۷۱۱.مقاتل الطالبيّين عن أبي مخنف : إنَّ عُبَيدَ اللَّهِ بنَ زِيادٍ وَجَّهَ الحُرَّ بنَ يَزيدَ لِيَأخُذَ الطَّريقَ عَلَى الحُسَينِ عليه السلام ، فَلَمّا صارَ في بَعضِ الطَّريقِ لَقِيَهُ أعرابِيّانِ مِن بَني أسَدٍ ، فَسَأَلَهُما عَنِ الخَبَرِ ، فَقالا لَهُ : يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ! إنَّ قُلوبَ النّاسِ مَعَكَ ، وسُيوفَهُم عَلَيكَ ، فَارجِع . وأخبَراهُ بِقَتلِ ابنِ عَقيلٍ وأصحابِهِ ، فَاستَرجَعَ الحُسَينُ عليه السلام .
فَقالَ لَهُ بَنو عَقيلٍ : لا نَرجِعُ وَاللَّهِ أبَداً ، أو نُدرِكَ ثَأرَنا ، أو نُقتَلَ بِأَجمَعِنا .
فَقالَ لِمَن كانَ لَحِقَ بِهِ مِنَ الأَعرابِ : مَن كانَ مِنكُم يُريدُ الاِنصِرافَ عَنّا فَهُوَ في حِلٍّ مِن بَيعَتِنا . فَانصَرَفوا عَنهُ ، وبَقِيَ في أهلِ بَيتِهِ ونَفَرٍ مِن أصحابِهِ .
ومَضى حَتّى دَنا مِنَ الحُرِّ بنِ يَزيدَ ، فَلَمّا عايَنَ أصحابُهُ العَسكَرَ مِن بَعيدٍ كَبَّروا ، فَقالَ لَهُمُ الحُسَينُ عليه السلام : ما هذَا التَّكبيرُ ؟ قالوا : رَأَينَا النَّخلَ ، فَقالَ بَعضُ أصحابِهِ : ما بِهذَا المَوضِعِ وَاللَّهِ نَخلٌ ، ولا أحسَبُكُم تَرَونَ إلّا هَوادِيَ الخَيلِ وأطرافَ الرِّماحِ .
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : وأنا وَاللَّهِ أرى ذلِكَ .
فَمَضَوا لِوُجوهِهِم ، ولَحِقَهُمُ الحُرُّ بنُ يَزيدَ في أصحابِهِ ، فَقالَ لِلحُسَينِ عليه السلام : إنّي اُمِرتُ أن اُنزِلَكَ في أيِّ مَوضِعٍ لَقيتُكَ ، واُجَعجِعَ بِكَ ، ولا أترُكَكَ أن تَزولَ مِن مَكانِكَ .
قالَ : إذاً اُقاتِلَكَ ، فَاحذَر أن تَشقى بِقَتلي ثَكِلَتكَ اُمُّكَ !
فَقالَ : أما وَاللَّهِ لَو غَيرُكَ مِنَ العَرَبِ يَقولُها - وهُوَ عَلى مِثلِ الحالِ الَّتي أنتَ عَلَيها - ما تَرَكتُ ذِكرَ اُمِّهِ بِالثُّكلِ أن أقولَهُ كائِناً مَن كانَ ، ولكِن - وَاللَّهِ - ما لي إلى ذِكرِ اُمِّكَ مِن سَبيلٍ إلّا بِأَحسنِ ما يُقدَرُ عَلَيهِ .
وأقبَلَ يَسيرُ وَالحُرُّ يُسايِرُهُ ويَمنَعُهُ مِنَ الرُّجوعِ مِن حَيثُ جاءَ ، ويَمنَعُ الحُسَينُ عليه السلام مِن دُخولِ الكوفَةِ ، حَتّى نَزَلَ بِأَقساسِ مالِكٍ ۱ ، وكَتَبَ الحُرُّ إلى عُبَيدِ اللَّهِ يُعلِمُهُ ذلِكَ . ۲