۵۶۸.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : وأقبَلَ إلَيهِ [أي إلَى الحُسَينِ عليه السلام] عَبدُ اللَّهِ بنُ مُطيعٍ العَدَوِيُّ ، فَقالَ : جُعِلتُ فِداكَ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ، لا تَخرُج إلَى العِراقِ ، فَإِنَّ حُرمَتَكَ مِنَ اللَّهِ حُرمَةٌ ، وقَرابَتَكَ مِن رَسولِ اللَّهِ قَرابَةٌ ، وقَد قُتِلَ ابنُ عَمِّكَ بِالكوفَةِ ، وإنَّ بَني اُمَيَّةَ إن قَتَلوكَ لَم يَرتَدِعوا عَن حُرمَةِ اللَّهِ أن يَنتَهِكوها ، ولَم يَهابوا أحَداً بَعدَكَ أن يَقتُلوهُ ، فَاللَّهَ اللَّهَ أن تَفجَعَنا بِنَفسِكَ ! فَلَم يَلتَفِتِ الحُسَينُ عليه السلام إلى كَلامِهِ . ۱
6 / 15
عُمَرُ بنُ عَبدِ الرَّحمنِ ۲
۵۶۹.تاريخ الطبري عن عمر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي۳: لَمّا قَدِمَت كُتُبُ أهلِ العِراقِ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، وتَهَيَّأَ لِلمَسيرِ إلَى العِراقِ ، أتَيتُهُ فَدَخَلتُ عَلَيهِ وهُوَ بِمَكَّةَ ، فَحَمِدتُ اللَّهَ وأثنَيتُ عَلَيهِ ، ثُمَّ قُلتُ : أمّا بَعدُ ، فَإِنّي أتَيتُكَ يَابنَ عَمِّ لِحاجَةٍ اُريدُ ذِكرَها لَكَ نَصيحَةً ، فَإِن كُنتَتَرى أنَّكَ تَستَنصِحُني وإلّا كَفَفتُ عَمّا اُريدُ أن أقولَ .
فَقالَ : قُل ، فَوَاللَّهِ ما أظُنُّكَ بِسَيِّئِ الرَّأيِ ، ولا هَوٍ ۴ لِلقَبيحِ مِنَ الأَمرِ وَالفِعلِ .
قالَ : قُلتُ لَهُ : إنَّهُ قَد بَلَغَني أنَّكَ تُريدُ المَسيرَ إلَى العِراقِ ، وإنّي مُشفِقٌ عَلَيكَ مِن مَسيرِكَ ؛ إنَّكَ تَأتي بَلَداً فيهِ عُمّالُهُ واُمَراؤُهُ ، ومَعَهُم بُيوتُ الأَموالِ ، وإنَّمَا النّاسُ عَبيدٌ لِهذَا الدِّرهَمِ وَالدّينارِ ، ولا آمَنُ عَلَيكَ أن يُقاتِلَكَ مَن وَعَدَكَ نَصرَهُ ، ومَن أنتَ أحَبُّ إلَيهِ مِمَّن يُقاتِلُكَ مَعَهُ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : جَزاكَ اللَّهُ خَيراً يَابنَ عَمِّ ! فَقَد وَاللَّهِ عَلِمتُ أنَّكَ مَشَيتَ بِنُصحٍ ، وتَكَلَّمتَ بِعَقلٍ ، ومَهما يُقضَ مِن أمرٍ يَكُن ، أخَذتُ بِرَأيِكَ أو تَرَكتُهُ ، فَأَنتَ عِندي أحمَدُ مُشيرٍ ، وأنصَحُ ناصِحٍ .
قالَ : فَانصَرَفتُ مِن عِندِهِ فَدَخَلتُ عَلَى الحارِثِ بنِ خالِدِ بنِ العاصِ بنِ هِشامٍ ، فَسَأَلَني : هَل لَقيتَ حُسَيناً ؟ فَقُلتُ لَهُ : نَعَم .
قالَ : فَما قالَ لَكَ ؟ وما قُلتَ لَهُ ؟ قالَ : فَقُلتُ لَهُ : قُلتُ كَذا وكَذا ، وقالَ : كَذا وكَذا . فَقالَ : نَصَحتَهُ ورَبِّ المَروَةِ الشَّهباءِ ۵ ، أما ورَبِّ البَنِيَّةِ ، إنَّ الرَّأيَ لَما رَأَيتَهُ ، قَبِلَهُ أو تَرَكَهُ ، ثُمَّ قالَ :
رُبَّ مُستَنصَحٍ يَغُشُّ وَيُردي۶وَظنينٍ بِالغَيبِ يُلفى۷نصيحاً .۸
1.مقتل الحسين عليه السلام للخوارزمي : ج ۱ ص ۲۱۶ وراجع : الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۱۴ والأمالي للشجري : ج ۱ ص ۱۶۷ .
2.عمر بن عبد الرحمن بن الحارث القرشيّ المخزوميّ المدنيّ . تابعيّ ، أخوه أبوبكر بن عبد الرحمن أحد الفقهاء السبعة بالمدينة . قيل : مات يوم مات عمر ، ولكن الأصحّ أنّه ولد في هذا اليوم . قيل : استعمله ابن الزبير على الكوفة فخدعه المختار فانصرف عنه ، ثمّ صار مع الحجّاج ، ومات بالعراق ، فعليه تأخّر موته إلى حدود السبعين (راجع : الثقات لابن حبّان : ج ۵ ص ۱۴۷ وتهذيب الكمال : ج ۲۱ ص ۴۲۴ وتقريب التهذيب : ص ۷۲۳) .
3.هناك وجوه شبه بين الكلام الذي نُقل عنه والكلام الذي نُقل عن أخيه أبي بكر بن عبد الرحمن ، ولا يستبعد وقوع الخلط فيما بينهما (راجع : ص ۵۴۳ «أبو بكر بن عبد الرحمن») .
4.هَوِيَهُ هَوَىً فهو هَوٍ : أحبّهُ (القاموس المحيط : ج ۴ ص ۴۰۴ «هوي») .
5.الشهباء : البيضاء (لسان العرب : ج ۱ ص ۵۰۸ «شهب») .
6.رَدِي رَدىً - من باب تَعِبَ - : هَلَكَ ، ويتعدّى بالهمز (المصباح المنير : ص ۲۲۵ «ردى») .
7.ألفيت الشيء : إذا وجدته وصادفته ولقيته (النهاية : ج ۴ ص ۲۶۲ «لفا») .
8.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۸۲ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۴۵ ، الفصول المهمّة : ص ۱۸۳ كلاهما نحوه وفيهما إلى «أنصح ناصح» .