۴۶۳.العقد الفريد عن أبي عبيدالقاسم بن سلّام : واُتِيَ بِهِ [أي بِمُسلِمٍ] ابنَ زِيادٍ ، فَقَدَّمَهُ لِيَضرِبَ عُنُقَهُ ، فَقالَ لَهُ : دَعني حَتّى اُوصِيَ ، فَقالَ لَهُ : أوصِ . فَنَظَرَ في وُجوهِ النّاسِ ، فَقالَ لِعُمَرَ بنِ سَعدٍ : ما أرى قُرَشِيّاً هُنا غَيرَكَ ، فَادنُ مِنّي حَتّى اُكَلِّمَكَ ، فَدَنا مِنهُ .
فَقالَ لَهُ : هَل لَكَ أن تَكونَ سَيِّدَ قُرَيشٍ ما كانَت قُرَيشٌ ؟ إنَّ حُسَيناً ومَن مَعَهُ - وهُم تِسعونَ إنساناً ما بَينَ رَجُلٍ وَامرَأَةٍ - فِي الطَّريقِ ، فَاردُدهُم ، وَاكتُب لَهُم ما أصابَني . ثُمَّ ضُرِبَ عُنُقُهُ .
فَقالَ عُمَرُ لِابنِ زِيادٍ : أتَدري ما قالَ لي : قالَ : اُكتُم عَلَى ابنِ عَمِّكَ ، قالَ : هُوَ أعظَمُ مِن ذلِكَ . قالَ : وما هُوَ ؟
قالَ : قالَ لي : إنَّ حُسَيناً أقبَلَ ، وهُم تِسعونَ إنساناً ما بَينَ رَجُلٍ وَامرَأَةٍ ، فَاردُدهُم وَاكتُب إلَيهِ بِما أصابَني .
فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : أما وَاللَّهِ إذ دَلَلتَ عَلَيهِ ، لا يُقاتِلُهُ أحَدٌ غَيرُكَ. ۱
۴۶۴.الأخبار الطوال : لَمّا اُدخِلَ [مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ] عَلَيهِ ، وقَدِ اكتَنَفَهُ الجَلاوِزَةُ ، قالوا لَهُ : سَلِّم عَلَى الأَميرِ . قالَ : إن كانَ الأَميرُ يُريدُ قَتلي فَما أنتَفِعُ بِسَلامٍ عَلَيهِ ! وإن كانَ لَم يُرِد ، فَسَيَكثُرُ عَلَيهِ سَلامي .
قالَ ابنُ زِيادٍ : كَأَنَّكَ تَرجُو البَقاءَ ؟ فَقالَ لَهُ مُسلِمٌ : فَإِن كُنتَ مُزمِعاً عَلى قَتلي ، فَدَعني اُوصِ إلى بَعضِ مَن هاهُنا مِن قَومي . قالَ لَهُ : أوصِ بِما شِئتَ .
فَنَظَرَ إلى عُمَرَ بنِ سَعدِ بنِ أبي وَقّاصٍ ، فَقالَ لَهُ : اُخلُ مَعي في طَرَفِ هذَا البَيتِ حَتّى اُوصِيَ إلَيكَ ، فَلَيسَ فِي القَومِ أقرَبُ إلَيَّ ولا أولى بي مِنكَ . فَتَنَحّى مَعَهُ ناحِيَةً، فَقالَ لَهُ : أتَقبَلُ وَصِيَّتي ؟ قالَ : نَعَم .
قالَ مُسلِمٌ : إنَّ عَلَيَّ هاهُنا دَيناً مِقدارَ ألفِ دِرهَمٍ ، فَاقضِ عَنّي ، وإذا أنَا قُتِلتُ فَاستَوهِب مِنِ ابنِ زِيادٍ جُثَّتي لِئَلّا يُمَثَّلَ بِها ، وَابعَث إلَى الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام رَسولاً قاصِداً مِن قِبَلِكَ يُعلِمهُ حالي ، وما صِرتُ إلَيهِ مِن غَدرِ هؤُلاءِ الَّذينَ يَزعُمونَ أنَّهُم شِيعَتُهُ ، وأخبِرهُ بِما كانَ مِن نَكثِهِم بَعدَ أن بايَعَني مِنهُم ثَمانِيَةَ عَشَرَ ألفَ رَجُلٍ ، لِيَنصَرِفَ إلى حَرَمِ اللَّهِ فَيُقيمَ بِهِ ، ولا يَغَتَرَّ بِأَهلِ الكوفَةِ . وقَد كانَ مُسلِمٌ كَتَبَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام أن يَقدَمَ ولا يَلبَثَ .
فَقالَ لَهُ عُمَرُ بنُ سَعدٍ : لَكَ عَلَيَّ ذلِكَ كُلُّهُ ، وأنا بِهِ زَعيمٌ . فَانصَرَفَ إلَى ابنِ زِيادٍ فَأَخبَرَهُ بِكُلِّ ما أوصى بِهِ إلَيهِ مُسلِمٌ .
فَقالَ لَهُ ابنُ زِيادٍ : قَد أسَأتَ في إفشائِكَ ما أسَرَّهُ إلَيكَ ، وقَد قيلَ : إنَّهُ لا يَخونُكَ إلّا الأَمينُ ، ورُبَّما ائتَمَنَكَ الخائِنُ ۲ . ۳
1.العقد الفريد : ج ۳ ص ۳۶۵ ، المحاسن والمساوئ : ص ۶۰ عن أبي معشر ، الإمامة والسياسة : ج ۲ ص ۱۰ وفيه «لعمر بن سعيد» ، المحن : ص ۱۴۵ ، جواهر المطالب : ج ۲ ص ۲۶۸ .
2.هكذا في المصدر ، والظاهر أنّه وقع فيه تصحيف ، والصواب : «إنّه لا يخونك الأمين ، وربما ائتمنتَ الخائن» وتؤيّد هذا المعنى نُقولٌ اُخرى كثيرة .
3.الأخبار الطوال : ص ۲۴۰ .