461
ميزان الحکمه المجلد الثامن

فحبلت منه ، فاحتال في قتل زوجها اُوريا حتّى قتل في بعض الحروب، فضمّها إلى أزواجه فحبلت منه ثانياً وولدت له سليمان !
والقرآن الكريم ينزّه ساحته عليه السلام عن أوّل الرَّميتَين بما ينزّه به ساحة جميع الأنبياء بالنصّ على هدايتهم وعصمتهم ، وقال فيه خاصّة : (وَما كَفَرَ سُلَيمانُ) .۱
وعن الثانية بما يحكيه من دعائه عليه السلام لمّا سمع قول النملة : (رَبِّ أوْزِعْني أنْ أشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أنْعَمْتَ عَلَيَّ وعَلى‏ والِدَيّ)۲ فقد بيّنّا في تفسيره أنّ فيه دلالة على أنّ والدته كانت من أهل الصراط المستقيم الذين أنعم اللَّه عليهم من النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين .

4 . الروايات الواردة في قصصه عليه السلام:

الأخبار المرويّة في قصصه - وخاصّة في قصّة الهدهد وما يتبعها من أخباره مع ملكة سبأ - يتضمّن أكثرها اُموراً غريبة قلّما يوجد نظائرها في الأساطير الخرافيّة يأباها العقل السليم ويكذّبها التاريخ القطعيّ ، وأكثرها مبالغة ما روي عن أمثال كعب ووهب .
وقد بلغوا من المبالغة أنّ ما رووا أنّه عليه السلام ملك جميع الأرض ، وكان ملكه سبعمائة سنة ، وأنّ جميع الإنس والجنّ والوحش والطير كانوا جنوده ، وأنّه كان يوضع في مجلسه حول عرشه ستّمائة ألف كرسيّ يجلس عليها اُلوف من النبيّين ومئات الاُلوف من اُمراء الإنس والجنّ .
وأنّ ملكة سبأ كانت اُمّها من الجنّ ، وكانت قدمها كحافر الحمارة ، وكانت تستر قدميها عن أعين النظّار ؛ حتّى كشفت عن ساقيها حينما أرادت دخول الصرح فبان أمرها ، وقد بلغ من شوكتها أنّه كان تحت يدها أربعمائة ملك كلّ ملك على كورة، تحت يد كلّ ملك أربعمائة ألف مقاتل،

1.البقرة : ۱۰۲ .

2.النمل : ۱۹ .


ميزان الحکمه المجلد الثامن
460

ومنها : قصّة الهدهد وما يتبعها من قصّته عليه السلام مع ملكة سبأ ، سورة النمل الآية 20 - 44 .
ومنها : الإشارة إلى كيفيّة موته عليه السلام كما في سورة سبأ الآية 14 ...

2 . الثناء عليه عليه السلام في القرآن:

ورد اسمه عليه السلام في بضعة عشر موضعاً من كلامه تعالى ، وقد أكثر الثناء عليه فسمّاه عبداً أوّاباً ، قال تعالى : (نِعْمَ العَبْدُ إنَّهُ أوَّابٌ)۱ ، ووصفه بالعلم والحكم ، قال تعالى : (فَفَهّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلّاً آتَيْنا حُكْماً وعِلْماً)۲ ، وقال : (ولَقَدْ آتَيْنا داودَ وسُلَيمانَ عِلْماً)۳ ، وقال : (وقالَ يا أيُّها النّاسُ عُلِّمْنا مَنطِقَ الطَّيْرِ)۴ ، وعدّه من النبيّين المهديّين ، قال تعالى : (وَأيُّوبَ ويُونُسَ وهارونَ وسُلَيمانَ)۵ ، وقال : (ونُوحاً هَدَيْنا مِن قَبْلُ ومِنْ ذُرِّيَّتِهِ داودُ وسُلَيمانُ) .۶

3 . ذكره عليه السلام في العهد العتيق:

وقعت قصّته في كتاب الملوك الاُوَل ، وقد اُطيل فيه في حشمته وجلالة أمره وسعة ملكه ووفور ثروته وبلوغ حكمته ، غير أ نّه لم يذكر فيه شي‏ء من قصصه المشار إليها في القرآن ، إلّا ما ذكر أ نّ ملكة سبأ لمّا سمعت خبر سليمان وبنائه بيت الربّ باُورشَليم وما اُوتيه من الحكمة أتت إليه ومعها هدايا كثيرة ، فلاقته وسألته عن مسائل تمتحنه بها فأجاب عنها ، ثمّ رجعت .۷
وقد أساء العهدُ العتيقُ القولَ فيه عليه السلام، فذكر۸ أنّه عليه السلام انحرف في آخر عمره عن عبادة اللَّه إلى عبادة الأصنام، فسجد لأوثان كانت تعبدها بعض أزواجه !
وذكر أنّ والدته كانت زوج أوريا الحتّيّ ، فعشقها داوود عليه السلام، ففجر بها

1.ص : ۳۰ .

2.الأنبياء : ۷۹ .

3.النمل : ۱۵ .

4.النمل : ۱۶ .

5.النساء : ۱۶۳ .

6.الأنعام : ۸۴ .

7.الإصحاح العاشر من الملوك الاُول. (كما في هامش المصدر).

8.الإصحاح الحادي عشر والثاني عشر من كتاب صموئيل الثاني . (كما في هامش المصدر).

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 179744
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي