481
ميزان الحکمه المجلد الثامن

إلى‏ أن قال : وأمّا إليصابات فتمّ زمانها لتلد فولدت ابناً ، وسمع جيرانها و أقرباؤها أنّ الربّ عظّم رحمته لها ففرحوا معها . وفي اليوم جاؤوا ليختنوا الصبيّ وسمّوه باسم أبيه زكريّا فأجابت اُمّه وقالت : لا بل يسمّى‏ يوحنّا ، فقالوا لها : ليس أحد في عشيرتك تسمّى‏ بهذا الاسم . ثمّ أومؤوا إلى‏ أبيه ماذا يريد أن يسمّي ، فطلب لوحاً وكتب قائلاً : اسمه يوحنّا ، فتعجّب الجميع ، وفي الحال انفتح فمه ولسانه وتكلّم وبارك اللَّهَ ، فوقع خوف على‏ كلّ جيرانهم ، وتحدّث بهذه الاُمور جميعها في كلّ جبال اليهوديّة ، فأودعها جميع السامعين في قلوبهم قائلين : أترى ماذا يكون هذا الصبيّ ؟! وكانت يد الربّ معه ، وامتلأ زكريّا أبوه من الروح القدس وتنبّأ ... إلخ .
وفيه‏۱ : وفي السنة الخامسة عشرة من سلطنة طيباريوس قيصر - إذ كان بيلاطس النبطيّ والياً علَى اليهوديّة ، وهيرودس رئيس ربع علَى الجليل ، وفيلبس أخوه رئيس ربع على‏ إيطوريّة وكُورة تراخوتينس ، وليسانيوس رئيس ربع علَى الأبليّة في أيّام رئيس الكهنة حنّان وقيافا - كانت كلمة اللَّه على‏ يوحنّا بن زكريّا في البرّيّة .
فجاء إلى‏ جميع الكُورة المحيطة بالاُردن يكرز بمعموديّة التوبة لمغفرة الخطايا ، كما هو مكتوب في سفر أقوال أشعيا النبيّ القائل : «صوت خارج في البرّيّة ، أعِدّوا طريق الربّ اصنعوا سبله مستقيمة ، كلّ وادٍ يمتلئُ ، وكلّ جبل وأكمة ينخفض ، وتصير المعوجّات مستقيمة والشِّعاب طرقاً سهلة، ويبصر كلّ بشر خلاص اللَّه.
وكان يقول للجموع الذين خرجوا ليعمّدوا منه : يا أولاد الأفاعي ، من أراكم أن تهربوا من الغضب الآتي ؟! فاصنعوا أثماراً تليق بالتوبة ، ولا تبتدؤوا تقولون في أنفسكم لنا :

1.إنجيل لوقا ، الإصحاح الثالث ۱ . (كما في هامش المصدر) .


ميزان الحکمه المجلد الثامن
480

إليصابات ، وكان كلاهما بارَّين أمام اللَّه سالكَين في جميع وصايا الربّ وأحكامه بلا لوم . ولم يكن لهما ولد إذ كانت إليصابات عاقراً وكانا كلاهما متقدّمَين في أيّامهما .
فبينما هو يكهن في نوبة فرقته أمام اللَّه - حسب عادة الكهنوت - أصابته القرعة أن يدخل إلى‏ هيكل الربّ ويبخّر ، وكان كلّ جمهور الشعب يصلّون خارجاً وقت البخور ، فظهر له مَلاك الربّ واقفاً عن يمين مذبح البخور ، فلمّا رآه زكريّا اضطرب ووقع عليه خوف ، فقال له المَلاك : لا تخف يا زكريّا ؛ لأنّ طلبتك قد سُمِعت وامرأتك إليصابات ستلد ابناً وتسمّيه يوحنّا ، ويكون لك فرح وابتهاج وكثيرون سيفرحون بولادته ؛ لأنّه يكون عظيماً أمام الربّ وخمراً ومُسكِراً لا يشرب ، ومن بطن اُمّه يمتلئ من الروح القدس ، ويردّ كثيرين من بني إسرائيل إلَى الربّ إلههم ، ويتقدّم أمامه بروح إيليا وقوّته ليردّ قلوب الآباء إلَى الأبناء والعصاة إلى‏ فكر الأبرار ، لكي يهيّئ للربّ شعباً مستعدّاً .
فقال زكريّا للمَلاك : كيف أعلم هذا لأنّي أنا شيخ وامرأتي متقدّمة في أيّامها ؟ فأجاب المَلاك وقال : أنا جبريل الواقف قدّام اللَّه ، واُرسلت لاُكلّمك واُبشّرك بهذا ، وها أنت تكون صامتاً ولا تقدر أن تتكلّم إلَى اليوم الذي يكون فيه هذا ؛ لأنّك لم تصدّق كلامي الذي سيتمّ في وقته .
وكان الشعب منتظرين زكريّا ومتعجّبين من إبطائه في الهيكل ، فلمّا خرج لم يستطع أن يكلّمهم، ففهموا أنّه قد رأى‏ رؤيا في الهيكل فكان يومي إليهم وبقي صامتاً . ولمّا كملت أيّام خدمته مضى إلى‏ بيته ، وبعد تلك الأيّام حبلت إليصابات امرأته وأخفت نفسها خمسة أشهر قائلة : هكذا قد فعل بي الربّ في الأيّام التي فيها نظر إليّ لينزع عاري بين الناس .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 153220
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي