۶۱۴.مروج الذهب : بَلَغَ ابنَ الزُّبَيرِ أنَّهُ [أيِ الحُسَينَ عليه السلام] يُريدُ الخُروجَ إلَى الكوفَةِ ، وهُوَ أثقَلُ النّاسِ عَلَيهِ ، قَد غَمَّهُ مَكانُهُ بِمَكَّةَ ؛ لِأَنَّ النّاسَ ما كانوا يَعدِلونَهُ بِالحُسَينِ عليه السلام ، فَلَم يَكُن شَيءٌ يُؤتاهُ أحَبَّ إلَيهِ مِن شُخوصِ الحُسَينِ عليه السلام عَن مَكَّةَ ، فَأَتاهُ فَقالَ : أبا عَبدِ اللَّهِ ، ما عِندَكَ ؟ فَوَاللَّهِ لَقَد خِفتُ اللَّهَ في تَركِ جِهادِ هؤُلاءِ القَومِ عَلى ظُلمِهِم وَاستِذلالِهِمُ الصّالحينَ مِن عِبادِ اللَّهِ .
فَقالَ حُسَينٌ عليه السلام : قَد عَزَمتُ عَلى إتيانِ الكوفَةِ . فَقالَ : وَفَّقَكَ اللَّهُ ، أما لَو أنَّ لي بِها مِثلَ أنصارِكَ ما عَدَلتُ عَنها . ثُمَّ خافَ أن يَتَّهِمَهُ ، فَقالَ : ولَو أقَمتَ بِمَكانِكَ فَدَعَوتَنا وأهلَ الحِجازِ إلى بَيعَتِكَ ، أجَبناكَ وكُنّا إلَيكَ سِراعاً ، وكُنتَ أحَقَّ بِذلِكَ مِن يَزيدَ وأبي يَزيدَ . ۱
۶۱۵.أنساب الأشراف : عَرَضَ ابنُ الزُّبَيرِ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام أن يُقيمَ بِمَكَّةَ فَيُبايِعَهُ ويُبايِعَهُ النّاسُ ، وإنَّما أرادَ بِذلِكَ ألّا يَتَّهِمَهُ وأن يُعذِرَ فِي القَولِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : لَأَن اُقتَلَ خارِجاً مِن مَكَّةَ بِشِبرٍ أحَبُّ إلَيَّ مِن أن اُقتَلَ فيها، ولَأَن اُقتَلَ خارِجاً مِنها بِشِبرَينِ أحَبُّ إلَيَّ مِن أن اُقتَلَ خارِجاً مِنها بِشِبرٍ . ۲
۶۱۶.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : خَرَجَ الحُسَينُ عليه السلام وعَبدُ اللَّهِ بنُ الزُّبَيرِ مِن لَيلَتِهِما إلى مَكَّةَ ، فَأَصبَحَ النّاسُ فَغَدَوا عَلَى البَيعَةِ لِيَزيدَ ، وطُلِبَ الحُسَينُ عليه السلام وابنُ الزُّبَيرِ فَلَم يوجَدا ، فَقالَ المِسوَرُ بنُ مَخرَمَةَ : عَجَّلَ أبو عَبدِ اللَّهِ ، وابنُ الزُّبَيرِ الآنَ يَلفِتُهُ ۳ ويُزجيهِ إلَى العِراقِ لِيَخلُوَ بِمَكَّةَ .
فَقَدِما مَكَّةَ ، فَنَزَلَ الحُسَينُ عليه السلام دارَ العَبّاسِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ ، ولَزِمَ ابنُ الزُّبَيرِ الحِجرَ ولَبِسَ المَعافِرِيَّ ۴ ، وجَعَلَ يُحَرِّضُ النّاسَ عَلى بَني اُمَيَّةَ ، وكانَ يَغدو ويَروحُ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ويُشيرُ عَلَيهِ أن يَقدَمَ العِراقَ ، ويَقولُ : هُم شيعَتُكَ وشيعَةُ أبيكَ ، وكانَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَبّاسٍ يَنهاهُ عَن ذلِكَ ، ويَقولُ : لا تَفعَل ، وقالَ لَهُ عَبدُ اللَّهِ بنُ مُطيعٍ : أي فِداكَ أبي واُمّي مَتِّعنا بِنَفسِكَ ، ولا تَسِر إلَى العِراقِ ، فَوَاللَّهِ لَئِن قَتَلَكَ هؤُلاءِ القَومُ لَيَتَّخِذُنّا خَوَلاً ۵ وعَبيداً . ۶
1.مروج الذهب : ج ۳ ص ۶۵ .
2.أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۷۵ .
3.لَفَتَه : صرفه (الصحاح : ج ۱ ص ۲۶۴ «لفت») .
4.المعافري : هي بُرود باليمن منسوبة إلى معافِر ؛ وهي قبيلة باليمن (النهاية : ج ۳ ص ۲۶۲ «عفر») .
5.خَوَلاً : أي خدماً (النهاية : ج ۲ ص ۸۸ «خول») .
6.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۴۳ ، تهذيب الكمال : ج ۶ ص ۴۱۵ ، تاريخ دمشق : ج ۱۴ ص ۲۰۷ ، بغية الطلب في تاريخ حلب : ج ۶ ص ۲۶۰۸ ، سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۲۹۵ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۵ ص ۷ كلاهما نحوه ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۶۲ .