۶۸۳.الملهوف : حَدَّثَ جَماعَةٌ مِن بَني فَزارَةَ وبَجيلَةَ قالوا : كُنّا مَعَ زُهَيرِ بنِ القَينِ لَمّا أقبَلنا مِن مَكَّةَ ، فَكُنّا نُسايِرُ الحُسَينَ عليه السلام ، وما شَيءٌ أكرَهَ إلَينا مِن مُسايَرَتِهِ ، لِأَنَّ مَعَهُ نِسوانَهُ ، فَكانَ إذا أرادَ النُّزولَ اعتَزَلناهُ ، فَنَزَلنا ناحِيَةً .
فَلَمّا كانَ في بَعضِ الأَيّامِ نَزَلَ في مَكانٍ ، فَلَم نَجِد بُدّاً مِن أن نُنازِلَهُ فيهِ ، فَبَينَما نَحنُ نَتَغَدّى بِطَعامٍ لَنا إذ أقبَلَ رَسولُ الحُسَينِ عليه السلام حَتّى سَلَّمَ عَلَينا .
ثُمَّ قالَ : يا زُهَيرُ بنُ القَينِ ، إنَّ أبا عَبدِ اللَّهِ عليه السلام بَعَثَني إلَيكَ لِتَأتِيَهُ . فَطَرَحَ كُلُّ إنسانٍ مِنّا ما في يَدِهِ ، حَتّى كَأَنَّما عَلى رُؤوسِنا الطَّيرُ .
فَقالَت لَهُ زَوجَتُهُ - وهِيَ دَيلَمُ بِنتُ عَمرٍو - : سُبحانَ اللَّهِ ! أَيبعَثُ إلَيكَ ابنُ رَسولِ اللَّهِ ثُمَّ لا تَأتيهِ ؟ ! فَلَو أتَيتَهُ فَسَمِعتَ مِن كَلامِهِ . فَمَضى إلَيهِ زُهَيرٌ .
فَما لَبِثَ أن جاءَ مُستَبشِراً قَد أشرَقَ وَجهُهُ ، فَأَمَرَ بِفُسطاطِهِ فَقُوِّضَ ، وبِثَقَلِهِ ومَتاعِهِ فَحُوِّلَ إلَى الحُسَينِ عليه السلام ، وقالَ لِامرَأَتِهِ : أنتِ طالِقٌ ؛ فَإِنّي لا اُحِبُّ أن يُصيبَكِ بِسَبَبي إلّا خَيرٌ ، وقَد عَزَمتُ عَلى صُحبَةِ الحُسَينِ عليه السلام لِأَفدِيَهُ بِروحي ، وأقِيَهُ بِنَفسي . ثُمَّ أعطاها مالَها ، وسَلَّمَها إلى بَعضِ بَني عَمِّها لِيوصِلَها إلى أهلِها .
فَقامَت إلَيهِ ووَدَّعَتهُ وبَكَت ، وقالَت : خارَ اللَّهُ لَكَ ، أسأَلُكَ أن تَذكُرَني فِي القِيامَةِ عِندَ جَدِّ الحُسَينِ عليه السلام .
ثُمَّ قالَ لِأَصحابِهِ : مَن أحَبَّ مِنكُم أن يَصحَبَني ، وإلّا فَهُوَ آخِرُ العَهدِ مِنّي بِهِ . ۱