423
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
422

۳۵۳.الأخبار الطوال : كانَ هانِئُ بنُ عُروَةَ مُواصِلاً لِشَريكِ بنِ الأَعوَرِ البَصرِيِّ الَّذي قامَ ۱ مَعَ ابنِ زِيادٍ ، وكانَ ذا شَرَفٍ بِالبَصرَةِ وخَطَرٍ ، فَانطَلَقَ هانِئٌ إلَيهِ حَتّى‏ أتى‏ بِهِ مِنزِلَهُ ، وأنزَلَهُ مَعَ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ فِي الحُجرَةِ الَّتي كانَ فيها . وكانَ شَريكٌ مِن كِبارِ الشّيعَةِ بِالبَصرَةِ ، فَكانَ يَحُثُّ هانِئاً عَلَى القِيامِ بِأَمرِ مُسلِمٍ ، وجَعَلَ مُسلِمٌ يُبايِعُ مَن أتاهُ منِ أهلِ الكوفَةِ ، ويَأخُذُ عَلَيهِمُ العُهودَ وَالمَواثيقَ المُؤَكَّدَةَ بِالوَفاءِ .
ومَرِضَ شَريكُ بنُ الأَعوَرِ في مَنزِلِ هانِئِ بنِ عُروَةَ مَرَضاً شَديداً ، وبَلَغَ ذلِكَ عُبَيدَ اللَّهِ بنَ زِيادٍ ، فَأَرسَلَ إلَيهِ يُعلِمُهُ أنَّهُ يَأتيهِ عائِداً .
فَقالَ شَريكٌ لِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ : إنَّما غايَتُكَ وغايَةُ شيعَتِكَ هَلاكُ هذَا الطّاغِيَةِ ، وقَد أمكَنَكَ اللَّهُ مِنهُ ، هُوَ صائِرٌ إلَيَّ لِيعودَني ، فَقُم فَادخُلِ الخِزانَةَ حَتّى‏ إذَا اطمَأَنَّ عِندي ، فَاخرُج إلَيهِ فَقاتِلهُ ۲ ، ثُمَّ صِر إلى‏ قَصرِ الإِمارَةِ فَاجلِس فيهِ ؛ فَإِنَّهُ لا يُنازِعُكَ فيه أحَدٌ مِنَ النّاسِ ، وإن رَزَقنِيَ اللَّهُ العافِيَةَ صِرتُ إلَى البَصرَةِ ، فَكَفَيتُكَ أمرَها ، وبايَعَ لَكَ أهلُها .
فَقالَ هانِئُ بنُ عُروَةَ : ما اُحِبُّ أن يُقتَلَ في دارِي ابنُ زِيادٍ .
فَقالَ لَهُ شَريكٌ : ولِمَ ، فَوَاللَّهِ إنَّ قَتلَهُ لَقُربانٌ إلَى اللَّهِ ؟! ثُمَّ قالَ شَريكٌ لِمُسلِمٍ : لا تُقَصِّر في ذلِكَ .
فَبَينَما هُم عَلى‏ ذلِكَ إذ قيلَ لَهُم : الأَميرُ بِالبابِ . فَدَخَلَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ الخِزانَةَ ، ودَخَلَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ عَلى‏ شَريكٍ ، فَسَلَّمَ عَلَيهِ ، وقالَ : مَا الَّذي تَجِدُ وتَشكو ؟ فَلَمّا طالَ سُؤالُهُ إيّاهُ استَبطَأَ شَريكٌ خُروجَ مُسلِمٍ ، وجَعَلَ يَقولُ ، ويُسمِعُ مُسلِماً :
ما تَنظُرونَ بِسَلمى‏ عِندَ فُرصَتِهافَقَد وَفى‏ وُدُّها واستَوسَقَ الصَّرَمُ‏
وجَعَلَ يُرَدِّدُ ذلِكَ . فَقالَ ابنُ زِيادٍ لِهانِئٍ : أيهَجُرُ ؟ - يَعني يَهذي - . قالَ هانِئٌ : نَعَم ، أصلَحَ اللَّهُ الأَميرَ ! لَم يَزَل هكَذا مُنذُ أصبَحَ . ثُمَّ قامَ عُبَيدُ اللَّهِ وخَرَجَ ، فَخَرَجَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ مِنَ الخِزانَةِ .
فَقالَ شَريكٌ : مَا الَّذي مَنَعَكَ مِنهُ إلَّا الجُبنُ وَالفَشَلُ !
قالَ مُسلِمٌ : مَنَعَني مِنهُ خَلَّتانِ : إحداهُما كَراهِيَةُ هانِئٍ لِقَتلِهِ في مَنزِلِهِ ، وَالاُخرى‏ قَولُ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله : إنَّ الإيمان قَيَّدَ الفَتكَ ، لا يَفتِكُ مُؤمِنٌ .
فَقالَ شَريكٌ : أمَا وَاللَّهِ لَو قَتَلتَهُ لَاستَقامَ لَكَ أمرُكَ ، وَاستَوسَقَ ۳ لَكَ سُلطانُكَ . ولَم يَعِش شَريكٌ بَعدَ ذلِكَ إلّا أيّاماً حَتّى‏ تُوُفِّيَ ، وشَيَّعَ ابنُ زِيادٍ جَنازَتَهُ ، وتَقَدَّمَ فَصَلّى‏ عَلَيهِ .
ولَم يَزَل مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ يَأخُذُ البَيعَةَ مِن أهلِ الكوفَةِ ، حَتّى‏ بايَعَهُ مِنهُم ثَمانِيَةَ عَشَرَ ألفَ رَجُلٍ في سِترٍ ورِفقٍ . ۴

1.كذا في المصدر : والظاهر أنّ الصواب : «الذي قدمَ مع ابن زياد» .

2.كذا في المصدر ، والظاهر أنّ الصواب «فاقتُله» .

3.استوسق عليه الأمر : أي اجتمعوا على طاعته ، واستقرّ الملك فيه (النهاية : ج ۵ ص ۱۸۵ «وسق») .

4.الأخبار الطوال : ص ۲۳۳ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 350272
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي