۳۷۴.الفتوح : خَرَجَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ مِنَ القَصرِ حَتّى دَخَلَ المَسجِدَ الأَعظَمَ ، فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ التَفَتَ فَرَأى أصحابَهُ عَن يَمينِ المِنبَرِ وعَن شِمالِهِ ، وفي أيديهِمُ الأَعمِدَةُ وَالسُّيوفُ المُسَلَّلَةُ ، فَقالَ : أمّا بَعدُ يا أهلَ الكوفَةِ ، فَاعتَصِموا بِطاعَةِ اللَّهِ ورَسولِهِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله ، وطاعَةِ أئِمَّتِكُم ، ولا تَختَلِفوا ولا تَفَرَّقوا ، فَتَهلِكوا وتَندَموا ، وتُذَلّوا وتُقهَروا ، فَلا يَجعَلَنَّ أحَدٌ عَلى نَفسِهِ سَبيلاً ، وقَد أعذَرَ مَن أنذَرَ .
قالَ : فَما أتَمَّ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زيادٍ ذلِكَ - الخُطبَةَ - حَتّى سَمِعَ الصَّيحَةَ ، فَقالَ : ما هذا ؟ فَقيلَ لَهُ : أيُّهَا الأَميرُ ! الحَذَرَ الحَذَرَ ، هذا مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ قَد أقبَلَ في جَميعِ مَن بايَعَهُ .
قالَ : فَنَزَلَ عُبَيدُ اللَّهِ بنُ زِيادٍ عَنِ المِنبَرِ مُسرِعاً ، وبادَرَ فَدَخَلَ القَصرَ وأغلَقَ الأَبوابَ. ۱
4 / 17
دَعوَةُ مُسلِمٍ قُوّاتِهِ وَالحَرَكَةُ نَحوَ القَصرِ
۳۷۵.تاريخ الطبري عن عبد اللَّه بن خازم۲: أنَا وَاللَّهِ رَسولُ ابنِ عَقيلٍ إلَى القَصرِ ، لِأَنظُرَ إلى ما صارَ أمرُ هانِئٍ ، قالَ : فَلَمّا ضُرِبَ وحُبِسَ ، رَكِبتُ فَرَسي وكُنتُ أوَّلَ أهلِ الدّارِ دَخَلَ عَلى مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ بِالخَبَرِ ، وإذا نِسوَةٌ لِمُرادٍ مُجتَمِعاتٌ يُنادينَ : يا عَثرَتاه! يا ثُكلاه ! فَدَخَلتُ عَلى مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ بِالخَبَرِ ، فَأَمَرَني أن اُنادِيَ في أصحابِهِ ، وقَد مَلأَ مِنهُمُ الدّورَ حَولَهُ ، وقَد بايَعَهُ ثَمانِيَةَ عَشَرَ ألفاً ، وفِي الدّورِ أربَعةُ آلافِ رَجُلٍ .
فَقالَ لي : نادِ : «يا مَنصورُ أمِت» ، فَنادَيتُ : «يا مَنصورُ أمِت» ۳ ، وتَنادى أهلُ الكوفَةِ فَاجتَمَعوا إلَيهِ ، فَعَقَدَ مُسلِمٌ لِعُبَيدِ اللَّهِ بنِ عَمرِو بنِ عُزَيرٍ الكِنديِّ ۴ عَلى رَبعِ كِندَةَ ورَبيعَةَ ، وقالَ : سِر أمامي فِي الخَيلِ ، ثُمَّ عَقَدَ لِمُسلِمِ بنِ عَوسَجَةَ الأَسدِيِّ عَلى رُبعِ مَذحِجٍ وأسَدٍ ، وقالَ : اِنزِل فِي الرِّجالِ فَأَنتَ عَلَيهِم ، وعَقَدَ لِأَبي ثُمامَةَ الصّائِدِيِّ عَلى رُبعِ تَميمٍ وهَمدانَ ، وعَقَدَ لِعَبّاسِ بنِ جُعدَةَ الجَدَلِيِّ عَلى رُبعِ المَدينَةِ ، ثُمَّ أقبَلَ نَحوَ القَصرِ ، فَلَمّا بَلَغَ ابنَ زِيادٍ إقبالُهُ ، تَحَرَّزَ ۵ فِي القَصرِ وغَلَّقَ الأَبوابَ. ۶
1.الفتوح : ج ۵ ص ۴۹ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۰۶ .
2.هو عبد اللَّه بن خازم (حازم) الأزدي الكبيري من بني كبير، خرج مع التوّابين بقيادة سليمان بن صرد في سنة ۶۵ ه ومعه امرأته سهلة بنت سبرة بن عمرو لمّا سمع الصوت « يا لثارات الحسين». لم نعثر على ترجمته (راجع: تاريخ الطبري: ج ۵ ص۳۷۰ و ۵۸۳ ومقاتل الطالبيين: ص ۱۰۳ و۱۰۴ وبحار الأنوار: ج ۴۵ ص ۳۵۸).
3.كانت هذه العبارة شعاراً لمسلم وأصحابه، فكان البعض يقولها للبعض الآخر. ويريدون بها التفأّل بالنصرة والنصر (راجع: لسان العرب: ج ۳ ص ۹۲).
4.عبيد اللَّه بن عمرو بن عزير الكندي : اختلفوا في اسمه و اسم جدّه . يُكنّى أبا محمّد ، ولعلّ الصحيح في اسمه عبداللَّه مكبّراً . ومن المحتمل اتّحاده مع عبيدة بن عمرو البدي الكندي الّذي عنونه البلاذري والطبري في كتابيهما وقالا: كان عبيدة من أشدّ الناس تشيّعاً وحبّاً لعليّ ، وأشجع الناس وأشعرهم . وكان عبيداللَّه هذا من التوّابين . واستشهد في سنة ۶۵ ه (راجع : تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۶۹ و ۵۷۸ و ۶۰۳ و ۶۰۴ وأنساب الأشراف : ج ۶ ص ۳۸۰ وقاموس الرجال: ج ۶ ص ۵۱۵ وأصدق الأخبار : ص ۵۴) .
5.الحِرْزُ : الموضع الحصين (الصحاح : ج ۳ ص ۸۷۳ «حرز») .
6.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۶۸ ، مقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۳ عن عبداللَّه بن حازم البكري نحوه وفيه «لعبد الرحمن بن عزيز الكندي» وراجع : الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۰ .