487
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

ملاحظة

رغم أنّ سلوك ابن الأشعث وابن سعد كان في الظاهر هو العمل بوصيّة مسلم عليه السلام وإيصال رسالته إلى الإمام الحسين عليه السلام ۱ إلّا أنّ من البديهي أنّ هدفهما الرئيس كان هو الحيلولة دون مجي‏ء الإمام إلى الكوفة ومنع وصوله إلى مركز الثورة، أي الكوفة، ولذلك فعندما واصل الإمام طريقه باتّجاه الكوفة خلافاً لتوصية مسلم عليه السلام ، فقد سدّا الطريق عليه وقتلاه هو وأصحابه في كربلاء .

4 / 31

طَلَبُ مُسلِمٍ الماءَ

۴۵۰.تاريخ الطبري عن أبي مخنف عن قدامة بن سعد : إنَّ مُسلِمَ بنَ عَقيلٍ حينَ انتَهى‏ إلى‏ بابِ القَصرِ ، فَإِذا قُلَّةٌ ۲ بارِدَةٌ مَوضوعَةٌ عَلَى البابِ ، فَقالَ ابنُ عَقيلٍ : اِسقوني مِن هذَا الماءِ ، فَقالَ لَهُ مُسلِمُ بنُ عَمرٍو : أتَراها ما أبرَدَها ؟! لا وَاللَّهِ، لا تَذوقُ مِنها قَطرَةً أبَداً ، حَتّى‏ تَذوقَ الحَميمَ في نارِ جَهَنَّمَ !
قالَ لَهُ ابنُ عَقيلٍ : وَيحَكَ ! مَن أنتَ ؟ قالَ : أنَا ابنُ مَن عَرَفَ الحَقَّ إذ أنكَرتَهُ ، ونَصَحَ لِإِمامِهِ إذ غَشَشتَهُ ، وسَمِعَ وأطاعَ إذ عَصَيتَهُ وخالَفتَ ، أنَا مُسلِمُ بنُ عَمرٍو الباهِلِيُّ .
فَقالَ ابنُ عَقيلٍ : لِاُمِّكَ الثُّكلُ ، ما أجفاكَ وما أفَظَّكَ! وأقسى‏ قَلبَكَ وأغلَظَكَ ! ! أنتَ يَابنَ باهِلَةَ أولى‏ بِالحَميمِ وَالخُلودِ في نارِ جَهَنَّمَ مِنّي . ثُمَّ جَلَسَ مُتَسانِداً إلى‏ حائِطٍ .
قالَ أبو مِخنَفٍ : فَحَدَّثَني قُدامَةُ بنُ سَعدٍ : أنَّ عَمرَو بنَ حُرَيثٍ بَعَثَ غُلاماً يُدعى‏ سُلَيمانَ ، فَجاءَهُ بِماءٍ في قُلَّةٍ فَسَقاهُ .
قال أبو مِخنَفٍ : وحَدَّثَني سَعيدُ بنُ مُدركِ بنِ عُمارَةَ : أنَّ عُمارَةَ بنَ عُقبَةَ بَعَثَ غُلاماً لَهُ يُدعى‏ قَيساً ، فَجاءَهُ بِقُلَّةٍ عَلَيها مِنديلٌ ومَعَهُ قَدَحٌ ، فَصَبَّ فيه ماءً ثُمَّ سَقاهُ ، فَأَخَذَ كُلَّما شَرِبَ امتَلَأَ القَدَحُ دَماً ، فَلَمّا مَلَأَ القَدَحَ المَرَّةَ الثّالِثَةَ ذَهَبَ لِيَشرَبَ فَسَقَطَت ثَنِيَّتاهُ فيهِ . فَقَالَ : اَلحَمدُ للَّهِ‏ِ ، لَو كانَ لي مِنَ الرِّزقِ المَقسومِ شَرِبتُهُ. ۳

1.راجع : ص ۴۹۸ (وصايا مسلم بن عقيل).

2.القُلّة : الحُبُّ العظيم . وقيل : الجرّة العظيمة . و قيل : الجرّة عامّة . وقيل : الكوز الصغير (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۵۶۵ «قلل») .

3.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۷۵ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۳ ، مقاتل الطالبيّين : ص ۱۰۷ وفيه «نسيماً» بدل «قيساً» ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۶۰ وفيه «عمرو بن حريث» بدل «عمارة بن عقبة» وكلّها نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۵۵ وراجع : مروج الذهب : ج ۳ ص ۶۸ والمناقب لابن شهرآشوب : ج ۴ ص ۹۴ وروضة الواعظين : ص ۱۹۵ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
486

۴۴۸.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : لَمّا رَكِبَ [مُسلِمٌ‏] عَلَى البَغلَةِ ، ونُزِعَ مِنهُ السَّيفُ ، اِستَرجَعَ ، وقالَ : هذا أوَّلُ الغَدرِ ، وأيِسَ مِن نَفسِهِ ، وعَلِمَ أن لا أمانَ لَهُ مِنَ القَومِ ، فَقالَ لِمُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ : إنّي لَأَظُنُّكَ أن تَعجِزَ عَن أماني ، أفَتَستَطيعُ أن تَبعَثَ رَجُلاً عَن لِساني يُبلِغُ حُسَيناً عليه السلام ؛ فَإِنّي لا أراهُ إلّا قَد خَرَجَ إلى‏ ما قِبَلَكُم ، هُوَ وأهلُ بَيتِهِ ، فَيقولَ لَهُ : إنَّ مُسلِماً بَعَثَني إلَيكَ ، وهُوَ أسيرٌ في يَدِ العَدُوِّ ، يَذهَبونَ بِهِ إلَى القَتلِ ، فَارجِع بِأَهلِكَ ، ولا يَغُرَّنَّكَ أهلُ الكوفَةِ ؛ فَإِنَّهُم أصحابُ أبيكَ الَّذي كانَ يَتَمَنّى‏ فِراقَهُم بِالمَوتِ أوِ القَتلِ ، إنَّ أهلَ الكوفَةِ قَد كَذَبوني فَكَتَبتُ إلَيكَ ، ولَيسَ لِمكذوبٍ رَأيٌ .
فَقالُ مُحَمَّدٌ : وَاللَّهِ لَأَفعَلَنَّ ، ودَعا بِإِياسٍ الطائِيِّ ، وكَتَبَ مَعَهُ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ما قالَهُ مُسلِمٌ عَن لِسانِ مُسلِمٍ ، وأعطاهُ راحِلَةً وزاداً ، فَذَهَبَ فَاستَقبَلَ الحُسَينَ عليه السلام بِزُبالَةَ ، وكانَ مُسلِمٌ حينَ تَحَوَّلَ إلى‏ دارِ هاني كَتَبَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام كِتاباً ، ذَكَرَ فيهِ كَثرَةَ مَن بايَعَهُ ، فَهُوَ قَولُهُ : كَذَبوني فَكَتَبتُ إلَيكَ ۱ .

۴۴۹.الأخبار الطوال : لَمّا وافى‏ [أيِ الإِمامُ الحُسَين عليه السلام‏] زُبالَةَ ، وافاهُ بِها رَسولُ مُحَمَّدِ بنِ الأَشعَثِ وعُمَرَ بنِ سَعدٍ بِما كانَ سَأَلَهُ مُسلِمٌ أن يَكتُبَ بِهِ إلَيهِ مِن أمرِهِ ، وخِذلانِ أهلِ الكوفَةِ إيّاهُ بَعدَ أن بايَعوهُ ، وقَد كانَ مُسلِمٌ سَأَلَ مُحَمَّدَ بنَ الأَشعَثِ ذلِكَ .
فَلَمّا قَرَأَ الكِتابَ استَيقَنَ بِصِحَّةِ الخَبَرِ ، وأفظَعَهُ قَتلُ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ وهانِئِ بنِ عُروَةَ ، ثُمَّ أخبَرَهُ الرَّسولُ بِقَتلِ قَيسِ بنِ مُسهِرٍ ، رَسولِهِ الَّذي وَجَّهَهُ مِن بَطنِ الرِّمَّةِ .
وقَد كانَ صَحِبَهُ قَومٌ مِن مَنازِلِ الطَّريقِ ، فَلَمّا سَمِعوا خَبَرَ مُسلِمٍ - وقَد كانوا ظَنّوا أنَّهُ يَقدَمُ عَلى‏ أنصارٍ وعَضُدٍ - تَفَرَّقوا عَنهُ ، ولَم يَبقَ مَعَهُ إلّا خاصَّتُهُ ۲ .

1.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۱۱ .

2.الأخبار الطوال : ص ۲۴۷ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 313001
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي