37
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

علينا أن لا نتعجّب من النقل الضعيف في روضة الشهداء ؛ لأنّه قويّ في أداء غرض الواعظ ، حتّى وإن كان غير كافٍ لغرض المؤرّخ‏. ۱
وقبل الشعراني فقد اعتبر الميرزا عبداللَّه أفندي - العالم والببليوغرافي المعاصر والمساعد للعلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه - أكثرَ روايات هذا الكتاب بل جميعها مأخوذة من الكتب غير المشهورة وغير الصالحة للاعتماد ، ۲ وقد أيّد السيّد محسن الأمين أيضاً هذا الكلام ، ۳ واعتبر المحدّث النوري بعض روايات الكتاب فاقدة للسند التاريخي ، ۴ وعدّه الشهيد المطهّري حافلاً بالكذب ، ورأى أنّ تأليفه ونشره حالا دون الرجوع إلى المصادر الأصليّة ومطالعة التاريخ الحقيقيّ للإمام الحسين عليه السلام . ۵ كما اعتبر الشهيد السيّد محمّد علي القاضي الطباطبائي مواضيعه المعارضة للمقاتل المعتبرة ساقطة وعديمة القيمة . ۶ ويمكن أن نجد في مطاوي الكتاب أمثلة عديدة من هذا النوع من الأخبار التي لا يمكن تصديقها . ۷

4 . المنتخب في جمع المراثي والخطب‏

لفخر الدين بن محمّد عليّ بن أحمد الطريحيّ (ت 1085 ه . ق) صاحب كتاب مجمع البحرين ، ويحتوي على الأحاديث والمراثي حول الإمام الحسين وبعض الأئمّة عليهم السلام ، وقد ألّفه بهدف إبكاء المؤمنين وحثّهم على إقامة العزاء ، وقد ألّفه بصورة موسوعة .
كتاب المنتخب ليس تأليفاً تاريخيّاً علميّاً عن حياة الإمام الحسين عليه السلام أو ثورته ، فقد جاءت معظم مواضيع الكتاب دون ذكر المصدر ، وذكرت أحاديثه بشكل مرسل ، وامتزج فيه الغثّ بالسمين ، ولذلك فإنّه لا ينسجم مع هدف المؤلّف واُسلوبه . ويطلق عليه أيضاً : المجالس الطريحيّة ، أو المجالس الفخريّة .
وتتمثّل نقطة الضعف الاُخرى في الكتاب ، في الاختلافات الموجودة بين مخطوطاته المتعدّدة ، وهذا ما يمكن أن يكون دليلاً على التصرّفات اللّاحقة فيه . ۸
ويرى المحدّث النوري أنّ كتاب المنتخب يشتمل على ما هو ضعيف وما هو ليس كذلك . ۹ وقد ذكر الميرزا محمّد أرباب القمّي أنّ فيه تساهلات كثيرة ، وعدّ الروايات التي انفرد بنقلها فاقدة للاعتبار . ۱۰
ونُحيل القرّاء الكرام إلى مطالعة بعض مواضيع الكتاب الضعيفة والتي يمكن التشكيك فيها ورفضها . ۱۱

1.روضة الشهداء : ص ۶ (مقدّمة المحقّق) .

2.رياض العلماء : ج ۲ ص ۱۹۰ .

3.أعيان الشيعة : ج ۶ ص ۱۲۲ .

4.لؤلؤ ومرجان «بالفارسيّة» : ص ۲۸۷ و ۲۸۸ .

5.حماسه حسيني «بالفارسيّة» : ج‏۱ ص‏۵۴ .

6.تحقيق در باره أوّل أربعين حضرت سيّد الشهداء «بالفارسية» : ص‏۶۶ .

7.مثل بلوغ عدد الجروح في جسم الإمام الحسين عليه السلام اثنين وعشرين ألفاً (ص ۶۰) ، والتصاق الرؤوس بأجساد أولاد مسلم بن عقيل (ص ۲۴۱) ، وحضور هاشم المرقال (هاشم بن عتبة) في كربلاء (ص ۳۰۰) ، وقصّة زعفر الجنّي (ص ۳۴۶) ، وعرس القاسم (ص ۳۲۱) .

8.راجع : كلام آقا بزرگ الطهراني في الذريعة : ج ۲۲ ص ۴۲۰ الرقم ۷۶۹۶.

9.لؤلؤ ومرجان «بالفارسيّة» : ص ۲۸۷.

10.أربعين حسينيه «بالفارسيّة» : ص ۶۴ .

11.مثل مقتل أكثر من عشرة آلاف فارس في عاشوراء (ص ۴۵۰) ، والخلط بين ثلاثة أحداث هي : شهادة العبّاس عليه السلام ، وإيتائه بالماء للطفل الرضيع ، وشهادة علي الأكبر (ص ۴۳۱) ، وغير ذلك .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
36

3 . روضة الشهداء

لكمال الدين الحسين بن عليّ الواعظ الكاشفي (ت 910 ه . ق) ، المبدع للاُسلوب القصصيّ والوعظيّ في رواية الأحداث التاريخية ، ولا نعلم مذهبه على التحديد، أهو سنّي أم شيعيّ ، ولكنّه مولع في حبّ أهل البيت عليهم السلام ، وقد حوّل الأحداث التاريخيّة إلى قصص باُسلوب نثري جميل ، وخاصّة حادثة عاشوراء ، ومزج بين المواضيع المعتبرة وغير المعتبرة ، وبين ذات السند والفاقدة له . وقد أدّى هذا الاُسلوب الجديد - مضافاً لتأليف الكتاب باللغة الفارسيّة ، وأيضاً هدف المؤلّف من تأليفه، وهو قراءته في مجالس العزاء - إلى أن لا يعدّ هذا الكتاب كتاباً تاريخيّاً ، وإنّما عدّ كتاباً إعلاميّاً بل خياليّاً .
وللأسف فإنّ عدم الالتفات إلى هذا الموضوع ، وقراءة الكتاب واستنساخه المتكرّر - حتّى أدّى إلى أن سُمّي خطباء مجالس عزاء الإمام الحسين عليه السلام باللغة الفارسية «روضه خوانان» أي «قرّاء الروضة» - كلّ ذلك هيّأ الأرضيّة لنفوذ الكثير من المعلومات غير الصحيحة التي ينطوي عليها هذا الكتاب في ثقافة عاشوراء ، وحلّت «لغة الحال» ، في العديد من المواضع محلّ «لغة المقال» .
وقد أشار محقّق الكتاب والمحشّي عليه - العلّامة الميرزا أبو الحسن الشعراني - في مقدّمته على هذا الكتاب إلى هذا الموضوع قائلاً :

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 309042
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي