479
ميزان الحکمه المجلد الثامن

2 . تاريخ حياته :

ولد عليه السلام لأبويه على‏ خَرق العادة ، فقد كان أبوه شيخاً فانياً واُمّه عاقراً فرزقهما اللَّه يحيى‏ وهما آئسان من الولد ، وأخذ بالرُّشد والعبادة والزهد في صغره وآتاه اللَّه الحكم صبيّاً ، وقد تجرّد للتنسّك والزهد والانقطاع فلم يتزوّج قطّ ولا ألهاه شي‏ء من ملاذّ الدنيا .
وكان معاصراً لعيسَى بن مريم عليه السلام وصدَّق نبوّته ، وكان سيّداً في قومه تحنّ إليه القلوب وتميل إليه النفوس ويجتمع إليه الناس فيعظهم ويدعوهم إلَى التوبة ويأمرهم بالتقوى‏ حتّى استشهد عليه السلام .
ولم يرد في القرآن مقتله عليه السلام ، والذي ورد في الأخبار أنّه كان السبب في قتله أنّ امرأة بغيّاً افتتن بها مَلِك بني إسرائيل وكان يأتيها ، فنهاه يحيى‏ ووبّخه على‏ ذلك - وكان مكرّماً عند الملك يطيع أمره ويسمع قوله - فأضمرت المرأة عداوته وطلبت من الملك رأس يحيى وألحّت عليه ، فأمر به فذبح واُهدي إليها رأسه .
وفي بعض الأخبار أنّ التي طلبت منه رأس يحيى‏ كانت ابنة أخي الملك ، وكان يريد أن يتزوّج بها فنهاه يحيى‏ عن ذلك ، فزيّنتها اُمّها بما يأخذ بمجامع قلب الملك وأرسلتها إليه ، ولقّنتها إذا منح الملك عليها بسؤال حاجة أن تسأله رأس يحيى‏ ففعلت ، فذُبح عليه السلام ووضع رأسه في طست من ذهب واُهدي إليها .
وفي الروايات نوادر كثيرة من زهده وتنسّكه وبكائه من خشية اللَّه ومواعظه وحكمه .

3 . قصّة زكريّا ويحيى‏ عليهما السلام في الإنجيل:

قال‏۱ : كان في أيّام هيرودس ملك اليهوديّة كاهن اسمه زكريّا من فرقة أبيّا وامرأته من بنات هارون واسمها

1.إنجيل لوقا ، الإصحاح الأوّل ۵ . (كما في هامش المصدر).


ميزان الحکمه المجلد الثامن
478

قالَ : زِدْني . قالَ : لا تَغضَبْ ، قالَ : حَسبي .۱

۱۹۷۷۴.الإمامُ الكاظمُ عليه السلام: كانَ يحيَى بنُ زَكريّا عليهما السلام يَبكي ولا يَضحَكُ ، وكانَ عيسَى بنُ مَريمَ عليهما السلام يَضحَكُ ويَبكي ، وكانَ الّذي يَصنَعُ عيسى‏ عليه السلام أفضَلَ مِن الّذي كانَ يَصنَعُ يحيى‏ عليه السلام .۲

۱۹۷۷۵.الإمامُ الرِّضا عليه السلام : إنّ أوحَشَ ما يَكونُ هذا الخَلقُ في ثَلاثَةِ مَواطِنَ : يَومَ يُولَدُ ويَخرُجُ مِن بَطنِ اُمِّهِ فيَرَى الدُّنيا ، ويَومَ يَموتُ فيُعايِنُ الآخِرَةَ وأهلَها ، ويَومَ يُبعَثُ فيَرى‏ أحكاماً لَم يَرَها في دارِ الدُّنيا .
وقد سَلّمَ‏اللَّهُ عَزَّوجلَّ على‏ يحيى‏ عليه السلام في هذهِ الثّلاثَةِ المَواطِنِ وآمنَ رَوعَتَهُ فقالَ : (وسَلامٌ علَيهِ يَومَ وُلِدَ وَيَومَ يَمُوتُ وَيَومَ يُبْعَثُ حَيّاً) ، وقد سَلَّمَ عيسَى بنُ مريمَ على‏ نفسِهِ في هذهِ الثّلاثَةِ المَواطِنِ فقالَ : (والسَّلامُ علَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ ويَوْمَ أمُوتُ ويَوْمَ اُبْعَثُ حَيّاً)۳.۴

قصّة يحيى‏ عليه السلام في القرآن:

1 . الثناء عليه:

ذكره اللَّه في بضعة مواضع من كلامه وأثنى‏ عليه ثناءً جميلاً ، فوصفه بأنّه كان مُصدِّقاً بكلمة من اللَّه وهوتصديقه بنبوّة المسيح ، وأنّه كان سيّداً يسود قومه ، وأنّه كان حَصوراً لا يأتي النساء ، وكان نبيّاً ومن الصالحين (آل عمران : 39) ومن المجتبين - وهم المخلصون - ومن المهديّين (الأنعام : 85 - 87) ، وأنّ اللَّه هو سمّاه بيحيى‏ ولم يجعل له من قبل سميّاً ، وأمره بأخذ الكتاب بقوّة وآتاه الحكم صبيّاً ، وسلّم عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيّاً (مريم : 2 - 15) ومدح بيت زكريّا بقوله : (إنَّهُم كانُوا يُسارِعُونَ في الخَيْراتِ ويَدْعُونَنا رَغَباً ورَهَباً وكانُوا لَنا خاشِعينَ)۵وهم يحيى‏ وأبوه واُمّه .

1.كتاب من لا يحضره الفقيه : ۴/۳۳/۵۰۱۹ .

2.الكافي : ۲/۶۶۵/۲۰ .

3.مريم : ۳۳ .

4.عيون أخبار الرِّضا : ۱/۲۵۷/۱۱ .

5.الأنبياء : ۹۰ .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 153235
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي