1 / 8
نِقاشٌ بَينَ مَروانَ وَالإِمام عليه السلام فِي الطَّريقِ
۲۰۰.الملهوف : أصبَحَ الحُسَينُ عليه السلام فَخَرَجَ مِن مَنزِلِهِ يَستَمِعُ الأَخبارَ ، فَلَقِيَهُ مَروانُ فَقالَ : يا أبا عَبدِ اللَّهِ ، إنّي لَكَ ناصِحٌ فَأَطِعني تُرشَد .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : وما ذاكَ ؟ قُل حَتّى أسمَعَ . فَقالَ مَروانُ : إنّي آمُرُكَ بِبَيعَةِ يَزيدَ أميرِ المُؤمِنينَ ؛ فَإِنَّه خَيرٌ لَكَ في دينِكَ ودُنياكَ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : (إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّآ إِلَيْهِ رَ جِعُونَ)۱ ، وعَلَى الإِسلامِ السَّلامُ ، إذ قَد بُلِيَتِ الاُمَّةُ بِراعٍ مِثلِ يَزيدَ ، ولَقَد سَمِعتُ جَدّي رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله يَقولُ : «الخِلافَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلى آلِ أبي سُفيانَ» . وطالَ الحَديثُ بَينَهُ وبَينَ مَروانَ حَتَّى انصَرَفَ مَروانُ وهُوَ غَضبانُ . ۲
۲۰۱.الفتوح : أصبَحَ الحُسَينُ عليه السلام مِنَ الغَدِ [فَ] ۳ خَرَجَ مِن مَنزِلِهِ لِيَستَمِعَ الأَخبارَ ، فَإِذا هُوَ بِمَروانَ بنِ الحَكَمِ قَد عارَضَهُ في طَريقِهِ ، فَقالَ : أبا عَبدِ اللَّهِ إنّي لَكَ ناصِحٌ فَأَطِعني تُرشَد وتُسَدَّد .
فَقالَ الحُسَينُ : وما ذلِكَ ؟ قُل حَتّى أسمَعَ . فَقالَ مَروانُ : أقولُ إنّي آمُرُكَ بِبَيعَةِ أميرِ المُؤمِنينَ يَزيدَ ؛ فَإِنَّهُ خَيرٌ ۴ لَكَ في دينِكَ ودُنياكَ .
قالَ : فَاستَرجَعَ الحُسَينُ عليه السلام ، وقالَ : (إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّآ إِلَيْهِ رَ جِعُونَ) ، وعَلَى الإِسلامِ السَّلامُ ، إذ قَد بُلِيَتِ الاُمَّةُ بِراعٍ مِثلِ يَزيدَ .
ثُمَّ أقبَلَ الحُسَينُ عليه السلام عَلى مَروانَ وقالَ : وَيحَكَ! أتَأمُرُني بِبَيعَةِ يَزيدَ وهُوَ رَجُلٌ فاسِقٌ ؟! لَقَد قُلتَ شَطَطاً ۵
مِنَ القَولِ يا عَظيمَ الزَّلَلِ ، لا ألومُكَ عَلى قَولِكَ لأَِنَّكَ اللَّعينُ الَّذي لَعَنَكَ رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله وأنتَ في صُلبِ أبيكَ الحَكَمِ بنِ أبِي العاصِ ؛ فَإِنَّ مَن لَعَنَهُ رَسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله لا يُمكِنُ لَهُ ولا مِنهُ إلّا أن يَدعُوَ إلى بَيعَةِ يَزيدَ .
ثُمَّ قالَ : إلَيكَ عَنّي يا عَدُوَّ اللَّهِ ؛ فَإِنّا أهلُ بَيتِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وَالحَقُّ فينا ، وبِالحَقِّ تَنطِقُ ألِسنَتُنا ، وقَد سَمِعتُ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله يَقولُ : «الخِلافَةُ مُحَرَّمَةٌ عَلى آلِ أبي سُفيانَ وعَلَى الطُّلَقاءِ أبناءِ الطُّلَقاءِ ، فَإِذا رَأَيتُم مُعاوِيَةَ عَلى مِنبَري فَابقُروا ۶ بَطنَهُ» ، فَوَاللَّهِ لَقَد رَآهُ أهلُ المَدينَةِ عَلى مِنبَرِ جَدّي فَلَم يَفعَلوا ما اُمِروا بِهِ ، فَابتَلاهُمُ ۷ اللَّهُ بِابنِهِ يَزيدَ زادَهُ اللَّهُ فِي النّارِ عَذاباً .
قالَ : فَغَضِبَ مَروانُ بنُ الحَكَمِ مِن كَلامِ الحُسَينِ عليه السلام ، ثُمَّ قالَ : وَاللَّهِ لا تُفارِقُني أو تُبايِعَ لِيَزيدَ بنِ مُعاوِيَةَ صاغِراً ۸ ؛ فَإِنَّكُم آلُ أبي تُرابٍ قَد مُلِئتُم كَلاماً واُشرِبتُم بُغضَ آلِ بَني سُفيانَ ، وحَقٌّ عَلَيكُم أن تُبغِضوهُم ، وحَقٌّ عَلَيهِم أن يُبغِضوكُم .
قالَ : فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : وَيلَكَ يا مَروانُ ! إلَيكَ عَنّي فَإِنَّكَ رِجسٌ ، وإنّا أهلُ بَيتِ الطَّهارَةِ الَّذينَ أنزَلَ اللَّهُ عزّ وجلّ عَلى نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، فَقالَ : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) . ۹
قالَ : فَنَكَسَ مَروانُ رَأسَهُ لا يَنطِقُ بِشَيءٍ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : أبشِر يَابنَ الزَّرقاءِ بِكُلِّ ما تَكرَهُ مِنَ الرَّسولِ عليه السلام ، يَومَ تَقدَمُ عَلى رَبِّكَ فَيَسأَلُكَ جَدّي عَن حَقّي وحَقِّ يَزيدَ . قالَ : فَمَضى مَروانُ مُغضَباً حَتّى دَخَلَ عَلَى الوَليدِ بنِ عُتبَةَ ، فَخَبَّرَهُ بِما سَمِعَ مِنَ الحُسَينِ بنِ عَلِيِّ . ۱۰
1.البقرة : ۱۵۶ .
2.الملهوف: ص ۹۸ ، مثير الأحزان : ص ۱۴ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۲۶ .
3.ما بين المعقوفين اُضيفت لاقتضاء السياق .
4.في الطبعة المعتمدة : «خولك» ، والتصويب من طبعة دار الفكر .
5.الشَّطَط : الجَور والظلم والبُعد من الحقّ (النهاية : ج ۲ ص ۴۷۵ «شطط») .
6.في المصدر : «فافقروا» ، والصواب ما أثبتناه كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .
7.في المصدر : «قاتلهم» ، والصواب ما أثبتناه كما في مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي .
8.الصاغِر : الراضي بالذلّ (القاموس المحيط : ج ۲ ص ۷۰ «صغر») .
9.الأحزاب : ۳۳ .
10.الفتوح : ج ۵ ص ۱۶ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۱۸۴ .