87
ميزان الحکمه المجلد الثامن

قوّة التعقّل فيهم ، وما يتفرّع عليه من شدّة البأس والقوّة والطّاقة علَى الشدائد من الأعمال ونحوها ؛ فإنّ حياة النساء حياة إحساسيّة عاطفيّة مبنيّة علَى الرقّة واللطافة . والمراد بما أنفقوا من أموالهم : ما أنفقوه في مُهورهنّ ونفقاتهنّ .
وعموم هذه العلّة يعطي أنّ الحكم المبنيّ عليها - أعني قوله : (الرِّجالُ قَوّامُونَ على‏ النِّساءِ) - غير مقصورٍ علَى الأزواج بأن يختصّ القوّاميّة بالرجل على‏ زوجته ، بل الحكم مجعولٌ لقبيل الرجال على‏ قبيل النساء في الجهات العامّة التي ترتبط بها حياة القبيلَين جميعاً ، فالجهات العامّة الاجتماعيّة التي ترتبط بفضل الرجال كجهتَي الحكومة والقضاء مثلاً اللّذين يتوقّف عليهما حياة المجتمع ، وإنّما يقومان بالتعقّل الذي هو في الرجال بالطبع أزيد منه في النساء ، وكذا الدفاع الحربيّ الذي يرتبط بالشدّة وقوّة التعقّل ، كلّ ذلك ممّا يقوّم به الرجال علَى النساء .
وعلى‏ هذا فقوله : (الرّجالُ قَوّامونَ على‏ النِّساءِ) ذو إطلاق تامّ ، وأمّا قوله بعد : (فالصّالحاتُ قانِتاتٌ)إلخ، الظاهر في الاختصاص بما بين الرجل وزوجته على‏ ما سيأتي ، فهو فرعٌ من فروع هذا الحكم المطلق وجزئيّ من جزئيّاته مستخرجٌ منه من غير أن يتقيّد به إطلاقه .
قوله تعالى‏ : (فالصّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلغَيبِ بما حَفِظَ اللَّهُ)۱ المراد بالصلاح معناه اللُّغويّ ، وهو ما يعبّر عنه بلياقة النفس . والقنوت هو دوام الطاعة والخضوع .
ومقابلتها لقوله : (واللّاتي تَخافونَ نُشُوزَهُنَّ...)۲ إلخ، تفيد أنّ المراد بالصالحات الزوجات الصالحات ، وأنّ هذا الحكم مضروب علَى النّساءِ في حال الازدواج لا مطلقاً ، وأنّ قوله : (قانِتاتٌ حافِظاتٌ) الذي هو إعطاءٌ للأمر في صورة التوصيف ؛ أي ليقنتن وليحفظن - حكمٌ مربوط

1.النساء : ۳۴ .


ميزان الحکمه المجلد الثامن
86

يقع من سواد النّاس موقع القبول ويعظّم الحقير ويهوّن الخطير ، فليس من المستبعد أن يعظّم الإسلام اُموراً نستحقرها ونحن في هذه الظروف المضطربة ، أو يحقّر اُموراً نستعظمها ونتنافس فيها ، فلم يكن الظرف في صدر الإسلام إلّا ظرف التّقوى‏ وإيثار الآخرة علَى الاُولى‏ .۱

3600 - قَوامَةُ الرِّجالِ عَلَى النِّساءِ

الكتاب :

(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى‏ النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى‏ بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ) .۲

الحديث :

۱۸۷۳۲.الإمامُ عليٌّ عليه السلام- مِن وصيّتِهِ لِعَسكَرِهِ قبلَ لِقاءِ العَدُوِّ بصِفّينَ -: ولاتَهيجوا النِّساءَ بأذىً وإن شَتَمنَ أعراضَكُم ، وسَبَبنَ اُمَراءَكُم ، فإنّهُنَّ ضَعيفاتُ القُوى‏ والأنفُسِ والعُقولِ ، إن كُنّا لَنُؤمرُ بالكَفِّ عَنهُنَّ وإنّهُنَّ لَمُشرِكاتٌ ، وإن كانَ الرّجُلُ لَيَتناوَلُ المَرأةَ في الجاهِليَّةِ بالفَهْرِ أو الهِراوَةِ فيُعيَّرُ بها وعَقِبُهُ مِن بَعدِهِ .۳

۱۸۷۳۳.عنه عليه السلام- بَعدَ فَراغِهِ مِن حَربِ الجَملِ -: مَعاشِرَ النّاسِ ، إنّ النِّساءَ نَواقِصُ الإيمانِ ، نَواقِصُ الحُظُوظِ ، نَواقِصُ العُقولِ : فأمّا نُقصانُ إيمانِهِنّ فقُعودُهُنَّ عنِ الصّلاةِ والصِّيامِ في أيّامِ حَيضِهِنَّ . وأمّا نُقصانُ عُقولِهِنَّ فشَهادَةُ امرأتَينِ كشَهادَةِ الرّجُلِ الواحِدِ . وأمّا نُقصانُ حُظوظِهِنَّ فمَواريثُهُنَّ علَى الأنصافِ مِن مَواريثِ الرِّجالِ .۴

التّفسير :

قوله تعالى‏ : (الرِّجالُ قَوّامُونَ علَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعضَهُمْ على‏ بَعضٍ وبِما أنْفَقوا مِنْ أمْوالِهِم). القَيّم هو الذي يقوم بأمر غيره ، والقوّام والقيّام مبالغة منه .
والمراد بما فضّل اللَّه بعضهم على‏ بعضٍ هو ما يفضّل ويزيد فيه الرجال بحسب الطبع علَى النساء ، وهو زيادة

1.الميزان في تفسير القرآن : ۴/۳۵۱ .

2.النساء : ۳۴ .

3.نهج البلاغة : الكتاب ۱۴ .

4.نهج البلاغة : الخطبة ۸۰ .

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلد الثامن
    المجلدات :
    10
    الناشر :
    دارالحدیث
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1433
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 154895
الصفحه من 629
طباعه  ارسل الي