425
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

۳۵۵.مثير الأحزان : نَزَلَ [مُسلِمٌ‏] دَارَ هانِي بنِ عُروَةَ ، وَاختَلَفَ إلَيهِ الشّيعَةُ ، وألَحَّ عُبَيدُ اللَّهِ في طَلَبِهِ ، ولا يَعلَمُ أينَ هُوَ ، وكانَ شَريكُ بنُ الأَعوَرِ الهَمدانِيُّ قَدِمَ مِنَ البَصرَةِ مَعَ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ، ونَزَلَ دارَ هانِي بنِ عُروَةَ ، وكانَ شَريكٌ مِن مُحِبّي أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام وشيعَتِهِ ، عَظيمَ المَنزِلَةِ ، جَليلَ القَدرِ ، فَمَرِضَ وسَأَلَ عُبَيدُ اللَّهِ عَنهُ ، فَاُخبِرَ أنَّهُ مَوعوكٌ ، فَأَرسَلَ ابنُ زِيادٍ إلَيهِ : إنّي رائِحٌ إلَيكَ في هذِهِ اللَّيلَةِ لِعِيادَتِكَ .
فَقالَ شَريكٌ لِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ : يَابنَ عَمِّ رَسولِ اللَّهِ ، إنَّ ابنَ زِيادٍ يُريدُ عِيادَتي ، فَادخُل بَعضَ الخَزائِنِ ، فَإِذا جَلَسَ فَاخرُج وَاضرِب عُنُقَهُ ، وأنَا أكفيكَ أمرَ مَن بِالكوفَةِ مَعَ العافِيَةِ .
وكانَ مُسلِمٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - شُجاعاً مِقداماً جَسوراً ، فَفَعَلَ ما أشارَ بِهِ شَريكٌ ، فَجاءَ عُبَيدُ اللَّهِ ، وسَأَلَ شَريكاً عَن حالِهِ وسَبَبِ مَرَضِهِ ، وشَريكٌ عَينُهُ إلَى الخِزانَةِ وامِقَةٌ ، وطالَ ذلِكَ فَجَعَلَ يَقولُ : «مَا الاِنتِظارُ بِسَلمى‏ لا تُحَيّيها» يُكرِّرُ ذلِكَ ، فَأَنكَرَ عُبَيدُ اللَّهِ القَولَ ، وَالتَفَتَ إلى‏ هانِي بنِ عُروَةَ ، وقالَ : ابنُ عَمِّكَ يَخلِطُ في عِلَّتِهِ! وهاني قَد ارتَعَدَ وتَغَيَّرَ وَجهُهُ .
فَقالَ هاني : إنَّ شَريكاً يَهجُرُ مُنذُ وَقَعَ فِي المَرَضِ ، ويَتَكَلَّمُ بِما لا يَعلَمُ .
فَثارَ عُبَيدُ اللَّهِ خارِجاً نَحوَ قَصرِ الإِمارَةِ مَذعوراً ، فَخَرَجَ مُسلِمٌ وَالسَّيفُ في كَفِّهِ ، وقالَ لَهُ شَريكٌ : يا هذا ، ما مَنَعَكَ مِنَ الأَمرِ ؟ قالَ مُسلِمٌ : لَمّا هَمَمتُ بِالخُروجِ تَعَلَّقَت بِيَ امرَأَةٌ ، قالَت : ناشَدتُكَ اللَّهَ إن قَتَلتَ ابنَ زِيادٍ في دارِنا ، وبَكَت في وَجهي ، فَرَمَيتُ السَّيفَ وجَلَستُ .
قالَ هاني : يا وَيلَها ، قَتَلَتني وقَتَلَت نَفسَها ، وَالَّذي فَرَرتُ مِنهُ وَقَعتُ فيهِ . ۱

1.مثير الأحزان : ص ۳۱ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۴۳ وراجع : المناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۱ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
424

۳۵۴.الفتوح : مَرِضَ شَريكُ بنُ عَبدِ اللَّهِ الأَعوَرُ الهَمدانِيُّ في مَنزِلِ هانِئِ بنِ عُروَةَ ، وعَزَمَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ عَلى‏ أن يَصيرَ إلَيهِ فَيَجتَمِعَ بِهِ ، ودَعا شَريكُ بنُ عَبدِ اللَّهِ مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ ، فَقالَ لَهُ : جُعِلتُ فِداكَ ! غَداً يَأتيني هذَا الفاسِقُ عائِداً ، وأنَا مُشغِلُهُ لَكَ بِالكَلامِ ، فَإِذا فَعَلتُ ذلِكَ فَقُم أنتَ اخرُج إلَيهِ مِن هذِهِ الدّاخِلَةِ فَاقتُلُه ، فَإِن أنَا عِشتُ فَسَأَكفيكَ أمرَ النُّصرَةِ ۱ إن شاءَ اللَّهُ .
قالَ : فَلَمّا أصبَحَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ ، رَكِبَ وسارَ يُريدُ دارَ هانِئٍ ۲ ، لِيَعودَ شَريكَ بنَ عَبدِ اللَّهِ ، قالَ : فَجَلَسَ وجَعَلَ يَسأَلُ مِنهُ .
قالَ : وهَمَّ مُسلِمٌ أن يَخرُجَ إلَيهِ لِيَقتُلَهُ فَمَنَعَهُ مِن ذلِكَ صاحِبُ المَنزِلِ هانِئٌ ، ثُمَّ قالَ : جُعِلتُ فِداكَ ، في داري صِبيَةٌ وإماءٌ ، وأنَا لا آمَنُ الحَدَثانَ ۳ . قالَ : فَرَمى‏ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ السَّيفَ مِن يَدِهِ وجَلَسَ ولَم يَخرُج ، وجَعَلَ شَريكُ بنُ عَبدِ اللَّهِ يَرمُقُ الدّاخِلَةَ ، وهُوَ يَقولُ :
ما تَنظُرونَ بِسَلمى‏ عِندَ فُرصَتِهافَقَد وَفى وُدُّها وَاستَوسَقَ الصَّرَمُ‏
فَقالَ لَهُ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ : ما يَقولُ الشَّيخُ ؟ فَقيلَ لَهُ : إنَّهُ مُبرَسَمٌ ۴ أصلَحَ اللَّهُ الأَميرَ ! قالَ : فَوَقَعَ في قَلبِ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ أمرٌ مِنَ الاُمورِ ، فَرَكِبَ مِن ساعَتِهِ ورَجَعَ إلَى القَصرِ .
وخَرَجَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ إلى‏ شَريكِ بنِ عَبدِ اللَّهِ مِن داخِلِ الدّارِ ، فَقالَ لَهُ شَريكٌ : يا مَولايَ ! جُعِلتُ فِداكَ ! مَا الَّذي مَنَعَكَ مِنَ الخُروجِ إلَى الفاسِقِ ، وقَد كُنتُ أمَرتُكَ بِقَتلِهِ ، وشَغَلتُهُ لَكَ بِالكَلامِ ؟!
فَقالَ : مَنَعَني مِن ذلِكَ حَديثٌ سَمِعتُهُ مِن عَمّي عَلِيِّ بنِ أبي طالِبٍ عليه السلام أنَّهُ قالَ : «الإيمانُ قَيَّدَ الفَتكَ» ، فَلَم اُحِبَّ أن أقتُلَ عُبَيدَ اللَّهِ بنَ زِيادٍ في مَنزِلِ هذَا الرَّجُلِ . فَقالَ لَهُ شَريكٌ : وَاللَّهِ لَو قَتَلتَهُ ، لَقَتَلتَ فاسِقاً فاجِراً مُنافِقاً .
قالَ : ثُمَّ لَم يَلبَث شَريكُ بنُ عَبدِ اللَّهِ إلّا ثَلاثَةَ أيّامٍ حَتّى‏ ماتَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وكانَ مِن خِيارِ الشّيعَةِ ، غَيرَ أنَّهُ يَكتُمُ ذلِكَ إلّا عَمَّن يَثِقُ بِهِ مِن إخوانِهِ .
قالَ : وخَرَجَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ فَصَلّى‏ عَلَيهِ ، ورَجَعَ إلى‏ قَصرِهِ . ۵

1.هكذا في المصدر ، وفي مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : «البصرة» ، والظاهر أنّه الصواب ، وتؤيّده النقول الاُخرى .

2.في المصدر : «ابن هانئ» ، والصواب ما أثبتناه .

3.حَدَثانُ الدهر : نُوَبُه وما يحدث منه (لسان العرب : ج ۲ ص ۱۳۲ «حدث») .

4.البِرْسامُ : علّةٌ يُهذى‏ فيها ، بُرسِمَ فهو مُبرسمٌ (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۷۹ «برسم») .

5.الفتوح : ج ۵ ص ۴۲ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۰۱ نحوه .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 349701
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي