2 . عدم الحاجة لمتفرّدات المصادر المتأخّرة
إنّ تاريخ عاشوراء - كما سبقت الإشارة وكما تدلّ عليه نصوص موسوعة الإمام الحسين عليه السلام وهذا الكتاب - يتمتّع بالمصادر المعتبرة والقابلة للاعتماد أكثر من أيّ موضوع آخر ، ولا حاجة أساساً إلى روايات المصادر غير القابلة للاعتماد .
3 . الاختلاف الواضح بين روايات المصادر القديمة والمصادر الجديدة
من الملاحظات الملفتة للانتباه أنّ روايات المصادر القديمة حتّى القرن التاسع حول واقعة عاشوراء، تختلف وتتميّز بشكل واضح عن روايات الكتب المؤلّفة في القرون المتأخّرة ، ومن جملة هذه الاختلافات :
أ - وردت في مصادر القرون الأخيرة، المئات - بل الآلاف - من الروايات الجديدة التي لا نجد لها أثراً في المصادر القديمة.
ب - إنّ الاُسلوب الذي اختارته المصادر الضعيفة في القرون الأخيرة لرواية واقعة عاشوراء، هو اُسلوب نسج القصص بدلاً من النقل التاريخي الموثّق، ۱ ولذلك فقد تحوّلت الروايات القصيرة في المصادر الأصليّة إلى قصص طويلة ذات الكثير من التفاصيل في هذا النوع من الكتب .
ج - تجاوز الكثير من المصادر المذكورة الحدود المعقولة، حتّى بلغت حدّ تجاهل كرامة أهل بيت الرسالة، بهدف إثارة عواطف الناس ومشاعرهم .
إلفاتة نظر
قد يقال في الدفاع عن روايات مصادر القرون الأخيرة : إنّ عدم وجود هذه الروايات في المصادر الأصليّة الحاليّة، لا يدلّ على عدم كونها غير موثّقة، فمن الممكن أن يكون مؤلّفو هذه الكتب قد توفّرت لديهم مصادر كانت معتبرة عندهم، ولكنّها لم تصل إلينا!
وللإجابة على ذلك نقول:
أوّلاً: لم يدّعِ أحد من مؤلّفي الكتب الضعيفة المعروفة أنّه كان تحت اختياره كتب معتبرة لم تكن في متناول الآخرين ، وإنّما رواياتهم ليست مسندة عادة، بل أسندوا رواياتهم أحياناً إلى كتب ضعيفة أمثالها (مع أنّ هذا الاستناد في بعض الموارد غير صحيح أيضاً ۲ ).
ثانياً : إنّ هذا النوع من الكتب يسند روايته أحياناً إلى المصادر المعتبرة، ولكن يتّضح من خلال الرجوع إلى المصادر المذكورة أنّ نقلهم كان خاطئاً . ۳
1.راجع : ص ۲۹ (المصادر غير الصالحة للاعتماد) .
2.مثل مغادرة بعض أصحاب الحسين عليه السلام ساحة كربلاء في ليلة عاشوراء. المذكور في الدمعة الساكبة (ج ۴ ص ۲۷۱) نقلاً عن كتاب نور العين، مع أنّنا لم نعثر عليه في هذا الكتاب. ومثل احتضار الإمام عليه السلام عند توجّه عليّ الأكبر إلى ساحة القتال والذي نقله في معالي السبطين (ج ۱ ص ۲۵۴) عن الشيخ جعفر التستري، ولم نعثر عليه في شيء من كتبه. ومثل كون السهم الذي أصاب عليّاً الأصغر ذا ثلاثة شعب، والذي نقله في تذكرة الشهداء (۲۱۸) عن المقتل المنسوب إلى أبي مخنف، ولم نجده فيه.
3.مثل قصّة هلال بن نافع في ليلة عاشوراء والتي ينسبها صاحب كتاب الدمعة الساكبة (ج ۴ ص ۲۷۲) إلى الشيخ المفيد (رحمه الله)؛ مع أنّها لم تُذكر في شيء من كتب المفيد أو غيره من القدماء.