497
ميزان الحکمه المجلد الثامن

الكلام الذي أقوله لكم ليس هو من ذاتي وحدي ، بل أبي الحالّ فيَّ هو يفعل هذه الأفعال ، آمِنوا بي ، أنا في أبي وأبي فيَّ» إنجيل يوحنّا ، الاصحاح الرابع عشر .
وقوله : «لكنّي خرجت من اللَّه وجئت ، ولم آتِ من عندي بل هو أرسلني» إنجيل يوحنّا ، الاصحاح الثامن .
وقوله : «أنا وأبي واحد نحن» إنجيل يوحنّا ، الاصحاح العاشر .
وقوله لتلامذته : «اذهبوا وتلمذوا كلّ الاُمم وعمّدوهم‏۱ باسم الأب والابن وروح القدس» إنجيل متّى‏ ، الاصحاح الثامن والعشرون .
وقوله : «في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عنداللَّه ، واللَّه كان الكلمة منذ البدء ، كان هذا عنداللَّه ، كلّ به كان ، وبغيره لم يكن شي‏ء ممّا كان ، به كانت الحياة ، والحياة كانت نور الناس» إنجيل يوحنّا ، الاصحاح الأوّل .
فهذه الكلمات وما يماثلها ممّا وقع في الإنجيل هي التي دعت النصارى‏ إلَى القول بالتثليث في الوحدة .
والمراد به حفظ «أنّ المسيح ابن اللَّه» مع التحفّظ علَى التوحيد الذي نصّ عليه المسيح في تعليمه كما في قوله : «إنّ أوّل كلّ الوصايا : اسمع يا إسرائيل ! الربّ إلهك إله واحد هو» إنجيل مرقس ، الاصحاح الثاني عشر .
ومحصّل ما قالوا به - وإن كان لا يرجع إلى‏ محصّل معقول - : أنّ الذات جوهر واحد له أقانيم ثلاث ، والمراد بالاُقْنوم هو الصفة التي هي نحو ظهور الشي‏ء وبروزه وتجلّيه لغيره ، وليست الصفة غير الموصوف ، والأقانيم الثلاث هي : اُقنوم الوجود ، واُقنوم العلم وهو الكلمة ، واُقنوم الحياة وهو الروح .
وهذه الأقانيم الثلاث هي : الأب والابن والروح القدس : والأوّل اُقنوم

1.المَعْمُوديّةُ : عند النصارى‏ أن يَغْمِسَ القَسُّ الطفل في ماءِ يتلو عليه بعض فِقر من الإنجيل ، وهو آية التنصير عندهم (المعجم الوسيط : ۲ / ۶۲۶).


ميزان الحکمه المجلد الثامن
496

وقوله : «وكونوا رُحَماء مثل أبيكم الرحيم» إنجيل لوقا ، الاصحاح السادس .
وقوله لمريم المَجدَليّة : «امضي إلى‏ إخوتي وقولي لهم : إنّي صاعد إلى‏ أبي الذي هو أبوكم ، وإلهي الذي هو إلهكم» إنجيل يوحنّا ، الإصحاح العشرون .
فهذه وأمثالها من فقرات الأناجيل تطلق لفظ الأب علَى اللَّه تعالى‏ وتقدّس ، بالنسبة إلى‏ عيسى‏ وغيره جميعاً ، كما ترى بعناية التشريف ونحوه .
وإن كان ما في بعض الموارد منها يعطي أنّ هذه البنوّة والاُبوّة نوع من الاستكمال المؤدّي إلَى الاتّحاد كقوله : «تكلّم اليسوع بهذا ورفع عينيه إلَى السماء ، فقال : يا أبة قد حضرت الساعة ، فمجّد ابنك ليمجّدك ابنك» . ثمّ ذكر دعاءه لرسله من تلامذته ، ثمّ قال : «ولست أسأل في هؤلاء فقط ، بل وفي الذين يؤمنون بي بقولهم ليكونوا بأجمعهم واحداً ، كما أنّك يا أبتِ ثابت فيَّ وأنا أيضاً فيك ليكونوا أيضاً فينا واحداً ، ليؤمن العالم أنّك أرسلتني وأنا أعطيتهم المجد الذي أعطيتني؛ ليكونوا واحداً كما نحن واحد أنا فيهم وأنت فيَّ ، ويكونوا كاملين لواحد لكي يعلم العالم أنّك أرسلتني وأنّني أحببتهم كما أحببتني» إنجيل يوحنّا ، الاصحاح السابع عشر .
لكن وقع فيها أقاويل يتأبّى ظواهرها عن تأويلها إلَى التشريف ونحوه كقوله : «قال له توما : يا سيّد ، ما نعلم أين تذهب ، وكيف نقدر أن نعرف الطريق ؟ قال له يسوع : أنا هو الطريق والحقّ والحياة ، لا يأتي أحد إلى‏ أبي إلّا بي ، لو كنتم تعرفونني لعرفتم أبي أيضاً ، ومن الآن تعرفونه وقد رأيتموه أيضاً ، قال له فيلبس : يا سيّد ، أرِنا الأب وحسبنا . قال له يسوع : أنا معكم كلّ هذا الزمان ولم تعرفني يا فيلبس ؟! من رآني فقد رأى الأب ، فكيف تقول أنت : أرنا الأب ؟ أما تؤمن أنّي في أبي وأبي فيَّ ؟! وهذا

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 154959
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي