151
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

الفصل الخامس : دور المرأة في واقعة كربلاء ۱

إنّ تواجد النساء و دورهن في واقعة كربلاء جديران بالدراسة و التحليل ، و ذلك لأنّ عاشوراء تمثّل تجسيداً للتعاليم الإسلامية في أصعب الظروف ، و من خلاله يمكن أن ندرك قدرة المرأة ، ودورها و أبعادها الوجودية .
لقد حظي موضوع النساء و عاشوراء في النصف الثاني من القرن الأخير ، باهتمام المفكّرين الشيعة ، منذ أن طرحت «المرأة» في العالم الحديث و اُولي الاهتمام بحقوقها و دورها . و قد عمد هؤلاء المفكّرون إلى التعريف بالشخصيّات النسوية الدينية البارزة و إحياء ذكراهنّ؛ كي يحولوا - من خلال تسليط الضوء على النموذج الديني - دون انجذاب النساء المسلمات إلى الثقافة الغربية المبتذلة .
و لعلّ بالإمكان القول : إنّ الشهيد مرتضى المطهّري ، هو أوّل مفكّر شيعي تناول بشكل جادٍّ دور المرأة في واقعة كربلاء ، فهو يعتبر في كتابه الملحمة الحسينية نهضةَ عاشوراء نهضةً رجالية - نسائية؛ حيث يقول في هذا المجال :
تاريخ كربلاء : هو تاريخ و وقعة رجالية - نسوية وهي حادثة شارك فيها كلّ من الرجل و المرأة؛ الرجل في نطاقه و المرأة في نطاقها . و هذه هي معجزة الإسلام ، شاء العالم المعاصر أم أبى؛ ولكنّ المستقبل سيذعن لذلك . لقد انطلق أبو عبداللَّه عليه السلام بأهل بيته كي يؤدّوا رسالة في هذا التاريخ العظيم؛ ليكون لهم دور مباشر في صناعة هذا التاريخ العظيم بقيادة زينب عليها السلام للقافلة ، دون أن يخرجوا عن نطاقهم . ۲
و بعد هذه الكلمة ، فقد فتح باب الكتابة حول هذا الموضوع بين الكتّاب الشيعة على مصراعيه ، و طبع الكثير من الكتب و المقالات في هذا الموضوع . ۳
و من جملة المواضيع التي تستحقّ الدراسة و التحليل في كتاب الصحيح من مقتل سيّدالشهداء و أصحابه ، هو دور المرأة في واقعة كربلاء ، و رغم أنّ النصوص المتعلّقة بالمرأة و دورها في واقعة الطفّ جاءت بشكل متفرّق في هذا المقتل ، إلّا أنّ تحليلها مع أخذ الجميع بنظر الاعتبار ، هو ماسنتطرق إليه في هذا الفصل .
و سوف نذكر أوّلاً المواضيع التي يمكن أن تعتبر مقدّمة و تحليلاً عامّاً ، ثمّ نقرّر بشكل إجمالي النصوص المتعلّقة بالمرأة :

1.كتب هذا الفصل بالتعاون مع الاُستاذ الفاضل الكريم سماحة الشيخ مهدي المهريزي .

2.حماسه حسينى : ص ۴۰۸ . حماسه حسينى : كتاب يضم خطب الشهيد المطهري في العقدين الخامس والسادس الشمسيين (راجع : حماسه حسينى : ص ۱۰ ، مقدمة الناشر) .

3.في هذا الشأن ، راجع : مأهيت إنساني قيام إمام حسين : ص ۷۸ - ۸۳ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
150

3 . تجسّد العاطفة والولاء لأهل البيت‏

التحليل الصحيح للنهضة الحسينية لا يمكن أن يحلّ بديلاً عن السعي من أجل تهييج العواطف والمشاعر فيما يتعلّق بحادثة كربلاء الدمويّة ، فللعواطف دورٌ خاصٌّ في البناء الروحي، ولا يمكن لأيّ شي‏ء أن يحلّ محلّها ؛ ولذلك فإنّ أهل البيت عليهم السلام كانوا يؤكّدون تأكيداً خاصّاً على الإبكاء والبكاء على مصائب سيّد الشهداء، وكانوا هم أنفسهم يهيّؤون - من خلال تشجيع قرّاء المراثي والاستماع إلى مراثيهم ۱ - الأرضيّة لنشر هذه الثقافة بين أتباعهم .

1.راجع : ج ۲ ص‏۷۳۱ (الفصل الأوّل / الحثّ على إقامة المأتم للحسين عليه السلام) وص‏۷۵۳ (الفصل الثاني: ذكر مصائبه) وص‏۷۷۵ (الفصل الرابع : البكاء والإبكاء على سيّد الشهداء عليه السلام وأصحابه).

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 316434
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي