۳۵۵.مثير الأحزان : نَزَلَ [مُسلِمٌ] دَارَ هانِي بنِ عُروَةَ ، وَاختَلَفَ إلَيهِ الشّيعَةُ ، وألَحَّ عُبَيدُ اللَّهِ في طَلَبِهِ ، ولا يَعلَمُ أينَ هُوَ ، وكانَ شَريكُ بنُ الأَعوَرِ الهَمدانِيُّ قَدِمَ مِنَ البَصرَةِ مَعَ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ، ونَزَلَ دارَ هانِي بنِ عُروَةَ ، وكانَ شَريكٌ مِن مُحِبّي أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام وشيعَتِهِ ، عَظيمَ المَنزِلَةِ ، جَليلَ القَدرِ ، فَمَرِضَ وسَأَلَ عُبَيدُ اللَّهِ عَنهُ ، فَاُخبِرَ أنَّهُ مَوعوكٌ ، فَأَرسَلَ ابنُ زِيادٍ إلَيهِ : إنّي رائِحٌ إلَيكَ في هذِهِ اللَّيلَةِ لِعِيادَتِكَ .
فَقالَ شَريكٌ لِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ : يَابنَ عَمِّ رَسولِ اللَّهِ ، إنَّ ابنَ زِيادٍ يُريدُ عِيادَتي ، فَادخُل بَعضَ الخَزائِنِ ، فَإِذا جَلَسَ فَاخرُج وَاضرِب عُنُقَهُ ، وأنَا أكفيكَ أمرَ مَن بِالكوفَةِ مَعَ العافِيَةِ .
وكانَ مُسلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - شُجاعاً مِقداماً جَسوراً ، فَفَعَلَ ما أشارَ بِهِ شَريكٌ ، فَجاءَ عُبَيدُ اللَّهِ ، وسَأَلَ شَريكاً عَن حالِهِ وسَبَبِ مَرَضِهِ ، وشَريكٌ عَينُهُ إلَى الخِزانَةِ وامِقَةٌ ، وطالَ ذلِكَ فَجَعَلَ يَقولُ : «مَا الاِنتِظارُ بِسَلمى لا تُحَيّيها» يُكرِّرُ ذلِكَ ، فَأَنكَرَ عُبَيدُ اللَّهِ القَولَ ، وَالتَفَتَ إلى هانِي بنِ عُروَةَ ، وقالَ : ابنُ عَمِّكَ يَخلِطُ في عِلَّتِهِ! وهاني قَد ارتَعَدَ وتَغَيَّرَ وَجهُهُ .
فَقالَ هاني : إنَّ شَريكاً يَهجُرُ مُنذُ وَقَعَ فِي المَرَضِ ، ويَتَكَلَّمُ بِما لا يَعلَمُ .
فَثارَ عُبَيدُ اللَّهِ خارِجاً نَحوَ قَصرِ الإِمارَةِ مَذعوراً ، فَخَرَجَ مُسلِمٌ وَالسَّيفُ في كَفِّهِ ، وقالَ لَهُ شَريكٌ : يا هذا ، ما مَنَعَكَ مِنَ الأَمرِ ؟ قالَ مُسلِمٌ : لَمّا هَمَمتُ بِالخُروجِ تَعَلَّقَت بِيَ امرَأَةٌ ، قالَت : ناشَدتُكَ اللَّهَ إن قَتَلتَ ابنَ زِيادٍ في دارِنا ، وبَكَت في وَجهي ، فَرَمَيتُ السَّيفَ وجَلَستُ .
قالَ هاني : يا وَيلَها ، قَتَلَتني وقَتَلَت نَفسَها ، وَالَّذي فَرَرتُ مِنهُ وَقَعتُ فيهِ . ۱