483
ميزان الحکمه المجلد الثامن

وإذ كان يوم موافق لما صنع هيرودس في مولده عشاء لعظمائه وقوّاد الاُلوف ووجوه الجليل ، دخلت ابنة هيروديّا ورقصت ، فسَرّت هيرودس والمتّكئين معه . فقال الملك للصبيّة : مهما أردت اطلبي منّي فاُعطيك ، وأقسم لها أنّ مهما طلبت منّي لاُعطينّك حتّى نصف مملكتي ، فخرجت وقالت لاُمّها : ماذا أطلب ؟ فقالت : رأس يوحنّا المعمدان ، فدخلت للوقت بسرعة إلَى الملك وطلبت قائلة : اُريد أن تعطيني حالاً رأس يوحنّا المعمدان على‏ طبق ، فحزن الملك جدّاً ، ولأجل الأقسام والمتّكئين لم يُرِد أن يردّها .
فللوقت أرسل الملك سيّافاً وأمر أن يؤتى‏ برأسه ، فمضى‏ وقطع رأسه في السجن وأتى‏ برأسه على‏ طبق وأعطاه للصبيّة ، والصبيّة أعطته لاُمّها . ولمّا سمع تلاميذه جاؤوا ورفعوا جثّته ووضعوها في قبر . انتهى‏ .
وليحيى‏ عليه السلام أخبار اُخر متفرّقة في الأناجيل لا تتعدّى‏ حدود ما أوردناه ، وللمتدبّر الناقد أن يطبّق ما نقلناه من الأناجيل على‏ ما تقدّم حتّى‏ يحصل على‏ موارد الاختلاف .۱

1.الميزان في تفسير القرآن : ۱۴/۲۸ .


ميزان الحکمه المجلد الثامن
482

إبراهيم أباً ؛ لأنّي أقول لكم : إنّ اللَّه قادر على‏ أن يقيم من هذه الحجارة أولاداً لإبراهيم ، والآن قد وضعت الفأس على‏ أصل الشجر ، فكلّ شجرة لا تصنع ثمراً جيّداً تُقطع وتُلقَى في النار .
وسأله الجموع قائلين : فماذا نفعل ؟ فأجاب وقال لهم : من له ثوبان فليُعطِ من ليس له ، ومن له طعام فليفعل هكذا. وجاء عشّارون أيضاً ليعمّدوا، فقالوا له : يا معلّم ، ماذا نفعل ؟ فقال لهم : لا تستوفوا أكثر ممّا فرض لكم . وسأله جنديّون أيضاً قائلين : وماذا نفعل نحن ؟ فقال لهم : لا تظلموا أحداً ، ولا تَشُوا بأحد ، واكتفوا بعلائفكم .
وإذ كان الشعب ينتظر والجميع يفكّرون في قلوبهم عن يوحنّا لعلّه المسيح ، أجاب يوحنّا الجميعَ قائلاً : أنا اُعمّدكم بماءٍ ، ولكن يأتي من هو أقوى‏ منّي - الذي لست أهلاً أن أحلّ سيور حذائه - هو سيعمّدكم بروح القدس ونار الذي رفشه في يده ، وسينقّي بيدره ويجمع القمح إلى‏ مخزنه ، وأمّا التبن فيحرقه بنار لا تطفأ ، وبأشياء اُخر كثيرة كان يعظ الشعب ويبشّرهم .
أمّا هيرودس رئيس الربع فإذا توبّخ منه لسبب هيروديّا امرأة فيلبس أخيه ولسبب جميع الشرور التي كان هيرودس يفعلها زاد هذا أيضاً علَى الجميع أنّه حبس يوحنّا في السجن .
وفيه‏۱ : أنّ هيرودس نفسه كان قد أرسل وأمسك يوحنّا وأوثقه في السجن من أجل هيروديّا امرأة فيلبس أخيه إذ كان قد تزوّج بها ؛ لأنّ يوحنّا كان يقول لهيرودس : لا يحلّ أن تكون لك امرأة أخيك ، فحنقت هيروديّا عليه وأرادت أن تقتله ولم تقدر ؛ لأنّ هيرودس كان يهاب يوحنّا عالماً أنّه رجل بارّ وقدّيس وكان يحفظه ، وإذ سمعه فعل كثيراً وسمعه بسرور .

1.إنجيل مرقس الإصحاح السادس ۱۷ - ۲۹ . (كما في هامش‏المصدر).

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 153223
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي