331
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

1 / 8

نِقاشٌ بَينَ مَروانَ وَالإِمام عليه السلام فِي الطَّريقِ‏

۲۰۰.الملهوف : أصبَحَ الحُسَينُ عليه السلام فَخَرَجَ مِن مَنزِلِهِ يَستَمِعُ الأَخبارَ ، فَلَقِيَهُ مَروانُ فَقالَ : يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، إنّي لَكَ ناصِحٌ فَأَطِعني تُرشَد .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : وما ذاكَ ؟ قُل حَتّى‏ أسمَعَ . فَقالَ مَروانُ : إنّي آمُرُكَ بِبَيعَةِ يَزيدَ أميرِ المُؤمِنينَ ؛ فَإِنَّه خَيرٌ لَكَ في دينِكَ ودُنياكَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : (إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّآ إِلَيْهِ رَ جِعُونَ)۱ ، وعَلَى الإِسلامِ السَّلامُ ، إذ قَد بُلِيَتِ الاُمَّةُ بِراعٍ مِثلِ يَزيدَ ، ولَقَد سَمِعتُ جَدّي رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله يَقولُ : «الخِلافَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلى‏ آلِ أبي سُفيانَ» . وطالَ الحَديثُ بَينَهُ وبَينَ مَروانَ حَتَّى انصَرَفَ مَروانُ وهُوَ غَضبانُ . ۲

۲۰۱.الفتوح : أصبَحَ الحُسَينُ عليه السلام مِنَ الغَدِ [فَ] ۳ خَرَجَ مِن مَنزِلِهِ لِيَستَمِعَ الأَخبارَ ، فَإِذا هُوَ بِمَروانَ بنِ الحَكَمِ قَد عارَضَهُ في طَريقِهِ ، فَقالَ : أبا عَبدِ اللَّهِ إنّي لَكَ ناصِحٌ فَأَطِعني تُرشَد وتُسَدَّد .
فَقالَ الحُسَينُ : وما ذلِكَ ؟ قُل حَتّى‏ أسمَعَ . فَقالَ مَروانُ : أقولُ إنّي آمُرُكَ بِبَيعَةِ أميرِ المُؤمِنينَ يَزيدَ ؛ فَإِنَّهُ خَيرٌ ۴ لَكَ في دينِكَ ودُنياكَ .
قالَ : فَاستَرجَعَ الحُسَينُ عليه السلام ، وقالَ : (إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّآ إِلَيْهِ رَ جِعُونَ) ، وعَلَى الإِسلامِ السَّلامُ ، إذ قَد بُلِيَتِ الاُمَّةُ بِراعٍ مِثلِ يَزيدَ .
ثُمَّ أقبَلَ الحُسَينُ عليه السلام عَلى‏ مَروانَ وقالَ : وَيحَكَ! أتَأمُرُني بِبَيعَةِ يَزيدَ وهُوَ رَجُلٌ فاسِقٌ ؟! لَقَد قُلتَ شَطَطاً ۵
مِنَ القَولِ يا عَظيمَ الزَّلَلِ ، لا ألومُكَ عَلى‏ قَولِكَ لأَِنَّكَ اللَّعينُ الَّذي لَعَنَكَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وأنتَ في صُلبِ أبيكَ الحَكَمِ بنِ أبِي العاصِ ؛ فَإِنَّ مَن لَعَنَهُ رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله لا يُمكِنُ لَهُ ولا مِنهُ إلّا أن يَدعُوَ إلى‏ بَيعَةِ يَزيدَ .
ثُمَّ قالَ : إلَيكَ عَنّي يا عَدُوَّ اللَّهِ ؛ فَإِنّا أهلُ بَيتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وَالحَقُّ فينا ، وبِالحَقِّ تَنطِقُ ألِسنَتُنا ، وقَد سَمِعتُ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله يَقولُ : «الخِلافَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلى‏ آلِ أبي سُفيانَ وعَلَى الطُّلَقاءِ أبناءِ الطُّلَقاءِ ، فَإِذا رَأَيتُم مُعاوِيَةَ عَلى‏ مِنبَري فَابقُروا ۶ بَطنَهُ» ، فَوَاللَّهِ لَقَد رَآهُ أهلُ المَدينَةِ عَلى‏ مِنبَرِ جَدّي فَلَم يَفعَلوا ما اُمِروا بِهِ ، فَابتَلاهُمُ ۷ اللَّهُ بِابنِهِ يَزيدَ زادَهُ اللَّهُ فِي النّارِ عَذاباً .
قالَ : فَغَضِبَ مَروانُ بنُ الحَكَمِ مِن كَلامِ الحُسَينِ عليه السلام ، ثُمَّ قالَ : وَاللَّهِ لا تُفارِقُني أو تُبايِعَ لِيَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ صاغِراً ۸ ؛ فَإِنَّكُم آلُ أبي تُرابٍ قَد مُلِئتُم كَلاماً واُشرِبتُم بُغضَ آلِ بَني سُفيانَ ، وحَقٌّ عَلَيكُم أن تُبغِضوهُم ، وحَقٌّ عَلَيهِم أن يُبغِضوكُم .
قالَ : فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : وَيلَكَ يا مَروانُ ! إلَيكَ عَنّي فَإِنَّكَ رِجسٌ ، وإنّا أهلُ بَيتِ الطَّهارَةِ الَّذينَ أنزَلَ اللَّهُ عزّ وجلّ عَلى‏ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، فَقالَ : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) . ۹
قالَ : فَنَكَسَ مَروانُ رَأسَهُ لا يَنطِقُ بِشَي‏ءٍ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : أبشِر يَابنَ الزَّرقاءِ بِكُلِّ ما تَكرَهُ مِنَ الرَّسولِ عليه السلام ، يَومَ تَقدَمُ عَلى‏ رَبِّكَ فَيَسأَلُكَ جَدّي عَن حَقّي وحَقِّ يَزيدَ . قالَ : فَمَضى‏ مَروانُ مُغضَباً حَتّى‏ دَخَلَ عَلَى الوَليدِ بنِ عُتبَةَ ، فَخَبَّرَهُ بِما سَمِعَ مِنَ الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ . ۱۰

1.البقرة : ۱۵۶ .

2.الملهوف: ص ۹۸ ، مثير الأحزان : ص ۱۴ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۲۶ .

3.ما بين المعقوفين اُضيفت لاقتضاء السياق .

4.في الطبعة المعتمدة : «خولك» ، والتصويب من طبعة دار الفكر .

5.الشَّطَط : الجَور والظلم والبُعد من الحقّ (النهاية : ج ۲ ص ۴۷۵ «شطط») .

6.في المصدر : «فافقروا» ، والصواب ما أثبتناه كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .

7.في المصدر : «قاتلهم» ، والصواب ما أثبتناه كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .

8.الصاغِر : الراضي بالذلّ (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۷۰ «صغر») .

9.الأحزاب : ۳۳ .

10.الفتوح : ج ۵ ص ۱۶ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۸۴ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
330

۱۹۸.الملهوف : قالَ مَروانُ لِلوَليدِ : عَصَيتَني ! فَقالَ : وَيحَكَ يا مَروانُ ! إنَّكَ أشَرتَ عَلَيَّ بِذَهابِ ديني ودنُيايَ ، وَاللَّهِ ما اُحِبُّ أنَّ مُلكَ الدُّنيا بِأَسرِها لي وأنَّني قَتَلتُ حُسَيناً ، وَاللَّهِ ما أظُنُّ أحَداً يَلقَى اللَّهَ بِدَمِ الحُسَينِ إلّا وهُوَ خَفيفُ الميزانِ ، لا يَنظُرُ اللَّهُ إلَيهِ يَومَ القِيامَةِ ولا يُزَكّيهِ ولَهُ عَذابٌ أليمٌ . ۱

۱۹۹.الفتوح : قالَ مَروانُ بنُ الحَكَمِ لِلوَليدِ بنِ عُتبَةَ : عَصَيتَني حَتَّى انفَلَتَ الحُسَينُ مِن يَدِكَ ! أما وَاللَّهِ لا تَقدِرُ عَلى‏ مِثلِها أبَداً ، ووَاللَّهِ لَيَخرُجَنَّ عَلَيكَ وعَلى‏ أميرِ المُؤمِنينَ ، فَاعلَم ذلِكَ .
فَقالَ لَهُ الوَليدُ بنُ عُتبَةَ : وَيحَكَ ! أشَرتَ عَلَيَّ بِقَتلِ الحُسَينِ ، وفي قَتلِهِ ذَهابُ ديني ودُنيايَ . وَاللَّهِ ما اُحِبُّ أن أملِكَ الدُّنيا بِأَسرِها وأنّي قَتَلتُ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ ابنَ فاطِمَةَ الزَّهراءِ ، وَاللَّهِ ما أظُنُّ أحَداً يَلقَى اللَّهَ بِقَتلِ الحُسَينِ إِلّا وهُوَ خَفيفُ الميزانِ عِندَ اللَّهِ يَومَ القِيامَةِ ، لا يَنظُرُ إلَيهِ ولا يُزَكّيهِ ولَهُ عَذابٌ أليمٌ .
قالَ : فَسَكَتَ مَروانُ . ۲

1.الملهوف : ص ۹۸ ، مثير الأحزان : ص ۲۴ وليس فيه ذيله من «لا ينظر» .

2.الفتوح : ج ۵ ص ۱۴ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۸۴ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 344850
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي