۴۸۳.تاريخ الطبري عن عون بن أبي جحيفة : قامَ مُحَمَّدُ بنُ الأَشعَثِ إلى عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ فَكَلَّمَهُ في هانِئِ بنِ عُروَةَ ، وقالَ : إنَّكَ قَد عَرَفتَ مَنزِلَةَ هانِئِ بنِ عُروَةَ فِي المِصرِ ، وبَيتَهُ فِي العَشيرَةِ ، وقَد عَلِمَ قَومُهُ أنّي وصاحِبي سُقناهُ إلَيكَ ، فَأَنشُدُكَ اللَّهَ لَمّا وَهَبتَهُ لي ، فَإِنّي أكرَهُ عَداوَةَ قَومِهِ ؛ هُم أعَزُّ أهلِ المِصرِ ، وعُدَدُ أهلِ اليَمَنِ !
قالَ : فَوَعَدَهُ أن يَفعَلَ ، فَلَمّا كانَ مِن أمرِ مُسلِمِ بنِ عَقيلٍ ما كانَ ، بَدا لَهُ فيهِ ، وأبى أن يَفِيَ لَهُ بِما قالَ .
قالَ : فَأَمَرَ بِهانِئِ بنِ عُروَةَ حينَ قُتِلَ مُسلِمُ بنُ عَقيلٍ ، فَقالَ : أخرِجوهُ إلَى السّوقِ ۱ فَاضرِبوا عُنُقَهُ ، قالَ : فَاُخرِجَ بِهانِئٍ حَتَّى انتَهى إلى مَكانٍ مِنَ السّوقِ كانَ يُباعُ فيهِ الغَنَمُ ، وهُوَ مَكتوفٌ ، فَجَعَلَ يَقولُ : وامَذحِجاه ، ولا مَذحِجَ لِيَ اليَومَ ، وامَذحِجاه ، أينَ مِنّي مَذحِجٌ ؟
فَلَمّا رَأى أنَّ أحَداً لا يَنصُرُهُ ، جَذَبَ يَدَهُ فَنَزَعَها مِنَ الكِتافِ ۲ ، ثُمَّ قالَ : أما مِن عَصاً أو سِكّينٍ أو حَجَرٍ أو عَظمٍ يُجاحِشُ ۳ بِهِ رَجُلٌ عَن نَفسِهِ .
قالَ : ووَثَبوا إلَيهِ فَشَدّوهُ وَثاقاً ، ثُمَّ قيلَ لَهُ : اُمدُد عُنُقَكَ ، فَقالَ : ما أنَا بِها مُجدٍ سَخِيٌّ ، وما أنَا بِمُعينِكُم عَلى نَفسي .
قالَ : فَضَرَبَهُ مَولىً لِعُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ - تُركِيٌّ يُقالُ لَهُ رَشيدٌ - بِالسَّيفِ فَلَم يَصنَع سَيفُهُ شَيئاً ، فَقالَ هانِئٌ : إلَى اللَّهِ المَعادُ ، اللَّهُمَّ إلى رَحمَتِكَ ورِضوانِكَ . ثُمَّ ضَرَبَهُ اُخرى فَقَتَلَهُ .
قالَ : فَبَصُرَ بِهِ عَبدُ الرَّحمنِ بنُ الحُصَينِ المُرادِيُّ بِخازِرَ ۴ ، وهُوَ مَعَ عُبَيدِ اللَّهِ بنِ زِيادٍ ، فَقالَ النّاسُ : هذا قاتِلُ هانِئِ بنِ عُروَةَ ، فَقالَ ابنُ الحُصَينِ : قَتَلَنِي اللَّهُ إن لَم أقتُلهُ أو اُقتَل دونَهُ ، فَحَمَلَ عَلَيهِ بِالرُّمحِ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ. ۵
1.راجع : الخريطة رقم ۱ في آخر الكتاب .
2.الكِتاف : الحَبلُ تُشدُّ به (المصباح المنير : ص ۵۲۵ «كتف») .
3.اُجاحِشُ : أي اُحامي واُدافع (النهاية : ج ۱ ص ۲۴۱ «جحش») .
4.خازِر : هو نهر بين إربل والموصل ، وهو موضع كانت عنده وقعة بين عبيد اللَّه بن زياد وإبراهيم بن مالك الأشتر في أيّام المختار ، ويومئذٍ قُتل ابن زياد ، وذلك سنه ۶۶ ه (معجم البلدان : ج ۲ ص ۳۳۷) وراجع: الخريطة رقم ۵ في آخر الكتاب .
5.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۷۸ ؛ الإرشاد : ج ۲ ص ۶۳ و ليس فيه ذيله من «قال : فبصر» ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۵۸ وراجع: الثقات لابن حبّان : ج ۲ ص ۳۰۸ وأنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۴۰ و الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۴ والملهوف : ص ۱۲۲ و إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۴ والمحبّر : ص ۴۸۰ .