راجع : موسوعة الإمام الحسين عليه السلام : ج 1 ص 125 (القسم الأوّل / الفصل الأوّل : الولادة).
2 / 2
إنباؤُهُ بِشَهادَتِهِ بَعدَ سَنَةٍ مِن مَولِدِهِ
۳۷.الملهوف : لَمّا أتَت عَلَى الحُسَينِ عليه السلام مِن مَولِدِهِ سَنَةٌ كامِلَةٌ هَبَطَ عَلى رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله اثنا عَشَرَ مَلَكاً ... مُحمَرَّةً وُجوهُهُم ، باكِيَةً عُيونُهُم ، قَد نَشَروا أجنِحَتَهُم وهُم يَقولونَ ، يا مُحَمَّدُ سَيَنزِلُ بِوَلَدِكَ الحُسَينِ بنِ فاطِمَةَ ما نَزَلَ بِهابيلَ مِن قابيلَ ، وسَيُعطى مِثلَ أجرِ هابيلَ ، ويُحمَلُ عَلى قاتِلِهِ مِثلُ وِزرِ قابيلَ .
ولَم يَبقَ فِي السَّماواتِ مَلَكٌ مُقَرَّبٌ إلّا ونَزَلَ إلَى النَّبِيِّ صلى اللَّه عليه وآله كُلٌّ يُقرِئُهُ السَّلامَ ، ويُعَزّيهِ فِي الحُسَينِ عليه السلام ، ويُخبِرُهُ بِثَوابِ ما يُعطى ، ويَعرِضُ عَلَيهِ تُربَتَهُ ، وَالنَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله يَقولُ : اللَّهُمَّ اخذُل مَن خَذَلَهُ ، وَاقتُل مَن قَتَلَهُ ، ولا تُمَتِّعهُ بِما طَلَبَهُ ! ۱
2 / 3
إنباؤُهُ بِشَهادَتِهِ بَعدَ سَنَتَينِ مِن مَولِدِهِ
۳۸.الفتوح عن المسور بن مخرمة : لَمّا أتَت عَلَى الحُسَينِ عليه السلام مِن مَولِدِهِ سَنَتانِ كامِلَتانِ ، خَرَجَ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله في سَفَرٍ لَهُ ، فَلَمّا كانَ في بَعضِ الطَّريقِ وَقَفَ ، فَاستَرجَعَ ودَمَعَت عَيناهُ ، فَسُئِلَ عَن ذلِكَ ، فَقالَ : هذا جَبرَئيلُ عليه السلام يُخبِرُني عَن أرضٍ بِشاطِىِالفُراتِ، يُقالُ لَها كَربَلاءُ، يُقتَلُ بِها وَلَدِيَالحُسَينُ ابنُ فاطِمَةَ.
فَقيلَ : مَن يَقتُلُهُ - يا رَسولَ اللَّهِ - ؟ فَقالَ : رَجُلٌ يُقالُ لَهُ : يَزيدُ ، لا بارَكَ اللَّهُ لَهُ في نَفسِهِ ! وكَأَنّي أنظُرُ إلى مَصرَعِهِ ومَدفَنِهِ بِها ، وقَد اُهدِيَ بِرَأسِهِ ، و وَاللَّهِ ، ما يَنظُرُ أحَدٌ إلى رَأسِ وَلَدِيَ الحُسَينِ فَيَفرَحُ ، إلّا خالَفَ اللَّهُ بَينَ قَلبِهِ ولِسانِهِ .
قالَ : ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله مِن سَفَرِهِ ذلِكَ مَغموماً ، ثُمَّ صَعِدَ المِنبَرَ ، فَخَطَبَ ووَعَظَ ، وَالحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام بَينَ يَدَيهِ مَعَ الحَسَنِ عليه السلام .
قالَ : فَلَمّا فَرَغَ مِن خُطبَتِهِ ، وَضَعَ يَدَهُ اليُمنى عَلى رَأسِ الحَسَنِ عليه السلام ، وَاليُسرى عَلى رَأسِ الحُسَينِ عليه السلام ، ثُمَّ رَفَعَ رَأسَهُ الَى السَّماءِ ، فَقالَ :
اللَّهُمَّ إنّي مُحَمَّدٌ عَبدُكَ ونَبِيُّكَ ، وهذانِ أطايِبُ عِترَتي ، وخِيارُ ذُرِّيَّتي وأرومَتي ۲ ، ومَن اُخَلِّفُهُم في اُمَّتي ، اللَّهُمَّ وقَد أخبَرَني جِبريلُ بِأَنَّ وَلَدي هذا مَقتولٌ مَخذولٌ ، اللَّهُمَّ فَبارِك لَهُ في قَتلِهِ ، وَاجعَلهُ مِن ساداتِ الشُّهَداءِ ، إنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ ، اللَّهُمَّ ولا تُبارِك في قاتِلِهِ وخاذِلِهِ !
قالَ : وضَجَّ النّاسُ فِي المَسجِدِ بِالبُكاءِ .
فَقالَ النَّبِيُّ صلى اللَّه عليه وآله : أتَبكونَ ولا تَنصُرونَهُ ؟ اللَّهُمَّ فَكُن أنتَ لَهُ وَلِيّاً وناصِراً .
قالَ ابنُ عَبّاسٍ : ثُمَّ رَجَعَ وهُوَ مُتَغَيِّرُ اللَّونِ ، مُحمَرُّ الوَجهِ ، فَخَطَبَ خُطبَةً بَليغَةً موجَزَةً وعَيناهُ يَهمِلانِ دُموعاً .
ثُمَّ قالَ : أيُّهَا النّاسُ ! إنّي قَد خَلَّفتُ فيكُمُ الثَّقَلَينِ ؛ كِتابَ اللَّهِ وعِترَتي وأرومَتي ، ومَراحَ مَماتي وثَمَرَتي ، ولَن يَفتَرِقا حَتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ .
ألا وإنّي [لا] ۳ أسأَلُكُم في ذلِكَ إلّا ما أمَرَني رَبّي أن أسأَلَكُمُ المَوَدَّةَ فِي القُربى ، فَانظُروا أن لا تَلقَوني غَداً عَلَى الحَوضِ وقَد أبغَضتُم عِترَتي وظَلَمتُموهُم ، ألا وإنَّهُ سَيَرِدُ عَلَيَّ فِي القِيامَةِ ثَلاثُ راياتٍ مِن هذِهِ الاُمَّةِ : رايَةٌ سَوداءُ مُظلِمَةٌ ، قَد فَزِعَت لَهَا المَلائِكَةُ ، فَتَقِفُ عَلَيَّ ، فَأَقولُ : مَن أنتُم ؟ فَيَنسَونَ ذِكري ، ويَقولونَ : نَحنُ أهلُ التَّوحيدِ مِنَ العَرَبِ .
فَأَقولُ : أنَا أحمَدُ نَبِيُّ العَرَبِ وَالعَجَمِ ، فَيَقولونَ : نَحنُ مِن اُمَّتِكَ يا أحمَدُ .
فَأَقولُ لَهُم : كَيفَ خَلَفتُموني مِن بَعدي في أهلي وعِترَتي وكِتابِ رَبّي ؟
فَيَقولونَ : أمَّا الكِتابُ فَضَيَّعنا ومَزَّقنا ، وأمّا عِترَتُكَ فَحَرَصنا عَلى أن نُبيدَهُم ۴ مِن جَديدِ ۵ الأَرضِ ؛ فَاُوَلّي عَنهُم وَجهي ، فَيَصدُرونَ ظِماءَ عُطاشى ، مُسوَدَّةً وُجوهُهُم ... . ۶
1.الملهوف : ص ۹۲ ، مثير الأحزان : ص ۱۷ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۴۷ ح ۴۶ ؛ مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۶۳ ، الفتوح : ج ۴ ص ۳۲۴ نحوه .
2.الأرومة - بوزن الأكولة - : الأصل (النهاية : ج ۱ ص ۴۱ «أرم») .
3.ما بين المعقوفين سقط من المصدر ، وأثبتناه من مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .
4.في الطبعة المعتمدة : «يندهم» ، والتصويب من طبعة دار الفكر .
5.جديد الأرض : وجهها (النهاية : ج ۱ ص ۲۴۶ «جدد») .
6.الفتوح : ج ۴ ص ۳۲۵ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۶۳ عن ابن عبّاس ؛ الملهوف : ص ۹۳ ، مثير الأحزان : ص ۱۸ عن عبداللَّه بن يحيى عن الإمام عليّ عليه السلام عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله وكلاهما نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۲۴۸ ح ۴۶ .