۷۲۱.الفتوح : أصبَحَ الحُسَينُ عليه السلام مِن وَراءِ عُذَيبِ الهِجاناتِ ۱ ... فَقالَ لَهُ زُهَيرٌ : فَسِر بِنا حَتّى نَصيرَ بِكَربَلاءَ ؛ فَإِنَّها عَلى شاطِئِ الفُراتِ فَنَكونَ هُنالِكَ ، فَإِن قاتَلونا قاتَلناهُم وَاستَعَنّا بِاللَّهِ عَلَيهِم .
قالَ : فَدَمِعَت عَينا الحُسَينِ عليه السلام ، ثُمَّ قالَ : اللَّهُمَّ ، ثُمَّ اللَّهُمَّ ، إنّي أعوذُ بِكَ مِنَ الكَربِ وَالبَلاءِ .
قالَ : ونَزَلَ الحُسَينُ عليه السلام في مَوضِعِهِ ذلِكَ ، ونَزَلَ الحُرُّ بنُ يَزيدَ حِذاءَهُ في ألفِ فارِسٍ ، ودَعَا الحُسَينُ عليه السلام بِدَواةٍ وبَياضٍ ، وكَتَبَ إلى أشرافِ الكوفَةِ مِمَّن كانَ يَظُنَّ أنَّهُ عَلى رَأيِهِ :
بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ ، مِنَ الحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ إلى سُلَيمانَ بنِ صُرَدٍ ، وَالمُسَيَّبِ بنِ نُجبَةَ ، ورَفاعَةَ بنِ شَدّادٍ ، وعَبدِ اللَّهِ بنِ والٍ ، وجَماعَةِ المُؤمِنينَ .
أمّا بَعدُ ، فَقَد عَلِمتُم أنَّ رَسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله قَد قالَ في حَياتِهِ : «مَن رَأى سُلطاناً جائِراً ، مُستَحِلّاً لِحَرامٍ ، أو تارِكاً لِعَهدِ اللَّهِ ومُخالِفاً لِسُنَّةِ رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فَعَمِلَ في عِبادِ اللَّهِ بِالإِثمِ وَالعُدوانِ ، ثُمَّ لَم يُغَيِّر عَلَيهِ بِقَولٍ ولا فِعلٍ ، كانَ حَقّاً عَلَى اللَّهِ أن يُدخِلَهُ مُدخَلَهُ» .
وقَد عَلِمتُم أنَّ هؤُلاءِ لَزِموا طاعَةَ الشَّيطانِ ، وتَوَلَّوا عَن طاعَةِ الرَّحمنِ ، وأظهَرُوا الفَسادَ ، وعَطَّلُوا الحُدودَ ، وَاستَأثَروا بِالفَيءِ ، وأحَلّوا حَرامَ اللَّهِ ، وحَرَّموا حَلالَهُ ، وأنَا أحَقُّ مِن غَيري بِهذَا الأَمرِ ؛ لِقَرابَتي مِن رَسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، وقَد أتَتني كُتُبُكُم ، وقَدِمَت عَلَيَّ رُسُلُكُم بِبَيعَتِكُم أنَّكُم لا تَخذُلونّي ، فَإِن وَفَيتُم لي بِبَيعَتِكُم فَقَدِ استَوفَيتُم حَقَّكُم وحَظَّكُم ورُشدَكُم ، ونَفسي مَعَ أنفُسِكُم ، وأهلي ووُلدي مَعَ أهاليكُم وأولادِكُم ، فَلَكُم فِيَّ اُسوَةٌ .
وإن لَم تَفعَلوا ونَقَضتُم عَهدَكُم ومَواثيقَكُم ، وخَلَعتُم بَيعَتَكُم ، فَلَعَمري ما هِيَ مِنكُم بِنُكرٍ ، لَقَد فَعَلتُموها بِأَبي وأخي وابنِ عَمّي ، هَلِ المَغرورُ إلّا مَنِ اغتَرَّ بِكُم ، فَإِنَّما حَقَّكُم أخطَأتُم ونَصيبَكُم ضَيَّعتُم ، ومَن نَكَثَ فَإِنَّما يَنكُثُ عَلى نَفسِهِ ، وسَيُغنِي اللَّهُ عَنكُم ، وَالسَّلامُ .
قالَ : ثُمَّ طَوى الكِتابَ وخَتَمَهُ ، ودَفَعَهُ إلى قَيسِ بنِ مُسهِرٍ الصَّيداوِيِّ ، وأمَرَهُ أن يَسيرَ إلَى الكوفَةِ . ۲