673
الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام

7 / 28

خُطبَةُ الإِمامِ عليه السلام في ذي حُسُمٍ ۱

۷۱۵.تاريخ الطبري عن عقبة بن أبي العَيزار : قامَ حُسَينٌ عليه السلام بِذي حُسُمٍ ، ۲ فَحَمِدَ اللَّهَ وأثنى‏ عَلَيهِ ثُمَّ قالَ : إنَّهُ قَد نَزَلَ مِنَ الأَمرِ ما قَد تَرَونَ ، وإنَّ الدُّنيا قَد تَغَيَّرَت وتَنَكَّرَت ، وأدبَرَ مَعروفُها وَاستَمَرَّت جِدّاً ، فَلَم يَبقَ مِنها إلّا صُبابةٌ كَصُبابَةِ الإِناءِ ، وخَسيسُ عَيشٍ كَالمَرعى‏ الوَبيلِ. ۳ ألا تَرَونَ أنَّ الحَقَّ لا يُعمَلُ بِهِ ، وأنَّ الباطِلَ لا يُتَناهى‏ عَنهُ ! لِيَرغَبِ المُؤمِنُ في لِقاءِ اللَّهِ مُحِقّاً ؛ فَإِنّي لا أرى‏ المَوتَ إلّا شَهادَةً ، ولا الحَياةَ مَعَ الظّالِمينَ إلّا بَرَماً . ۴
قالَ : فَقامَ زُهَيرُ بنُ القَينِ البَجَلِيُّ فَقالَ لِأَصحابِهِ : تَكَلَّمونَ أم أتَكَلَّمُ ؟ قالوا : لا ، بل تَكَلَّم ، فَحَمِدَ اللَّهَ فَأَثنى‏ عَلَيهِ ثُمَّ قالَ : قَد سَمِعنا - هَداكَ اللَّهُ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ - مَقالَتَكَ ، وَاللَّهِ لَو كانَتِ الدُّنيا لَنا باقِيَةً وكُنّا فيها مُخَلَّدينَ ، إلّا أنَّ فِراقَها في نَصرِكَ ومُواساتِكَ ، لَآثَرنَا الخُروجَ مَعَكَ عَلَى الإِقامَةِ فيها . قالَ : فَدَعا لَهُ الحُسَينُ عليه السلام ثُمَّ قالَ لَهُ خَيراً . ۵

1.هناك خلاف في تحديد مكان الخطبة، فقيل : ذي حسم (تاريخ الطبري) ، أو عذيب الهجانات (ظاهر الملهوف) ، أو في مسير كربلاء (تحف العقول) ، أو في كربلاء بعد ورود عمر بن سعد و اقتراب الحرب (المعجم الكبير) ، والمعتمد لدينا في عملنا هو تاريخ الطبري .

2.موضع بين شراف والبيضة (راجع : الخريطة رقم ۴ في آخر الكتاب) .

3.الوَبيلُ من المرعى : الوَخيم (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۷۲۰ «وبل») .

4.بَرَماً : مصدر برِم به : سئمهُ وملّه (النهاية : ج ۱ ص ۱۲۱ «برم») .

5.تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۰۳ ؛ مثير الأحزان : ص ۴۴ عن عتبة بن أبي العبران وليس فيه ذيله من «قال : فقام زهير» .


الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
672

۷۱۳.الإرشاد : سارَ الحُسَينُ عليه السلام وسارَ الحُرُّ في أصحابِهِ يُسايِرُهُ وهُوَ يَقولُ لَهُ : يا حُسَينُ ، إنّي اُذَكِّرُكَ اللَّهَ في نَفسِكَ ؛ فَإِنّي أشهَدُ لَئِن قاتَلتَ لَتُقتَلَنَّ .
فَقالَ لَهُ الحُسَينُ عليه السلام : أفَبِالمَوتِ تُخَوِّفُني ؟ وهَل يَعدو بِكُمُ الخَطبُ أن تَقتُلوني ؟ وسَأَقولُ كَما قالَ أخُو الأَوسِ لاِبنِ عَمِّهِ ، وهُوَ يُريدُ نُصرَةَ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فَخَوَّفَهُ ابنُ عَمِّهِ ، وقالَ : أينَ تَذهَبُ ، فَإِنَّكَ مَقتولٌ ؟! فَقالَ :
سَأَمضي‏فَما بِالمَوتِ عارٌ عَلَى‏الفَتى‏إذا ما نَوى‏ حَقّاً وجاهَدَ مُسلِما
وآسى‏ الرِّجالَ الصّالِحينَ بِنَفسِهِ‏وفارَقَ مَثبوراً وباعَدَ مُجرِما
فَإِن عِشتُ لَم أندَم وإن مِتُّ لَم اُلَم‏كَفى‏ بِكَ ذُلّاً أن تَعيشَ وتُرغَما
فَلَمّا سَمِعَ ذلِكَ الحُرُّ تَنَحّى‏ عَنهُ ، فَكانَ يَسيرُ بِأَصحابِهِ ناحِيَةً ، وَالحُسَينُ عليه السلام في ناحِيَةٍ اُخرى‏ ، حَتَّى انتَهَوا إلى‏ عُذَيبِ الهِجاناتِ . ۱

۷۱۴.الأمالي للصدوق عن عبداللَّه بن منصور عن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين عن أبيه عن جدّه [زين العابدين‏] عليهم السلام : إنَّ الحُسَينَ عليه السلام قَد نَزَلَ الرُّهَيمَةَ ، فَأَسرى‏ [ابنُ زيادٍ ]إلَيهِ الحُرَّ بنَ يَزيدَ في ألفِ فارِسٍ .
قالَ الحُرُّ : فَلَمّا خَرَجتُ مِن مَنزِلي مُتَوَجِّهاً نَحوَ الحُسَينِ عليه السلام نُوديتُ ثَلاثاً : يا حُرُّ ! أبشِر بِالجَنَّةِ ، فَالتَفَتُّ فَلَم أرَ أحَداً ، فَقُلتُ : ثَكِلَتِ الحُرَّ اُمُّهُ ؛ يَخرُجُ إلى‏ قِتالِ ابنِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ويُبَشَّرُ بِالجَنَّةِ ! فَرَهِقَهُ عِندَ صَلاةِ الظُّهرِ ، فَأَمَرَ الحُسَينُ عليه السلام ابنَهُ ، فَأَذَّنَ وأقامَ ، وقامَ الحُسَينُ عليه السلام فَصَلّى‏ بِالفَريقَينِ جَميعاً ، فَلَمّا سَلَّمَ وَثَبَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ فَقالَ : اَلسَّلامُ عَلَيكَ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ورَحمَةُ اللَّهِ وبَرَكاتُهُ ، فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : وعَلَيكَ السَّلامُ ، مَن أنتَ يا عَبدَ اللَّهِ ؟ فَقالَ : أنَا الحُرُّ بنُ يَزيدَ . فَقالَ : يا حُرُّ ، أعَلَينا أم لَنا ؟
فَقالَ الحُرُّ : وَاللَّهِ يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ، لَقَد بُعِثتُ لِقِتالِكَ ، وأعوذُ بِاللَّهِ أن اُحشَرَ مِن قَبري وناصِيَتي مَشدودَةٌ إلَيَّ ، ويَدي مَغلولَةٌ إلى‏ عُنُقي ، واُكَبَّ عَلى‏ حُرِّ وَجهي فِي النّارِ . يَابنَ رَسولِ اللَّهِ ، أينَ تَذهَبُ ؟ ! اِرجِع إلى‏ حَرَمِ جَدِّكَ ؛ فَإِنَّكَ مَقتولٌ ، فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام :
سَأَمضي‏فَما بِالمَوتِ‏عارٌ عَلَى‏الفَتى‏إذا ما نَوى‏ حَقّاً وجاهَدَ مُسلِما
وواسى‏ الرِّجالَ الصّالِحينَ بِنَفسِهِ‏وفارَقَ مَثبوراً۲وخالَفَ مُجرِما
فَإِن مِتُّ لَم أندَم وإن عِشتُ لَم اُلَم‏كَفى‏ بِكَ ذُلّاً أن تَموتَ وتُرغَما .۳

1.الإرشاد : ج ۲ ص ۸۱ ، روضة الواعظين : ص ۱۹۸ ، إعلام الورى : ج ۱ ص ۴۴۹ نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۷۸ ؛ تاريخ الطبري : ج ۵ ص ۴۰۴ عن عقبة بن أبي العيزار ، أنساب الأشراف : ج ۳ ص ۳۸۲ ، الكامل في التاريخ : ج ۲ ص ۵۵۳ ، البداية والنهاية : ج ۸ ص ۱۷۳ والأربعة الأخيرة نحوه .

2.الثُّبور : الهلاك (النهاية : ج ۱ ص ۲۰۶ «ثبر») .

3.الأمالي للصدوق : ص ۲۱۸ ح ۲۳۹ ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۳۱۴ ح ۱ وراجع : الحدائق الورديّة : ج ۱ ص ۱۱۳ .

  • نام منبع :
    الصّحیح من مقتل سیّد الشّهداء و أصحابه علیهم السّلام
عدد المشاهدين : 344776
الصفحه من 850
طباعه  ارسل الي