593
ميزان الحکمه المجلد الثامن

القِنطارَ ، وكانَ عَمَّ أبي جَهلٍ ، فقالوا لَهُ : يا عَبدَ شَمسٍ ، ما هذا الّذي يَقولُ محمّد ؟ أسِحرٌ ، أم كِهانَةٌ ، أم خُطَبٌ ؟ فقالَ : دَعُوني أسمَعْ كلامَهُ ، فدَنا مِن رسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وهُو جالِسٌ في الحِجرِ فقالَ : يا محمّدُ ، أنشِدْني شِعرَكَ ، فقالَ : ما هو بشِعرٍ ولكنَّهُ كلامُ اللَّهِ الّذي بَعَثَ أنبياءهُ ورُسُلَهُ ، فقالَ : اُتْلُ ، فقَرأَ : بسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، فلَمّا سَمِعَ الرَّحمنَ استَهزأَ مِنهُ وقالَ : تَدعُو إلى‏ رجُلٍ باليَمامَةِ باسمِ الرَّحمنِ ؟! قالَ : لا ولكنّي أدعُو إلَى اللَّهِ وهُو الرّحمنُ الرَّحيمُ ، ثُمّ افتَتَحَ «حم السَّجدَة» ، فلَمّا بَلَغَ إلى‏ قَولِهِ : (فإنْ أعْرَضُوا فَقُلْ أنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وثَمُودَ)۱ وسَمِعَهُ ، اقشَعرَّ جِلدُهُ وقامَت كُلُّ شَعرَةٍ في بدَنِهِ ، وقامَ ومَشى‏ إلى‏ بَيتِهِ ولَم يَرجِعْ إلى‏ قُرَيشٍ ، فقالوا : صَبأَ أبو عَبدِ شَمسٍ إلى‏ دِينِ محمّدٍ ! فاغتَمَّت قُرَيشٌ وغَدا علَيهِ أبو جَهلٍ فقالَ : فضَحتَنا يا عَمُّ ! قالَ : يابنَ أخي ، ما ذاكَ وإنّي على‏ دِينِ قَومي ، ولكنّي سَمِعتُ كلاماً صَعباً تَقشَعِرُّ مِنهُ الجُلودُ ، قالَ أفشِعرٌ هُو ؟ قالَ : ما هُو بشِعرٍ . قالَ : فخُطَبٌ ؟ قالَ : لا ، إنّ الخُطَبَ كلامٌ مُتَّصِلٌ ، وهذا كلامٌ مَنثورٌ لا يُشبِهُ بَعضُهُ بَعضاً ، لَه طَلاوَةٌ . قالَ : فكِهانَةٌ هُو ؟ قالَ : لا ، قالَ : فما هُو ؟ قالَ : دَعْني اُفكِّرْ فيهِ . فلَمّا كانَ مِن الغَدِ قالوا : يا عَبدَ شَمسٍ ، ما تَقولُ ؟ قالَ : قُولوا : هُو سِحرٌ ؛ فإنّهُ آخِذٌ بقُلوبِ النّاسِ ! فأنزَلَ اللَّهُ تعالى‏ فيهِ : (ذَرْني ومَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً * وجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً * وبَنينَ شُهُوداً إلى‏ قولهِ - علَيها تِسْعَةَ عَشَرَ) .۲
وفي حديثِ حمّادِ بنِ زيدٍ عن أيُّوبَ عن عِكرِمَةَ قالَ : جاءَ الوليدُ بنُ المُغيرَةِ إلى‏ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فقالَ : اِقرَأْ علَيَّ ، فقالَ : (إنَّ اللَّهَ يَأمُرُ بالعَدْلِ والإحْسانِ وإيْتاءِ ذِي القُرْبَى‏ ويَنْهَى‏ عَنِ الفَحْشاءِ والمُنْكَرِ والبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)۳ ، فقالَ : أعِدْ ، فأعادَ ، فقالَ : واللَّهِ، إنّ لَهُ لَحَلاوَةً وطَلاوَةً۴ ، وإنَّ

1.فصّلت : ۱۳ .

2.المدّثّر : ۱۱ - ۳۰ .

3.النحل : ۹۰ .

4.الطلاوة - مثلّثة - : الحُسن والبَهجة والقبول . (القاموس المحيط : ۴ / ۳۵۷).


ميزان الحکمه المجلد الثامن
592

طالبٍ إلى‏ رسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فدَعاهُ ، فلَمّا دَخَلَ النّبيُّ صلى اللَّه عليه وآله لَم يَرَ في البَيتِ إلّا مُشرِكاً ، فقالَ : السّلامُ على‏ مَنِ اتَّبَعَ الهُدى‏ ، ثُمّ جَلَسَ ، فخَبَّرَهُ أبو طالبٍ بما جاؤوا لَهُ ، فقالَ : أوَهَل لَهُم في كَلِمَةٍ خَيرٌ لَهُم مِن هذا يَسُودونَ بها العَرَبَ ويَطَؤونَ أعناقَهُم ؟ فقالَ أبوجَهلٍ : نَعَم، وما هذهِ الكَلِمَةُ ؟ فقال : تَقولونَ : لا إلهَ إلّا اللَّهُ .
قالَ : فوَضَعوا أصابِعَهُم في آذانِهِم ، وخَرَجوا هِراباً وهُم يَقولونَ : ما سَمِعنا بهذا في المِلَّةِ الآخِرَةِ إنْ هذا إلّا اختِلاقٌ ، فأنزَلَ اللَّهُ في قَولِهِم : (ص والقُرآنِ ذِي الذِّكْرِ* - إلى‏ قولهِ - إلّا اخْتِلاقٌ)۱.۲

۲۰۰۶۵.تفسير القُمّي :(وعَجِبوا أنْ جاءَهُم مُنْذِرٌ مِنْهُم)۳ قال : نَزَلَت بمَكّةَ ، لَمّا أظهَرَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله الدَّعوَةَ بمَكّةَ اجتَمَعَت قُرَيشٌ إلى‏ أبي طالِبٍ فقالوا : يا أبا طالِبٍ ، إنّ ابنَ أخيكَ قد سَفّهَ أحلامَنا ، وسَبَّ آلِهَتَنا وأفسَدَ شَبابَنا ، وفَرَّقَ جَماعَتَنا ، فإن كانَ الّذي يَحمِلُهُ على‏ ذلكَ العُدمُ جَمَعْنا لَهُ مالاً حتّى‏ يكونَ أغنى‏ رجُلٍ في قُرَيشٍ ونُمَلِّكَهُ علَينا . فأخبَرَ أبو طالِبٍ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله بذلكَ ، فقالَ : لَو وَضَعوا الشَّمسَ في يَميني والقَمَرَ في يَساري ما أرَدتُهُ ، ولكنْ يُعطوني كَلِمَةً يَملِكونَ بها العَرَبَ ، وتَدينُ لَهُم بها العَجَمُ ، ويكونونَ مُلوكاً في الجَنَّةِ ، فقالَ لَهُم أبو طالبٍ ذلكَ ، فقالوا : نَعَم وعَشرَ كَلِماتٍ ، فقالَ لَهُم رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله تَشهَدون أن لا إلهَ إلّا اللَّهُ ، وأ نّي رَسولُ اللَّهِ ، فقالوا : نَدَعُ ثلاثَ مِائةٍ وسِتِّينَ إلهاً ونَعبُدُ إلهاً واحِداً ؟ ! فأنزَلَ اللَّهُ سبحانَهُ : (وعَجِبوا أنْ جاءَهُم مُنْذِرٌ مِنْهُم وقالَ الكافِرونَ هذا ساحِرٌ كَذّابٌ - إلى‏ قولهِ - إلّا اختِلاقٌ) أي تَخليطٌ .۴

۲۰۰۶۶.قصص الأنبياء : كانَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله لا يَكُفُّ عن عَيبِ آلهَةِ المُشرِكينَ ، ويَقرأ علَيهِمُ القرآنَ ، وكانَ الوليدُ بنُ المُغيرَةِ مِن حُكّامِ العَرَبِ يَتَحاكَمونَ إلَيهِ في الاُمورِ ، وكانَ لَهُ عَبيدٌ عَشرَةٌ عِندَ كلِّ عَبدٍ ألفُ دِينارٍ يَتَّجِرُ بِها ، ومَلَكَ

1.ص : ۱ - ۷ .

2.الكافي : ۲ / ۶۴۹ / ۵ .

3.ص : ۴ .

4.تفسير القمّي : ۲ / ۲۲۸ .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 182809
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي