467
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

۴۱۶.الأخبار الطوال : إنَّ ابنَ زِيادٍ لَمّا فَقَدَ الأَصواتَ ، ظَنَّ أنَّ القَومَ دَخَلُوا المَسجِدَ ، فَقالَ : اُنظُروا ، هَل تَرَونَ فِي المَسجِدِ أحَداً ؟ - وكانَ المَسجِدُ مَعَ القَصرِ - فَنَظَروا فَلَم يَرَوا أحَداً ، وجَعَلوا يُشعِلونَ أطنابَ ۱ القَصَبِ ، ثُمَ يَقذِفونَ بِها في رُحبَةِ المَسجِدِ لِيُضي‏ءَ لَهُم ، فَتَبَيَّنوا ، فَلَم يَرَوا أحَداً .
فَقالَ ابنُ زِيادٍ : إنَّ القَومَ قَد خَذَلوا وأسلَموا مُسلِماً وَانصَرَفوا . فَخَرَجَ فيمَن كانَ مَعَهُ ، وجَلَسَ فِي المَسجِدِ ، ووُضِعَتِ الشُّموعُ والقَناديلُ. ۲

4 / 24

خُطبَةُ ابنِ زِيادٍ وأمرُهُ بِتَجَسُّسِ الدّورِ

۴۱۷.تاريخ الطبري عن المجالد بن سعيد : لَمّا لَم يَرَوا شَيئاً [مِن مُسلِمٍ وأصحابِهِ ]أعلَمُوا ابنَ زِيادٍ ، فَفَتَحَ بابَ السُدَّةِ الَّتي فِي المَسجِدِ ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَعِدَ المِنبَرَ وخَرَجَ أصحابُهُ مَعَهُ ، فَأَمَرَهُم فَجَلَسوا حَولَهُ قُبَيلَ العَتَمَةِ. ۳
وأمَرَ عَمرَو بنَ نافِعٍ فَنادى‏ : ألا بَرِئَتِ الذِّمَّةُ مِن رَجُلٍ مِنَ الشُّرطَةِ وَالعُرَفاءِ ، أوِ المَناكِبِ ۴ أو المُقاتِلَةِ ، صَلَّى العَتَمَةَ إلّا فِي المَسجِدِ ، فَلَم يَكُن لَهُ إلّا ساعةٌ ، حَتَّى امتَلَأَ المَسجِدُ مِنَ النّاسِ ، ثُمَّ أمَرَ مُنادِيَهُ فَأَقامَ الصَّلاةَ .
فَقالَ الحُصَينُ بنُ تَميمٍ : إن شِئتَ صَلَّيتَ بِالنّاسِ ، أو يُصَلّي بِهِم غَيرُكَ ودَخَلتَ أنتَ فَصَلَّيتَ فِي القَصرِ ؛ فَإِنّي لا آمَنُ أن يَغتالَكَ بَعضُ أعدائِكَ .
فَقالَ : مُر حَرَسي فَليَقوموا وَرائي كَما كانوا يَقِفونَ ، ودُر فيهِم فَإِنّي لَستُ بِداخِلٍ إذاً . فَصَلّى‏ بِالنّاسِ .
ثُمَّ قامَ فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : أمّا بَعدُ ، فَإِنَّ ابنَ عَقيلٍ السَّفيهَ الجاهِلَ ، قَد أتى‏ ما قدَ رَأَيتُم مِنَ الخِلافِ وَالشِّقاقِ ، فَبَرِئَت ذِمَّةُ اللَّهِ مِن رَجُلٍ وَجَدناهُ في دارِهِ ، ومَن جاءَ بِهِ فَلَهُ دِيَتُهُ ، اِتَّقُوا اللَّهَ عِبادَ اللَّهِ ، وَالزَموا طاعَتَكُم وبَيعَتَكُم ، ولا تَجعَلوا عَلى‏ أنفُسِكُم سَبيلاً .
يا حُصَينَ بنَ تَميمٍ ، ثَكِلَتكَ ۵ اُمُّكَ إن صاحَ بابُ سِكَّةٍ ۶ مِن سِكَكِ الكوفَةِ ، أو خَرَجَ هذَا الرَّجُلُ ولَم تأتِني بِهِ ، وقَد سَلَّطتُكَ عَلى‏ دورِ أهلِ الكوفَةِ فَابعَث مُراصِدَةً عَلى‏ أفواهِ السِّكَكِ ، وأصبِح غَداً وَاستَبرِ الدّورَ وجُسَّ ۷ خِلالَها ، حَتّى‏ تَأتِيَني بِهذَا الرَّجُلِ - وكانَ الحُصَينُ عَلى‏ شُرَطِهِ ، وهُوَ مِن بَني تَميمٍ - ثُمَّ نَزَلَ ابنُ زِيادٍ فَدَخَلَ ، وقَد عَقَدَ لِعَمرِو بنِ حُرَيثٍ رايَةً وأمَّرَهُ عَلَى النّاسِ. ۸

1.الطُّنُبُ : عِرق الشجر ، جمعه : أطناب (تاج العروس : ج ۲ ص ۱۸۷ «طنب») .

2.الأخبار الطوال : ص ۲۳۹ .

3.العَتَمَةُ من اللّيل : بعد غيبوبة الشّفق إلى آخر الثلث الأوّل . وعَتَمَةُ الليل : ظلامُ أوّله عند سقوط نور الشفق (المصباح المنير : ص ۳۹۲ «عتم») .

4.المناكِبُ : قوم دون العرفاء واحدهم مَنكِب ، وقيل : المَنكِبُ : رأس العرفاء (النهاية : ج ۵ ص ۱۱۳ «نكب») .

5.ثَكِلَتْكَ اُمُّك : أي فقدتك ، والثُّكلُ : فقد الولد (النهاية : ج ۱ ص ۲۱۷ «ثكل») .

6.السِّكَّةُ : الزُّقاق (لسان العرب : ج ۱۰ ص ۴۴۰ «سكك») .

7.جَسّ الخبر : بحث عنه وفحص (لسان العرب : ج ۶ ص ۳۸ «جسس») .

8.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۷۲ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۱ ، مقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۵ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۵۶ وفيه «حصين بن نمير» وكلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۵۱ وراجع : الأخبار الطوال : ص ۲۴۰ والمناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۳ والمختصر في أخبار البشر لأبي الفداء : ج ۱ ص ۱۹۰ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
466

4 / 23

فَحصُ ابنِ زِيادٍ عَن مُسلِمٍ وأصحابِهِ‏

۴۱۵.تاريخ الطبري عن المجالد بن سعيد : لَمّا طالَ عَلَى ابنِ زِيادٍ ، وأخَذَ لا يَسمَعُ لِأَصحابِ ابنِ عَقيلٍ صَوتاً كَما كانَ يَسمَعُهُ قَبلَ ذلِكَ ، قالَ لِأَصحابِهِ : أشرِفوا ، فَانظُروا هَل تَرَونَ مِنهُم أحَداً ؟
فَأَشرَفوا فَلَم يَرَوا أحَداً ، قالَ : فَانظُروا لَعَلَّهُم تَحتَ الظِّلالِ قَد كَمَنوا لَكُم ، فَفَرَعوا ۱ بَحابِحَ ۲ المَسجِدِ ، وجَعَلوا يَخفِضونَ شُعَلَ النّارِ في أيديهِم ، ثُمَّ يَنظُرونَ هَل فِي الظِّلالِ أحَدٌ ؟ وكانَت أحياناً تُضي‏ءُ لَهُم ، وأحياناً لا تُضي‏ءُ لَهُم كَما يُريدونَ ، فَدَلَّوا القَناديلَ وأنصافَ الطِّنانِ ۳ تُشَدُّ بِالحِبالِ ، ثُمَّ تُجعَلُ فيهَا النيرانُ ، ثُمَّ تُدَلّى‏ حَتّى‏ تَنتَهِيَ إلَى الأَرضِ ، فَفَعَلوا ذلِكَ في أقصَى الظِّلالِ وأدناها وأوسَطِها ، حَتّى‏ فَعَلوا ذلِكَ بِالظُّلَّةِ الَّتي فيهَا المِنبَرُ. ۴

1.فَرَعَ الشي‏ء : علاه (لسان العرب : ج ۸ ص ۲۴۷ «فرع») .

2.بحبوحة الدار : وسطها (النهاية : ج ۱ ص ۹۸ «بحبح») .

3.الطُّنّ : حُزمة القصب (الصحاح : ج ۶ ص ۲۱۵۸ «طنن») .

4.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۷۲ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۵۵ نحوه وفيه «فنزعوا تخاتج المسجد» بدل «ففرعوا بحابح المسجد» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۵۱ وراجع : الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۱ ومقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۵ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 308993
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي