499
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

۴۶۳.العقد الفريد عن أبي عبيدالقاسم بن سلّام : واُتِيَ بِهِ [أي بِمُسلِمٍ‏] ابنَ زِيادٍ ، فَقَدَّمَهُ لِيَضرِبَ عُنُقَهُ ، فَقالَ لَهُ : دَعني حَتّى‏ اُوصِيَ ، فَقالَ لَهُ : أوصِ . فَنَظَرَ في وُجوهِ النّاسِ ، فَقالَ لِعُمَرَ بنِ سَعدٍ : ما أرى‏ قُرَشِيّاً هُنا غَيرَكَ ، فَادنُ مِنّي حَتّى‏ اُكَلِّمَكَ ، فَدَنا مِنهُ .
فَقالَ لَهُ : هَل لَكَ أن تَكونَ سَيِّدَ قُرَيشٍ ما كانَت قُرَيشٌ ؟ إنَّ حُسَيناً ومَن مَعَهُ - وهُم تِسعونَ إنساناً ما بَينَ رَجُلٍ وَامرَأَةٍ - فِي الطَّريقِ ، فَاردُدهُم ، وَاكتُب لَهُم ما أصابَني . ثُمَّ ضُرِبَ عُنُقُهُ .
فَقالَ عُمَرُ لِابنِ زِيادٍ : أتَدري ما قالَ لي : قالَ : اُكتُم عَلَى ابنِ عَمِّكَ ، قالَ : هُوَ أعظَمُ مِن ذلِكَ . قالَ : وما هُوَ ؟
قالَ : قالَ لي : إنَّ حُسَيناً أقبَلَ ، وهُم تِسعونَ إنساناً ما بَينَ رَجُلٍ وَامرَأَةٍ ، فَاردُدهُم وَاكتُب إلَيهِ بِما أصابَني .
فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : أما وَاللَّهِ إذ دَلَلتَ عَلَيهِ ، لا يُقاتِلُهُ أحَدٌ غَيرُكَ. ۱

۴۶۴.الأخبار الطوال : لَمّا اُدخِلَ [مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ‏] عَلَيهِ ، وقَدِ اكتَنَفَهُ الجَلاوِزَةُ ، قالوا لَهُ : سَلِّم عَلَى الأَميرِ . قالَ : إن كانَ الأَميرُ يُريدُ قَتلي فَما أنتَفِعُ بِسَلامٍ عَلَيهِ ! وإن كانَ لَم يُرِد ، فَسَيَكثُرُ عَلَيهِ سَلامي .
قالَ ابنُ زِيادٍ : كَأَنَّكَ تَرجُو البَقاءَ ؟ فَقالَ لَهُ مُسلِمٌ : فَإِن كُنتَ مُزمِعاً عَلى‏ قَتلي ، فَدَعني اُوصِ إلى‏ بَعضِ مَن هاهُنا مِن قَومي . قالَ لَهُ : أوصِ بِما شِئتَ .
فَنَظَرَ إلى‏ عُمَرَ بنِ سَعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ ، فَقالَ لَهُ : اُخلُ مَعي في طَرَفِ هذَا البَيتِ حَتّى‏ اُوصِيَ إلَيكَ ، فَلَيسَ فِي القَومِ أقرَبُ إلَيَّ ولا أولى‏ بي مِنكَ . فَتَنَحّى‏ مَعَهُ ناحِيَةً، فَقالَ لَهُ : أتَقبَلُ وَصِيَّتي ؟ قالَ : نَعَم .
قالَ مُسلِمٌ : إنَّ عَلَيَّ هاهُنا دَيناً مِقدارَ ألفِ دِرهَمٍ ، فَاقضِ عَنّي ، وإذا أنَا قُتِلتُ فَاستَوهِب مِنِ ابنِ زِيادٍ جُثَّتي لِئَلّا يُمَثَّلَ بِها ، وَابعَث إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام رَسولاً قاصِداً مِن قِبَلِكَ يُعلِمهُ حالي ، وما صِرتُ إلَيهِ مِن غَدرِ هؤُلاءِ الَّذينَ يَزعُمونَ أنَّهُم شِيعَتُهُ ، وأخبِرهُ بِما كانَ مِن نَكثِهِم بَعدَ أن بايَعَني مِنهُم ثَمانِيَةَ عَشَرَ ألفَ رَجُلٍ ، لِيَنصَرِفَ إلى‏ حَرَمِ اللَّهِ فَيُقيمَ بِهِ ، ولا يَغَتَرَّ بِأَهلِ الكوفَةِ . وقَد كانَ مُسلِمٌ كَتَبَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام أن يَقدَمَ ولا يَلبَثَ .
فَقالَ لَهُ عُمَرُ بنُ سَعدٍ : لَكَ عَلَيَّ ذلِكَ كُلُّهُ ، وأنا بِهِ زَعيمٌ . فَانصَرَفَ إلَى ابنِ زِيادٍ فَأَخبَرَهُ بِكُلِّ ما أوصى‏ بِهِ إلَيهِ مُسلِمٌ .
فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : قَد أسَأتَ في إفشائِكَ ما أسَرَّهُ إلَيكَ ، وقَد قيلَ : إنَّهُ لا يَخونُكَ إلّا الأَمينُ ، ورُبَّما ائتَمَنَكَ الخائِنُ ۲ . ۳

1.العقد الفريد : ج ۳ ص ۳۶۵ ، المحاسن والمساوئ : ص ۶۰ عن أبي معشر ، الإمامة والسياسة : ج ۲ ص ۱۰ وفيه «لعمر بن سعيد» ، المحن : ص ۱۴۵ ، جواهر المطالب : ج ۲ ص ۲۶۸ .

2.هكذا في المصدر ، والظاهر أنّه وقع فيه تصحيف ، والصواب : «إنّه لا يخونك الأمين ، وربما ائتمنتَ الخائن» وتؤيّد هذا المعنى نُقولٌ اُخرى كثيرة .

3.الأخبار الطوال : ص ۲۴۰ .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
498

4 / 33

وَصايا مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ‏

۴۶۱.أنساب الأشراف : اُتِيَ بِهِ [أي بِمُسلِمِ بنِ عَقيلٍ‏] ابنَ زِيادٍ ، وقَد آمَنَهُ ابنُ الأَشعَثِ ، فَلَم يُنفَذ أمانُهُ ، فَلَمّا وَقَفَ مُسلِمٌ بَينَ يَدَيهِ ، نَظَرَ إلى‏ جُلَسائِهِ ، فَقالَ لِعُمَرَ بنِ سَعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ : إنَّ بَيني وبَينَكَ قَرابَةً أنتَ تَعلَمُها ، فَقُم مَعي حَتّى‏ اُوصِيَ إلَيكَ ، فَامتَنَعَ ، فَقالَ ابنُ زِيادٍ : قُم إلَى ابنِ عَمِّكَ .
فَقامَ ، فَقالَ [مُسلِمٌ‏] : إنَّ عَلَيَّ بِالكوفَةِ سَبعَمِئَةِ دِرهَمٍ مُذ قَدِمتُها ، فَاقضِها عَنّي ، وَانظُر جُثَّتي فَاطلُبها مِنِ ابنِ زِيادٍ فَوارِها ، وَابعَث إلَى الحُسَينِ مَن يَرُدُّهُ . فَأَخبَرَ عُمَرُ بنُ سَعدٍ ابنَ زِيادٍ بِما قالَ لَهُ .
فَقالَ : أمّا مالُكَ ، فَهُوَ لَكَ تَصنَعُ فيهِ ما شِئتَ ، وأمّا حُسَينٌ ، فَإِنَّهُ إن لَم يُرِدنا لَم نُرِدهُ ، وأمّا جُثَّتُهُ ، فإنّا لا نُشَفِّعُكَ فيها ؛ لِأَنَّهُ قَد جَهَدَ أن يُهلِكَنا ، ثُمَّ قالَ : وما نَصنَعُ بِجُثَّتِهِ بَعدَ قَتلِنا إيّاهُ ؟ ! ۱

۴۶۲.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : بَعَثَ [ابنُ زِيادٍ] إلى‏ مُسلِمٍ فَجي‏ءَ بِهِ ، فَأَنَّبَهُ وبَكَّتَهُ ۲ وأمَرَ بِقَتلِهِ .
فَقالَ : دَعني اُوصي . قالَ : نَعَم . فَنَظَرَ إلى‏ عُمَرَ بنِ سَعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ ، فَقالَ : إنَّ لي إلَيكَ حاجَةً ، وبَيني وبَينَكَ رَحِمٌ . فَقالَ عُبَيدُ اللَّهِ : اُنظُر في حاجَةِ ابنِ عَمِّكَ .
فَقامَ إلَيهِ ، فَقالَ : يا هذا ، إنَّهُ لَيسَ هاهُنا رَجُلٌ مِن قُرَيشٍ غَيرُكَ ، وهذَا الحُسَينُ بنُ عَليٍّ عليه السلام قَد أظَلَّكَ ، فَأَرسِل إلَيهِ رَسولاً فَليَنصَرِف ؛ فَإِنَّ القَومَ قَد غَرّوهُ وخَدَعوهُ وكَذَّبوهُ ، وإنَّهُ إن قُتِلَ لَم يَكُن لِبَني هاشِمٍ بَعدَهُ نِظامٌ ، وعَلَيَّ دَينٌ أخَذتُهُ مُنذُ قَدِمتُ الكوفَةَ فَاقضِهِ عَنّي ، وَاطلُب جُثَّتي مِنِ ابنِ زِيادٍ فَوارِها .
فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : ما قالَ لَكَ ؟ فَأَخبَرَهُ بِما قالَ ، فَقالَ : قُل لَهُ : أمّا مالُك فَهُوَ لَكَ لا نَمنَعُكَ مِنهُ ، وأمّا حُسَينٌ فَإِن تَرَكَنا لَم نُرِدهُ ، وأمّا جُثَّتُهُ فَإِذا قَتَلناهُ لَم نُبالِ ما صُنِعَ بِهِ .
ثُمَّ أمَرَ بِهِ فَقُتِلَ ... وقَضى‏ عُمَرُ بنُ سَعدٍ دَينَ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ، وأخَذَ جُثَّتَهُ فَكَفَّنَهُ ودَفَنَهُ ، وأرسَلَ رَجُلاً إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَحَمَلَهُ عَلى‏ ناقَةٍ وأعطاهُ نَفَقَةً ، وأمَرَهُ أن يُبَلِّغَهُ ما قالَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ ، فَلَقِيَهُ عَلى‏ أربَعِ مَراحِلٍ فَأَخبَرَهُ. ۳

1.أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۳۹ .

2.التبكيت : التقريع والتوبيخ (النهاية : ج ۱ ص ۱۴۸ «بكت») .

3.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۶۱ ، سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۳۰۰ نحوه .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 344437
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي