83
ميزان الحکمه المجلد الثامن

مِنكُم إذا خَرَجَ حاجّاً أو مُعتَمِراً أو مُرابِطاً حَفِظنا لَكُم أموالَكُم ، وغَزَلنا لَكُم أثوابَكُم ، ورَبَّينا لَكُم أموالَكُم‏۱فما نُشارِكُكُم في الأجرِ يا رسولَ اللَّهِ ؟
فالتَفَتَ النّبيُّ صلى اللَّه عليه وآله إلى‏ أصحابهِ بِوَجهِهِ كُلِّهِ ، ثُمّ قالَ : هَل سَمِعتُم مَقالَةَ امرأةٍ قَطُّ أحسَنَ مِن مُساءلَتِها في أمرِ دِينِها مِن هذهِ؟ فقالوا : يا رسولَ اللَّهِ، ما ظَنَنّا أنّ امرَأةً تَهتَدي إلى‏ مِثلِ هذا !
فالتَفَتَ النَّبيُّ صلى اللَّه عليه وآله إلَيها، ثُمّ قالَ لَها : انصَرفي أيَّتُها المَرأةُ ، وأعلِمي مَن خَلفَكِ مِن النِّساءِ أنّ حُسنَ تَبَعُّلِ إحداكُنَّ لزَوجِها وطَلَبَها مَرضاتَهُ واتِّباعَها مُوافَقَتَهُ يَعدِلُ ذلكَ كُلَّهُ . فأدبَرَتِ المَرأةُ وهِي تُهَلِّلُ وتُكَبِّرُ استِبشاراً .۲

۱۸۷۳۱.الترغيب والترهيب عن أبي سعيد الخُدريِّ : جاءتِ امرأةٌ إلى‏ رسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فقالت : يارسولَ اللَّهِ، ذَهَبَ الرِّجالُ بحَديثِكَ ، فاجعَلْ لَنا مِن نَفسِكَ يَوماً نَأتِكَ فيهِ تُعَلِّمُنا مِمّا عَلّمَكَ اللَّهُ . قالَ : اجتَمِعْنَ يَومَ كذا وكذا في مَوضعِ كذا وكذا ، فاجتَمَعنَ ، فأتاهُنَّ النّبيُّ صلى اللَّه عليه وآله فَعلّمَهُنَّ مِمّا عَلّمَهُ اللَّهُ .۳

بيان :

قال العلّامة الطباطبائيّ في «الميزان في تفسير القرآن» في تبيين حديث أسماء بنت يزيد : يظهر من التأمّل فيه وفي نظائره - الحاكية عن دخول النساء على‏ النبيّ صلى اللَّه عليه وآله ، وتكليمهنّ إيّاه فيما يرجع إلى‏ شرائع الدِّين ، ومختلف ما قرّره الإسلام في حقّهنّ - أنّهنّ علَى احتجابهنّ واختصاصهنّ بالاُمور المنزليّة من شؤون الحياة غالباً لم يكنّ ممنوعاتٍ من المراودة إلى‏ وليّ الأمر ، والسعي في حلّ ما ربّما كان يشكل عليهنّ . وهذه حرّيّة الاعتقاد التي باحَثْنا فيها في ضمن الكلام في المرابطة الإسلاميّة في آخر سورة آل عمران .
ويستفاد منه ومن نظائره أيضاً :
أوّلاً : أنّ الطريقة المَرْضيّة في

1.هكذا في المصدر ، والظاهر «وربّينا لكم أولادكم» .

2.الدرّ المنثور : ۲/۵۱۸ .

3.الترغيب والترهيب : ۳/۷۶/۶ .


ميزان الحکمه المجلد الثامن
82

وإذا قايست ذلك إلى‏ ما ورد في التوراة بان لك الفرق بين موقعَي الكتابَين ؛ ففي «سِفر الجامعة» من التوراة : دُرت أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمةً وعقلاً ، ولأعرف الشرّ أنّه جهالة والحماقة أنّها جنون ؛ فوجدت أمرَّ من الموت المرأة التي هي شِباك ، وقلبها أشراك ، ويداها قيود ؛ إلى‏ أن قال : رجلاً واحداً بين ألفٍ وجدت ، أمّا امرأةٌ فبين كلّ اُولئك لم أجد .
وقد كانت أكثر الاُمم القديمة لاترى‏ قبول عملها عنداللَّه سبحانه ، وكانت تسمّى‏ في اليونان رجساً من عمل الشيطان ، وكانت ترَى الروم وبعض اليونان أنْ ليس لها نفس مع كون الرجل ذا نفس مجرّدة إنسانيّة . وقرّر مجمع فرنسا سنة (586 م) - بعد البحث الكثير في أمرها - أ نّها إنسانٌ ، لكنّها مخلوقةٌ لخدمة الرجل . وكانت في انجلترا قبل مائة سنةٍ تقريباً لا تُعدّ جزء المجتمع الإنسانيّ ؛ فارجع في ذلك إلى‏ كتب الآراء والعقائد وآداب الملل تجد فيها عجائب من آرائهم .۱

(انظر) الميزان في تفسير القرآن: 2/260 «بحث علميّ» .

3599 - وافِدَةُ النِّساءِ إلَى النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله‏

۱۸۷۳۰.الدرّ المنثور : أخرَجَ البَيهَقيُّ عن أسماءَ بِنتِ يَزيدَ الأنصاريّةِ أنّها أتَتِ النّبيَّ صلى اللَّه عليه وآله وهُو بَينَ أصحابهِ ، فقالَت : بأبي أنتَ واُمّي! إنّي وافِدَةُ النِّساءِ إلَيكَ ، واعلَمْ - نَفسي لَكَ الفِداءُ - أنّهُ ما مِن امرأةٍ كائنَةٍ في شَرقٍ ولاغَربٍ سَمِعَت بمَخرَجي هذا إلّا وهِيَ على‏ مِثلِ رأيِي ، إنّ اللَّهَ بَعَثَكَ بالحَقِّ إلَى الرِّجالِ والنِّساءِ ، فآمَنّا بكَ وبإلهِكَ الّذي أرسَلَكَ ، وإنّا مَعشَرَ النِّساءِ مَحصوراتٌ مَقصوراتٌ ، قَواعِدُ بُيوتِكُم ومَقضى‏ شَهَواتِكُم وحامِلاتُ أولادِكُم ، وإنّكُم مَعاشِرَ الرّجالِ فُضِّلتُم علَينا بالجُمُعَةِ والجَماعاتِ وعِيادَةِ المَرضى‏ وشُهودِ الجَنائزِ والحَجِّ بَعدَ الحَجِّ ، وأفضَلُ مِن ذلكَ الجِهادُ في سبيلِ اللَّهِ ، وإنّ الرّجُلَ

1.الميزان في تفسير القرآن : ۴/۸۹ .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 154894
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي