۴۵۱.المحاسن والمساوئ عن أبي معشر : أرسَلَ [ابنُ زِيادٍ] إلى مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ، فَخَرَجَ عَلَيهِم بِسَيفِهِ ، فَما زالَ يُناوِشُهُم ويُقاتِلُهُم حَتّى جُرِحَ واُسِرَ ، فَعَطِشَ وقالَ : اِسقوني ماءً ، ومَعَهُ رَجُلٌ مِن آلِ أبي مُعَيطٍ ، ورَجُلٌ مِن بَني سُلَيمٍ .
فَقالَ شِمرُ بنُ ذي جَوشَنٍ : وَاللَّهِ لا نَسقيكَ إلّا مِنَ البِئرِ . وقالَ المُعَيطِيُّ : وَاللَّهِ لا نَسقيهِ إلّا مِنَ الفُراتِ . فَأَتاهُ غُلامٌ لَهُ بِإِبريقٍ مِن ماءٍ ، وقَدَحٍ قَواريرَ ومِنديلٍ فَسَقاهُ ، فَتَمَضمَضَ فَخَرَجَ الدَّمُ ، فَما زالَ يَمُجُّ ۱ الدَّمَ ولا يُسيغُ ۲ شَيئاً ، حَتّى قالَ : أخِّرهُ عَنّي ، فَلَمّا أصبَحَ دَعاهُ عُبَيدُ اللَّهِ لِيَضرِبَ عُنُقَهُ. ۳
۴۵۲.الفتوح : فَجَعَلَ [مُسلِمٌ] يَقولُ : اِسقوني شُربَةً مِنَ الماءِ ، فَقالَ لَهُ مُسلِمُ بنُ عَمرٍو الباهِلِيُّ : وَاللَّهِ لا تَذوقُ الماءَ يَابنَ عَقيلٍ أو تَذوقَ المَوتَ ، فَقالَ لَهُ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ : وَيلَكَ يا هذا ، ما أجفاكَ وأفَظَّكَ وأغلَظَكَ ! ! اُشهِدُ عَلَيكَ أنَّكَ إن كُنتَ مِن قُرَيشٍ فَإِنَّكَ مُلصَقٌ ۴ ، وإن كُنتَ مِن غَيرِ قُرَيشٍ فَإِنَّكَ مُدَّعٍ إلى غَيرِ أبيكَ . مَن أنتَ يا عَدُوَّ اللَّهِ ؟
فَقالَ : أنَا مَن عَرَفَ الحَقَّ إذ أنكَرتَهُ ، ونَصَحَ لِإِمامِهِ إذ غَشَشتَهُ ۵ ، وسَمِعَ وأطاعَ إذ خالَفتَهُ ، أنَا مُسلِمُ بنُ عَمرٍو الباهِلِيُّ .
فَقالَ لَهُ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ : أنتَ أولى بِالخُلودِ وَالحَميمِ ، إذ آثَرتَ طاعَةَ بَني سُفيانَ عَلى طاعَةِ الرَّسولِ مُحَمَّدٍ صلى اللَّه عليه وآله .
ثُمَّ قالَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - : وَيحَكُم يا أهلَ الكوفَةِ ! اِسقوني شُربَةً مِن ماءٍ . فَأَتاهُ غُلامٌ لِعَمرِو بنِ حُرَيثٍ الباهِلِيِّ بِقُلَّةٍ فيها ماءٌ ، وقَدَحٍ فيها ، فَناوَلَهُ القُلَّةَ ، فَكُلَّما أرادَ أن يَشرَبَ امتَلَأَ القَدَحُ دَماً ، فَلَم يَقدِر أن يَشرَبَ مِن كَثرَةِ الدَّمِ ، وسَقَطَت ثَنِيَّتاهُ فِي القَدَحِ ، فَامتَنَعَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - مِن شُربِ الماءِ .
قالَ : واُتِيَ بِهِ حَتّى اُدخِلَ عَلى عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ. ۶
1.مَجَّ الرجلُ الماء من فيه : رمى به (المصباح المنير : ص ۵۶۴ «مج») .
2.يُسيغُ : يبتلعُ (المصباح المنير : ص ۲۹۶ «سوغ») .
3.المحاسن والمساوئ : ص ۶۰ ، الإمامة والسياسة : ج ۲ ص ۱۰ وفيه «شهر بن حوشب» بدل «شمر بن ذي جوشن» ، المحن : ص ۱۴۵ .
4.في الطبعة المعتمدة : «مصلق» ، والتصويب من طبعة دار الفكر .
5.في المصدر : «فششته» ، وهو تصحيف .
6.الفتوح : ج ۵ ص ۵۵ ، مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۱۰ وفيه «لعمرو بن حريث المخزومي» .