629
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
628

۶۶۳.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) عن الفرزدق : لَقيتُ حُسَيناً عليه السلام ، فَقُلتُ : بِأَبي أنتَ ! لَو أقَمتَ حَتّى‏ يَصدُرَ النّاسُ ، لَرَجَوتُ أن يَتَقَصَّفَ ۱
أهلُ المَوسِمِ مَعَكَ . فَقالَ : لَم آمَنهُم يا أبا فِراسٍ .
قالَ : فَدَخَلتُ مَكَّةَ ، فَإِذا فُسطاطٌ ۲ وهَيئَةٌ ، فَقُلتُ: لِمَن هذا ؟ قالوا : لِعَبدِ اللَّهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ ، فَأَتَيتُهُ فَإِذا شَيخٌ أحمَرُ ، فَسَلَّمتُ ، فَقالَ : مَن ؟ قُلتُ : الفَرَزدَقُ ، أتَرى‏ أن أنصُرَ حُسَيناً عليه السلام ؟ قالَ : إذاً تُصيبَ أجراً وذُخراً ، قُلتُ : بِلا دُنيا ؟! فَأَطرَقَ ثُمَّ قالَ : يَا بنَ غالِبٍ ، لَتَتِمَّنَّ خِلافَةُ يَزيدَ ، فَانظُرَن . فَكَرِهتُ ما قالَ .
قالَ : فَسَبَبتُ يَزيدَ ومُعاوِيَةَ ، قالَ : مَه! قَبَّحَكَ اللَّهُ . فَغَضِبتُ فَشَتَمتُهُ وقُمتُ ، ولَو حَضَرَ حَشَمُهُ ۳ لَأَوجَعوني . فَلَمّا قَضَيتُ الحَجَّ رَجَعتُ ، فَإِذا عيرٌ ، فَصَرَختُ : ألا ما فَعَلَ الحُسَينُ عليه السلام ؟ فَرَدّوا عَلَيَّ : ألا قُتِلَ . ۴

۶۶۴.تاريخ الطبري عن الفرزدق بن غالب : حَجَجتُ بِاُمّي ، فَأَنَا أسوقُ بَعيرَها حينَ دَخَلتُ الحَرَمَ في أيّامِ الحَجِّ ، وذلِكَ في سَنَةِ سِتّينَ ، إذ لَقيتُ الحُسَينَ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام خارِجاً مِن مَكَّةَ ، مَعَهُ أسيافُهُ وتِراسُهُ ، فَقُلتُ : لِمَن هذَا القِطارُ ؟ فَقيلَ : لِلحُسَينِ بنَ عَلِيٍّ عليه السلام ، فَأَتَيتُهُ فَقُلتُ : بِأَبي واُمّي يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ! ما أعجَلَكَ عَنِ الحَجِّ ؟ فَقالَ : لَو لَم أعجَل لَاُخِذتُ .
قالَ : ثُمَّ سَأَلَني : مِمَّن أنتَ ؟ فَقُلتُ لَهُ : اُمرُؤٌ مِنَ العِراقِ ؛ قالَ : فَوَاللَّهِ ما فَتَّشَني عَن أكثَرَ مِن ذلِكَ ، وَاكتَفى‏ بِها مِنّي ، فَقالَ : أخبِرني عَنِ النّاسِ خَلفَكَ ؟
قالَ : فَقُلتُ لَهُ : القُلوبُ مَعَكَ ، وَالسُّيوفُ مَع بَني اُمَيَّةَ ، وَالقَضاءُ بِيَدِ اللَّهِ .
قالَ : فَقالَ لي : صَدَقتَ . قالَ : فَسَأَلتُهُ عَن أشياءَ ، فَأَخبَرَني بِها مِن نُذورٍ ومَناسِكَ ... .
قالَ : ثُمَّ مَضَيتُ فَإِذا بِفُسطاطٍ مَضروبٍ فِي الحَرَمِ ، وهَيئَتُهُ حَسَنَةٌ ، فَأَتَيتُهُ فَإِذا هُوَ لِعَبدِ اللَّهِ بنِ عَمرِو بنِ العاصِ ، فَسَأَلَني ، فَأَخبَرتُهُ بِلِقاءِ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام .
فَقالَ لي : وَيلَكَ ! فَهَلَّا اتَّبَعتَهُ ، فَوَاللَّهِ لَيَملِكَنَّ ، ولا يَجوزُ السِّلاحُ فيهِ ولا في أصحابِهِ .
قالَ : فَهَمَمتُ وَاللَّهِ أن ألحَقَ بِهِ ، ووَقَعَ في قَلبي مَقالَتُهُ ، ثُمَّ ذَكَرتُ الأَنبِياءَ وقَتلَهُم ، فَصَدَّني ذلِكَ عَنِ اللَّحاقِ بِهِم ، فَقَدِمتُ عَلى‏ أهلي بِعُسفانَ ۵ .
قالَ : فَوَاللَّهِ إنّي لَعِندَهُم إذ أقبَلَت عيرٌ قَدِ امتارَت ۶ مِنَ الكوفَةِ ، فَلَمّا سَمِعتُ بِهِم خَرَجتُ في آثارِهِم ، حَتّى‏ إذا أسمَعتُهُمُ الصَّوتَ ، وعَجِلتُ عَن إتيانِهِم صَرَختُ بِهِم : ألا ما فَعَلَ الحُسَينُ بنُ عَلِيٍّ عليه السلام ؟ قالَ : فَرَدّوا عَلَيَّ : ألا قَد قُتِلَ ، قالَ : فَانصَرَفتُ وأنَا ألعَنُ عَبدَ اللَّهِ بنَ عَمرِو بنِ العاصِ .
قالَ : وكانَ أهلُ ذلِكَ الزَّمانِ يَقولونَ ذلِكَ الأَمرَ ، ويَنتَظِرونَهُ في كُلِّ يَومٍ ولَيلَةٍ .
قالَ : وكانَ عَبدُ اللَّهِ بنُ عَمرٍو يَقولُ : لا تَبلُغُ الشَّجَرَةُ ولَا النَّخلَةُ ولَا الصَّغيرُ حَتّى‏ يَظهَرَ هذَا الأَمرُ .
قالَ : فَقُلتُ لَهُ : فَما يَمنَعُكَ أن تَبيعَ الوَهطَ ؟ قالَ : فَقالَ لي : لَعنَةُ اللَّهِ عَلى‏ فُلانٍ - يَعني مُعاوِيَةَ - وعَلَيكَ .
قالَ : فَقُلتُ : لا ، بَل عَلَيكَ لَعنَةُ اللَّهِ ؛ قالَ : فَزادَني مِنَ اللَّعنِ ، ولَم يَكُن عِندَهُ مِن حَشَمِهِ أحَدٌ فَأَلقى‏ مِنهُم شَرّاً . قالَ : فَخَرَجتُ وهُوَ لا يَعرِفُني .
وَالوَهطُ : حائِطٌ لِعَبدِ اللَّهِ بنِ عَمرٍو بِالطّائِفِ ؛ قالَ : وكانَ مُعاوِيَةُ قَد ساوَمَ بِهِ عَبدَ اللَّهِ بنَ عَمرٍو ، وأعطاهُ بِهِ مالاً كَثيراً ، فَأَبى‏ أن يَبيعَهُ بِشَي‏ءٍ . ۷

1.القصف : الكسر والدفع الشديد لفرط الزحام ، ويتقصّف عليه أبناؤهم ، أي يزدحمون (النهاية : ج ۴ ص ۷۳ «قصف») .

2.الفُسْطَاطُ : ضرب من الأبنية في السفر دون السرادق (النهاية : ج ۳ ص ۴۴۵ «فسط») .

3.حَشَمُ الرجل : خَدَمُه ومن يغضب له (الصحاح : ج ۵ ص ۱۹۰۰ «حشم») .

4.الطبقات الكبرى (الطبقة الخامسة من الصحابة) : ج ۱ ص ۴۵۵ الرقم ۴۳۸ وراجع : الرقم ۴۳۷ و سير أعلام النبلاء : ج ۳ ص ۲۹۳ .

5.عُسْفان : منهلة من مناهل الطريق بين الجحفة ومكّة ، وهي من مكّة على مرحلتين (معجم البلدان : ج ۴ ص ۱۲۱) وراجع : الخريطة رقم ۳ في آخر الكتاب .

6.المِيرَة : جلب الطعام ، مارَ عِيالَهُ وَامتارَ لَهم (القاموس المحيط : ج‏۲ ص‏۱۳۷ «الميرة») .

7.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۳۸۶ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۶۷ نحوه وليس فيه ذيله من «قال : وكان أهل» .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 349655
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي