الوجود ، والثاني اُقنوم العلم والكلمة ، والثالث اُقنوم الحياة ؛ فالابن - وهو الكلمة واُقنوم العلم - نزل من عند أبيه وهو اُقنوم الوجود بمصاحبة روح القدس وهو اُقنوم الحياة التي بها يستنير الأشياء .
ثمّ اختلفوا في تفسير هذا الإجمال اختلافاً عظيماً أوجب تشتّتهم وانشعابهم شعباً ومذاهب كثيرة تجاوز السبعين ، وسيأتيك نبأها على قدر ما يلائم حال هذا الكتاب .
إذا تأمّلت ما قدّمناه عرفت : أنّ ما يحكيه القرآن عنهم ، أو ينسبه إليهم - بقوله : (وقالَتِ النَّصارى المَسيحُ ابنُ اللَّهِ ...)الآية وقوله : (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إنّ اللَّهَ هُوَ المَسيحُ ابنُ مَرْيَمَ ...) وقوله : (لَقَدْ كفَر الَّذِينَ قالُوا إنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ ...)وقوله : (ولا تَقُولوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا...) - كلّ ذلك يرجع إلى معنىً واحد وهو تثليث الوحدة ، هو المشترك بين جميع المذاهب المستحدثة في النصرانيّة ، وهو الذي قدّمناه في معنى تثليث الوحدة . وإنّما اقتصر فيه على هذا المعنَى المشترك ؛ لأنّ الذي يرد على أقوالهم في خصوص المسيح عليه السلام على كثرتها وتشتّتها ممّا يحتجّ به القرآن - أمر واحد يرد على وتيرة واحدة ، كما سيتّضح .۱