ نّهُ واقِفٌ مُتّكِئٌ على‏ عَصاهُ ، يَسحَرُ أعيُنَنا ولَيس كذلكَ ! وقالَ المؤمنونَ : إنّ سُلَيمانَ ، هُو عَبدُ اللَّهِ ونَبيُّهُ يُدَبِّرُ اللَّهُ أمرَهُ بما شاءَ ؛ فلَمّا اختَلَفوا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّوجلَّ الأرضَةَ فدَبَّت في عَصاةِ سُلَيمانَ، فلَمّا أكَلَت جَوفَها انكَسَرَتِ العَصا وخَرَّ سُلَيمانُ عليه السلام مِن قَصرِهِ على‏ وَجهِهِ.۱

1.علل الشرائع : ۷۳/۲ .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 179743
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي